قبل أن تهدأ نيران الغضب المتداعي بتكرارالقتل الجماعي للأقباط في يوم عيدهم، وقبل أن يجف الدم المسفوح علي قارعة الطريق أمام "كنيسة القديسين" في الاسكندرية بأيادٍ آثمة، يفاجئنا "د.البرادعي" المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدعوة النوبيين لتدويل قضيتهم حسب ماذكرته "صحيفة المصري اليوم" بتاريخ 3/1/2011 والذي جاء فيها أنه التقي "وفدا ضم 17 ناشطا من لجان المتابعة النوبية في القاهرة وأسوان والإسكندرية للتعرف علي مشاكلهم ومطالبهم الخاصة بعودتهم إلي أراضيهم، وطالبهم بإرسال خطاب بتوقيعاتهم إلي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة 'فاو'، يتضررون فيه من مشروع المنظمة التي تتولي تسكينهم في أراضيهم، ليكونوا مبادرين بالمطالبة بحقوقهم، وأن يرسلوا إليه صورة من الخطاب ليقدمه بنفسه إلي المنظمة" وفي الخبر نفسه قال "هاني يوسف، عضو لجنة المتابعة النوبية، "إن البرادعي طالبهم بألا يخافوا من اللجوء إلي المنظمات الدولية"، وقال لهم: "مفيش حاجة اسمها استقواء بالخارج"، وأن من حقهم اللجوء للمحكمة الدولية وتدويل قضيتهم". من حق أي مصري كان مقيما في مصر أو يحج إليها في أوقات فراغه أن يلتقي أهله وعشيرته، ومن حقه أن يهتم بشأن بلاده، ويحاول إصلاحها ويدعو الناس للتغيير من أجل الأفضل، وبالمقابل من حق الناس علي الداعية أن يكون بينهم كما يوجد القائد بين جنوده في المعارك، والتغيير معركة حامية الوطيس. منذ أن أعلن البرادعي عن مشروعه الإصلاحي ونيته الترشح لرئاسة مصر إذا تغيرت قواعد اللعبة، استبشر البعض خيرا، وعند الالتفاف حوله لم يجدوه فالرجل مرتبط حتي نهاية عام 2010 وعليه بالبقاء خارج مصر حتي ذلك التاريخ، وراح يحرك الأمور بالريموت كنترول من الخارج أو في أوقات فراغه عندما يحضر إلي القاهرة. انتهي عام الارتباط وعاد البرادعي إلي مصر –ولاأدري هل هي إقامة دائمة أم رحلة قصيرة وبعدها يعود إلي الخارج- والتقي بوفد النوبيين وطالبهم باللجوء للمحكمة الدولية وتدويل قضيتهم. حسنا! لنفترض جدلا أن هذا الكلام صحيح، وأن هذا هو الطريق وذاك هو الحل اللذان يريدهما د. البرادعي فهل يتكرم سعادته ويخبرنا متي أنصفت الهيئات الدولية مظلوما؟ ولماذا لم تنفذ الأممالمتحدة قراراتها الصادرة عن مجلس الأمن بشأن حق الفلسطينين أم أن الفلسطينين ليسوا اصحاب حق في الأرض، والارض ملك لبني صهيون؟ الهيئات الدولية هي سيف يقسم الدول المطموع فيها بمزاعم شرعية دولية فاسدة. لا أريد أن أسوق أدلة كثيرة عن فساد الشرعية الدولية ولاينكرها إلا متواطئ مع الخارج ضد بلده. إن أول شيئ يحرص عليه داعية الإصلاح هو حرصه علي وحدة الأمة التي يناضل من أجلها وليس العمل علي تفتيتها، وأن دور المصلح هو دور الطبيب الذي يجبر الكسر وليس دور ساعي البريد الذي ينقل رسائل من مواطنين لهيئات دولية مشبوهة الأهداف مزدوجة المعايير. ومعروف أن مطالب النوبيين حقوقية، وهي مشروعة مثلها مثل مطالب جميع المصريين من النظام المستبد الفاسد، فلماذا يصر البرادعي تحويل المطالب الحقوقية إلي مطالب سياسية؟ إن ثبت المكتوب في الصحيفة فإن البرادعي يشعل النيران في جسد الوطن ويفتت الدولة المصرية، والشيئ بالشيئ يذكر هل المطالبة بتدويل مشاكل النوبة يتبعه تصريح –في ظل مجزرة الاسكندرية- بتدويل مشاكل المسيحيين المصريين والمطالبة بدولة مستقلة لهم. مايفعله د. البرادعي -وإن كان بحسن ظن- يصب في خانة إنجاح المشروع الأمريكي الرامي لتفتيت مصر إلي ثلاث دويلات: مسلمة ونوبية ومسيحية. ويبقي السؤال ماذا يريد د. البرادعي؟ هل يريد تغييرا حقيقيا لصالح المجتمع المصري أم يساعد علي تفتيت الدولة بعد أن أحبط أنصاره بغيابه الكثير عن مصر؟ إن كان ماذكرته "المصري اليوم" غير دقيق فنتمني أن يوضح د.البرادعي حقيقة ماجري، وهو توضيح غير ملزم له، وإن كانت تبعاته مؤسفة. 3/1/2011