قام المدعي العام الأمريكي للدائرة القضائية الشرقية لولاية فرجينيا بول ماكنولتي ، بإعلان إدانة إثنين من كبار موظفي لجنة العلاقات العامة الصهيونية الأمريكية 'أيباك' بتهمة "التآمر لنقل معلومات خاصة بالدفاع القومي لأشخاص غير مخولين باستلامها". وتضمنت ذات الإدانة تهما جديدة بالتجسس ضد موظف البنتاجون في المكتب المسؤول عن الملف الإيراني الكولونيل لورنس فرانكلن، الذي كانت قد صدرت بحقه إدانة سابقة في الدائرة القضائية الشرقية وكذلك في ولاية ويست فرجينيا. الموظفين "السابقين" في أيباك هما ستيفين روزن 'Steven Rosen' وكيث وايزمان 'Keith Weissman'. وقد عمل روزن منذ عام 1982 كمدير لشؤون السياسات الخارجية في أيباك التي هي من أقوي مؤسسات اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة, وعمل كيث وايزمان منذ عام 1993 في منصب كبير محللي شؤون الشرق الأوسط في أيباك. قبل أن يبدأ عمله مع الأيباك، كان روزن موظفا في مؤسسة راند كوربوريشن من عام 1978 إلي 1982. في تلك المدة كان لدي روزن عقود عمل مشتركة مع وكالة المخابرات المركزية وكان يحمل ترخيصا أمنيا عالي المستوي. لهذا كان روزن قد وقع اتفاقية تعهد بالحفاظ علي سرية المعلومات مع الحكومة الأمريكية والتي بقيت نافذة حتي بعد انتقاله للعمل مع أيباك. شبكة تجسس واسعة النطاق وتكشف هذه الإدانة الجديدة، التي كانت متوقعة، عن شبكة تجسس صهيونية ناشطة علي الأقل منذ أبريل عام 1999 وتتضمن عددا من موظفي البنتاجون الكبار غير فرانكلن، كما تتضمن علي الأقل ثلاثة موظفين كبار في السفارة الصهيونية وضابط سابق في الموساد الصهيوني هو عوزي آراد 'Uzi Arad'. ويترأس آراد الآن مؤسسة البحث الأمنية الصهيونية الأولي "مركز هرتزليا" 'Herzliya Interdisciplinary Center '. وقد ذكر مسؤولون استخباراتيون أمريكان لمجلة إكزكتف إنتلجنس ريفيو أن قضية أيباك-فرانكلن تكشف عن أسلوب جديد في العمليات التجسسية اتبعته الاستخبارات الصهيونية في أعقاب فضيحة تجسس جوناثان بولارد الكارثية في منتصف الثمانينيات. كان بولارد يعمل محللا في استخبارات البحرية الأمريكية حين ألقي القبض عليه وهو يهرب آلاف الوثائق السرية من البنتاجون ليمررها إلي وحدة استخبارات صهيونية يقودها مدير العمليات الأوربية في الموساد الصهيوني رافي أيتان 'Rafi Eytan' الذي يعتبر من أقرب المقربين لرئيس الوزراء الحالي أرييل شارون. وتذكر المصادر الاستخباراتية الأمريكية أنه كنتيجة للنكسة التي أوقعتها فضيحة بولارد، فإن دولة الكيان حولت عملياتها التجسسية التي تستهدف الولاياتالمتحدة إلي مراكز البحث ومنظمات اللوبي الصهيوني مثل الأيباك التي لا تزال لديها ارتباطات "مشروعة" بالمسؤولين في الحكومة الأمريكية. لكن ما لم يتوقعه الصهاينة وعملائهم في أيباك هو أن عملياتهم ستكون تحت مراقبة دقيقة من قبل مكتب المباحث الفيدرالي وأجهزة حكومية أخري علي الأقل خلال السنين الست الأخيرة، كاشفة بذلك حالات كثيرة عبرت فيها "هذه العلاقات "المشروعة" حدود التجسس الفعلي. إن الإدانة الأخيرة التي تقع في 26 صفحة، هي في الواقع دليل إرشاد يتضمن عددا كبيرا من الحالات التي تم فيها تمرير معلومات من البنتاجون إلي العضوين في أيباك ومنهما إلي موظفين في السفارة الصهيونية. في الواقع دخل فرانكلن بقدميه إلي عملية مراقبة استخباراتية مضادة كان مكتب المباحث الفيدرالي يقوم بها ضد روزن ووايزمان، حينما عقد فرانكلن أول اجتماع له مع الرجلين في 12فبراير 2003. وفقا للإدانة الرسمية فإن المكالمات الهاتفية التي كان يقوم بها روزن وهو في طريقه إلي لقاءه مع فرانكلن كانت مراقبة من قبل مكتب المباحث الفيدرالي. من 12 فبراير 2003 إلي 9 يوليو 2004 أجري فرانكلن عشرات المكالمات الهاتفية مع موظفي الايباك، وقام مرة واحدة علي الأقل بإرسال وثيقة عبر الفاكس من مكتبه في البنتاجون إلي منزل روزن. قام مكتب المباحث الفيدرالي في يونيو 2004 بمواجهة فرانكلن بالأدلة الدامغة حول نشاطاته التجسسية، ووافق فرانكلن علي التعاون مع الحكومة. منذ ذلك الحين أصبحت جميع اجتماعاته