تلقي فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية- ببالغ الحزن والأسي- نبأ مقتل إخوة لنا في الوطن علي يد منشقي القاعدة بليبيا الشقيقة. وأوضح فضيلة المفتي في بيان أصدره صباح اليوم أن المصريين ومعهم دول العالم قد تلقوا نبأ هذا الفعل الإجرامي الوحشي ببالغ الأسي والاستنكار، مشددًا علي أن هولاء يثبتون دومًا أن قلوبهم لا تعرف سماحة الإسلام العظيم، وعقولهم لم تفقه معاني القرآن الكريم، فراحت تعيث في الأرض فسادًا تقتل وتدمر وتحرق لتشويه صورة الإسلام وإخراج الناس من دين الله أفواجًا. وأشار فضيلة المفتي في بيانه أن الأمة العربية والإسلامية تتعرض في هذه الفترة إلي محنة حقيقية فيما يشبه حرب استنزاف شرسة تستهدف تشتيت طاقات الأمة في اتجاهات عديدة، أهمها الفتنة الطائفية والاحتراب الداخلي بين المسلمين وإخوانهم المسيحيين، مبينًا أن الغرض من مقتل واحد وعشرين مصريًّا بهذه الطريقة البشعة تأجيج نار الفتنة وإشعال الصراعات الطائفية الداخلية، والتي تزيد من حالة السيولة الأمنية التي تمر بها البلاد. وأشار فضيلته إلي أن تنظيم منشقي القاعدة يعملون علي إدخال مصر في دوامات من الفوضي والصراع حتي تلحق بغيرها من الدول التي دخلت طور التقسيم، أو التي قسمها الاحتراب الداخلي بالفعل، مؤكدًا ثقته في هزيمة الله لأعدائنا لأننا علي الحق المبين ولم نكن يومًا من المعتدين. وأكد فضيلة المفتي أن الدماء كلها معصومة متكافئة عند الله سبحانه وتعالي، وأن دماء أولادنا وإخواننا المسيحيين هي نفس دماء إخوانهم المسلمين، كلها دماء محرمة لم تقترف ذنبًا إلا أنها تنتمي إلي الأمة المصرية، وأن الأمة المصرية لم تقترف ذنبًا إلا أنها تيقظت واستعصت علي مؤامرة ومخطط كبير يستهدف وحدتها ويعمل علي تفتيت أراضيها إلي دويلات متصارعة متناحرة تدفع من رصيد وحدتها وسلامتها وأمنها الشيء الكثير. وأشار مفتي الجمهورية أنه لا مناص لنا من المحافظة علي الوحدة التي بنيناها بدمائنا عبر عقود بل قرون طويلة جعلت من الأمة المصرية أمة قوية ثابتة صامدة في وجه الفتن والمحن، بل كانت مصر بفضل الله وصمود أبنائها هي حامية العرب وضامنة وحدة وسلامة الأوطان العربية جميعًا. وأشار فضيلة المفتي أن ما نسبه تنظيم منشقي القاعدة إلي النبي صلي الله عليه وسلم من قول 'بعثت بالسيف بين يدي الساعة' لا تصح نسبته إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو معلول من جميع طرقه، فإسناده ضعيف علي نكارة في بعض ألفاظه، فابن ثوبان - وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- اختلفت فيه أقوال المجرحين والمعدلين، فمنهم من قوي أمره، ومنهم من ضعفه، وقد تغير بأخرة، وخلاصة القول فيه أنه حسن الحديث إذا لم يتفرد بما ينكر، فقد أشار الإمام أحمد إلي أن له أحاديث منكرة، وهذا الحديث منها. وتساءل المفتي: هل ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم ذبح أحدًا أو أحرق أحدًا محاربًا كان أو أسيرًا كما يفعل هؤلاء المجرمون المشوهون لحقائق الإسلام وسماحته؟! وطالب فضيلة مفتي الجمهورية المصريين بكافة أطيافهم الالتفاف حول القيادة السياسية الوطنية، مؤكدًا أنه فرض عيني لا محيص عنه علي كل مصري ولا جدال ولا خيار فيه، وهو المحك الحقيقي لالتفافنا حول حماية الوطن وتحقيق مصالحه والمحافظة علي وحدته، وأما الاختلاف وبث أسباب الفرقة واتباع الأوهام والشائعات فلن نجني من ورائه إلا الفتنة والوقوع فيما وقع فيه غيرنا. وختم فضيلة المفتي بيانه مؤكدًا علي أن قدر مصر المقدور أن تواجه هذا الشر من جهات متعددة داخلية وخارجية، وإن قدرها المقدور أيضًا أن يدفع بعض أبنائها من الجنود أو الشعب ثمن يقظة مصر لما يحاك ويخطط لها، وعزاؤنا أننا لم نفقد أبناءنا الأعزاء في معركة باطل بل في معركة حق، وحسبنا أمام الله سبحانه وتعالي أننا ندافع عن أنفسنا ضد الظلم والعدوان، فلم نبغ علي أحد ولم نعتد علي أحد، وأصحاب الحق دائمًا هم المنتصرون بفضل من الله سبحانه، فاللهم انصرنا علي أعدائنا نصرًا مبينًا.