فيما غادر الجزء الأكبر من القوات الأميركية العراق، تخطط السفارة الاميركية في بغداد لنقل نحو 600 من موظفيها الي مجمع سكني داخل مجمع السفارة، وذلك قبل أن ينسحب ال 50 ألف جندي أميركي الباقين بحلول نهاية العام المقبل. ويتساء المحلل السسياسي في صحيفة الواشنطن بوست والتر بينكوس، عن اسباب قرار السفارة هذا، ويجيب بالقول: ان العراق لا يزال مكانا خطرا، من وجهة نظر مسؤولي الخارجية الأميركية والبنتاغون علي الأقل. وقال مسؤولو وزارة الخارجية في مذكرة في آب الماضي توضح الحاجة إلي تمويل سريع لبناء الثكنات: "الرحيل الوشيك للقوات من العراق، وما يترتب عليه من عودة الممتلكات والمنشآت، بما في ذلك العدد الضخم من المساكن، إلي سلطة الحكومة العراقية، يجعل تشييد المبني ضروريا لاستمرار عمل السفارة". ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة بناء المجمع نحو 70 مليون دولار. ويقول هؤلاء المسؤولون: "من المحتمل أن تتدهور الحالة الأمنية في بغداد إلي الحد الذي يعد معه أي مكان آخر غير آمن، ولن يتمكن العاملون من البقاء في بغداد". ويقدم تقرير صدر عن مفتش في وزارة الخارجية الشهر الماضي ما سيكون عليه حال العاملين في السفارة، حيث يشير إلي "قيود صارمة علي حركة موظفي البعثة الدبلوماسية"، بسبب الأخطار في المدينة. ويوضح التقرير أن احتمال التعرض لهجمات يعرقل الاجتماعات مع المسؤولين العراقيين ويجعل "الوصول إلي المواطنين العراقيين العاديين مستحيلا". وشرح المسؤولون في هذه المذكرة الامر كالاتي: أن مجمع السفارة ذاته "عرضة لإطلاق نيران قاتل بشكل يومي، نتيجة زيادة عدم الاستقرار السياسي في العراق وتدهور الموقف الأمني بشكل عام". وأضاف المسؤولون، الذين أشاروا إلي مقتل أحد المتعاقدين الأمنيين وإصابة 15 آخرين في الهجوم الذي وقع في تموز الماضي، أنه "من المرجح أن يستمر تدهور الموقف الأمني، حتي موعد انسحاب القوات الأميركية من العراق بحلول نهاية 2011 وما بعد ذلك". يشار الي ان السلطات العراقية وكذلك القوات الأميركية، عجزت لغاية الآن عن التعامل مع استمرار تعرض المنطقة الخضراء، لاسيما محيط السفارة الاميركية الي هجمات القذائف، وفشلت في معالجته بصورة نهائية رغم كل التدابير والاحتياطات الأمنية التي يتخذها الجانبان علي الصعيد الاستخباري من قبل الجانب العراقي تحديدا، أو التقنيات الحديثة التي يتبعها الأميركيون التي تتمثل بالمناطيد وأجهزة الانذار الحساسة.ويقول التحذير من السفر إلي العراق الذي أصدرته وزارة الخارجية الأميركية في 5 تشرين الثاني الماضي إنه علي الرغم من تراجع أحداث العنف "استمرت أعمال العنف والتهديدات الموجهة ضد المواطنين الأميركيين، ولا يمكن اعتبار أي منطقة آمنة من المخاطر، التي تشمل التفجيرات والخطف وغيرها من الهجمات الإرهابية والإجرامية". ويوضح التحذير استمرار الهجمات ضد الأهداف العسكرية والمدنية في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك المنطقة الخضراء ببغداد، حيث تقع السفارة الأميركية وشمال العراق. وفي شهر حزيران الماضي فان مكتب الامن الدبلوماسي في العراق التابع لوزارة الخارجية كان فيه ما يقارب من 2700 رجل امن 'من شركات خاصة مُتعاقَد معها'، كان منهم 1800 يعملون في مهام حراسة السفارة والمرافق الاخري الواقعة في المنطقة الخضراء طبقاً لتصريح علني لشارلين آر لامب الوكيلة المساعدة في وزارة الخارجية للبرامجِ الدولية بمكتب الأمن الدبلوماسيِ. وفي تشرين الأول، تم تقدير كلفة العقد لتزويد السفارة الاميركية بحراس بحوالي 200 مليون دولار اميركي في السنة، وفازت به شركة مقرها في لاس فيغاس.في هذه الأثناء، أعلن فيلق مهندسي منطقة الشرق الأوسط الأميركي عن طلب شركة أمنية خاصة لتوفير الحماية لمشاريع البناء خلال شهر أيلول من العام المقبل. ونتيجة لانسحاب المهندسين سيتقلص عدد المواقع التي ستحتاج إلي حماية بشكل تدريجي من العراق خلال تلك الفترة، فعلي سبيل المثال سينخفض عدد المواقع من 11 موقعا في شباط إلي 6 بحلول شهر أيار، ويستمر في التراجع إلي أن يصل إلي 3 في الفترة من تموز إلي ايلول. لكن المهمة لن تكون سهلة، إذ سيزود المهندسون الشركة الأمنية بمركبات مدرعة خفيفة مقاومة للألغام وكل أنواع الأسلحة والذخيرة التي من بينها المسدسات والبنادق والأسلحة الآلية الخفيفة. وتكلفة كل ذلك لن تكون بسيطة. فقد أعلنت القيادة المركزية الأميركية، التي توفر الأمن لفيلق المهندسين في العراق حتي الآن، الأسبوع الماضي أن الخطر داهم إلي الحد الذي سيضطرها إلي الاستمرار في الاستعانة بشركة أمنية خاصة وهي "أيغيس ديفينس سيرفيسيز" حتي يتمكن فيلق المهندسين من نشر فرق أمنية في الميدان. وقد بلغت تكلفة إضافة شهر كانون الثاني إلي عقد القيادة المركزية 15.3 مليون دولار.