أرست محكمة القضاء الإداري بالأسكندرية الدائرة الاولي بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة مفهوما جديدا في حقوق الانسان يشكل تحديثا في نظام السجون الذي نصت عليه أرقي تفسيرات لمبادئ حقوق الانسان والعهود الدولية, ويمثل هذا الحكم نقطة انطلاق لإعادة قراءة حقوق السجناء باعتبار أن الإهمال في علاجهم علي الوجه الصحيح يمثل نوعا من التعذيب الذي تؤثمه القوانين الحديثة حتي يعامل المحبوسين معاملة انسانية راقية تحفظ كرامتهم كحد ادني من معاملة السجناء التي اعتمدت من الاممالمتحدة بما يحقق اصلاحهم وتهذيبهم وتأهيلهم بحيث لا يمثل تنفيذ العقوبة عبئا صحيا ونفسيا وماديا علي الانسان فيؤدي عقوبتين في وقت واحد عقوبة السجن وعقوبة الاهمال في صحته وتأهيه وتهذيبه وأكدت المحكمة في حكمها الجديد علي ما تقرره حقوق الانسان للمسجونين وانتصرت فيه لحقوق السجين الانسانية علي وزارة الداخلية كما اكدت علي تفعيل احكام الدستور الجديد بعقد ولاية القضاء علي اشراف السجون, وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوري نائبي رئيس مجلس الدولة بالزام وزير الداخلية بان يؤدي الي المواطن المسجون هاني عبد المجيد سالم مبلغا مقدراه خمسة وسبعون الف جنيه تعويضا جابرا عما اصابه من اضرار مادية وادبية لبتر ذراعه نتيجة اعطائه حقنة ملوثة داخل سجن دمنهور العمومي والزمت وزير الداخلية المصروفات وترجع وقائع القضية انه اثناء تنفيذ عقوبة السجن مدة ثلاث سنوات للمواطن المذكور بالسجن العمومي بدمنهور ارتفعت درجة حرارته فتم حقنه بحقنة كانت ملوثة, مما ترتب عليه تدهور حالته الصحية, فاستغاث لعلاجه فما كان من ادارة السجن الا ان اودعته السجن الانفرادي مدة يومين حتي وجدته مغشيا عليه فتم نقله الي المستشفي الجامعي التي قررت بتر ذراعه فورا وقالت المحكمة أن الثابت أن الاصابة التي تسببت فيها إدارة السجن بإهمالها قد أعجزت المدعي عن الكسب والعمل بشكل طبيعي, نتيجة حقنه حقنة ملوثة داخل السجن لخفض درجة حرارته وما كان يجب أن يترك المريض يصارع الألم والمرض يومين كاملين بل ووضعته في سجن انفرادي حتي يتألم بعيدا عن زملائه مما ارتفعت معه درجة حرارته مصحوبة برعشة شديدة داخل الزنزانة الانفرادية ودون محاولة انقاذه رغم الحاحه عليهم بطلب علاجه, فوجدته ادارة السجن مغشيا عليه, فتم نقله الي المستشفي الجامعي بالاسكندرية التي قررت علي الفور بتر ذراعه لعدم الاحساس بالنبض بالشريان الكعبري والشريان الزندي, وهذا التصرف من ادارة السجن يتعارض مع القيم الانسانية التي توجب الإسراع في انقاذ المريض من الهلاك, كما يتناقض مع الفلسفة العقابية داخل السجون التي تنتهجها النظم الديمقراطية الحديثة في الحفاظ علي حياة وصحة المسجونين لديها وتأهيلهم واعادة صياغة حياتهم داخل السجن ليخرجوا مواطنين صالحين للمجتمع لا فاقدين لاحد اعضاء اجسادهم اللازمة لكسب قوت يومهم Hide message history واضافت المحكمة ان المشرع الدستوري جعل من السجون دار اصلاح وتأهيل واخضعها للاشراف القضائي وحظر فيها كل ما ينافي كرامة الانسان او يعرض صحته للخطر ليتيسر سبل الحياة الكريمة لهم بعد الافراج عنهم, كما ان الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية التي وقعت عليها مصر في 4 اغسطس 1967 ووافق عليها رئيس الجمهورية بقراره رقم 536 لسنة 1981 في اول اكتوبر 1981 نصت علي ان يعامل جميع الاشخاص المحرومين من حرياتهم معاملة انسانية مع احترام الكرامة المتأصلة في الانسان, كما اناط قانون السجون المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2014 علي انه يكون في كل ليمان او سجن غير مركزي طبيب او اكثر احدهم مقيم تناط به الاعمال الصحية وفقا لما تحدده اللائحة الداخلية ويكون للسجن المركزي طبيب فاذا لم يعين له طبيب كلف احد الاطباء الحكوميين اداء الاعمال المنوطة بطبيب السجن وذكرت المحكمة انه بات لازما وجوب ان يكون في كل سجن طبيب مقيم تناط به الاعمال الصحية بالسجن ويجب علي ادارة السجن مراعاة ذلك بالاشراف ورعاية الحالة الصحية للمسجونين واجراء الكشف الطبي الدوري عليهم حتي لا يتسبب المرض في اهدار حياتهم بل ويجب عليهم تقديم الاسعافات اللازمة في الوقت المناسب لكل مسجون يعاني من المرض واختتمت المحكمة حكمها المستنير ان ادارة السجن تكون قد اهملت فيما القاه علي عاتقها المشرع من رعاية المسجونين صحيا وعدم تعريض حياتهم للخطر وهو ما يخالف الدستور والقانون مما يتوافر به ركن الخطأ في جانبها ومما لاشك فيه ان بتر ذراع المدعي يمثل ضررا ماديا كبيرا له يعيقه بقدر كبير عن طلب الكسب والعيش طيلة حياته وكذا اضرار ادبية تمثلت فيما لحقه من حزن واسي ولوعة نفسية نتيجة بتر ذراعه مما يتعين معه الزام وزير الداخية بان يؤدي للمدعي المسجون مبلغا مقدره خمسة وسبعون الف جنيه جبرا لتلك الاضرار, ويتعين معه علي وزير الداخلية تحقيق المساءلة لضباطه عن هذا الاهمال