اللاحقة مع المسؤولين في أيباك مراقبة من قبل مكتب المباحث الفيدرالي حتي 3 أغسطس 2004 حينما زار مكتب المباحث الفيدرالي كل من روزن ووايزمان. ووفقا لنص الإدانة، حتي بعد زيارة مكتب المباحث الفيدرالي لهما، استمر روزن ووايزمان بتمرير المعلومات السرية، التي جائتهما من فرانكلن، إلي عدد منتقي من الصحفيين الأمريكيين وحتي إلي موظفين في السفارة الصهيونية. شبكة فرانكلن كانت لدي فرانكلن مشاكله وسوابقه بسبب تعاونه مع مسؤولين استخباراتيين صهيونيتين حتي قبل ان يبدأ العمل في البنتاجون في بداية عام 2001 كضابط في القسم الخاص بإيران في في مكتب سياسات الشرق الأدني وجنوب آسيا في البنتاجون تحت إمرة مساعد وزير الدفاع دوجلاس فايث 'Douglas Feith' ونائب مساعد وزير الدفاع وليام لوتي 'William Luti' الذي تم نقله وزرعه هناك من مكتب نائب الرئيس ديك تشيني. كان فرانكلن قد قام في التسعينات بجولتين في الشرق الأوسط باعتباره ضابط احتياط في القوة الجوية الأمريكية كجزء من خدمته في السفارة الأمريكية في دولة الكيان في مكتب الملحق الجوي. في جولته الثانية تم طرد فرانكلن من قبل الملحق الجوي بعد بضعة شهور بسبب تكرر حالات قيامه بعقد اجتماعات غير مرخص بها مع ضباط في الاستخبارات الصهيونية. قد تكون هذه الاجتماعات هي التي أدت إلي تسلمه وظيفته في مكتب الشرق الأدني وجنوب آسيا في البنتاجون -- أو ربما علاقته الشخصية بنائب وزير الدفاع آنذاك بول وولفويتز 'Paul Wolfowitz' الذي كان أيضا عميد مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز في واشنطن العاصمة حينما كان فرانكلن طالبا فيها. مهما كان مساره نحو البنتاجون، فإن فرانكلن، حسب أقوال شهود عيان، أصبح ضيفا دائميا في اجتماعات غداء العمل في المكتب الشخصي لدوجلاس فايث والتي كان يحضرها المحافظون الجدد القياديون في البنتاجون مثل هارولد رود 'Harold Rhode' ووليام لوتي وأبراهام شولسكي 'Abraham Shulsky' وريتشارد بيرل وأحيانا وولفويتز. وكان رئيس فرانكلن، لوتي، لا يتواني عن التفاخر بأنه يعمل لحساب "سكوتر" وهو اسم شهرة مدير مكتب نائب الرئيس ديك تشيني لويس لبي. قبل أن يبدأ العمل للحكومة، كان لبي المحامي الشخصي لواجهة الموساد والمحتال العالمي مارك ريتش 'Marc Rich'. ويعتقد مسؤولون في المخابرات الأمريكية ذوو الإطلاع أن ريتش، الذي يتاجر بالمعادن ومقره في تسوج في سويسرا قد حصل علي رأسماله من الموساد ليبدأ أعماله. كان فرانكلن أيضا رفيق سفر لسيء الصيت مايكل ليدين 'Michael Ledeen' المتورط سابقا في فضيحة إيران كونترا. سافر كل من فرانكلن وليدين وهارولد رود إلي العاصمة الإيطالية روما في ديسمبر عام 2001 لعقد اجتماع سري مع الإيراني المتورط في عملية إيران كونترا سابقا مانوشهر قوربانيفر 'Manucher Ghorbanifer' الذي توسط في عملية بيع صواريخ صهيونية إلي إيران مقابل إطلاق سراح رهائن أمريكيين كانوا محتجزين في لبنان في الثمانينات. هذه المخططات أدت إلي صدور إدانات قضائية ضد عدد من المسؤولين في إدارة ريجان-بوش وضباط في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومنهم إليوت أبرامز ودواين كلاريدج. إن الإدانة الأخيرة الصادرة بحق فرانكلن قد تقود بعض المحافظين الجدد الرئيسيين أمام القضاء. إن الأوراق التي قدمت إلي المحكمة في فرجينيا في الرابع من أغسطس الجاري تشير إلي عدد آخر من مسؤولي البنتاجون بالإضافة إلي ثلاثة علي الأقل من موظفي السفارة الصهيونية وعوزي آراد باعتبارهم جميعا لا عبين اساسيين في عملية فرانكلن التجسسية. كما أن إدانة "السيد أيباك" ستيفين روزن أيضا تثير مجموعة كبيرة من التساؤلات الخطيرة عن مستقبل "اللوبي الموالي لدولة الكيان في أمريكا" كما تصف الأيباك نفسها في موقعها علي الانترنيت. وفقا لمصادر مقربة من التحقيقات في قضية فرانكلن، قد تجبر أيباك علي تسجيل نفسها باعتبارها منظمة أجنبية، وهكذا ستفقد ميزتها كمؤسسة معفية من الضرائب مما سيضطرها إلي الخضوع لتدقيق شديد في شؤونها المالية ونشاطاتها. إن قضية فرانكلن لم تفتح علي مصراعيها بعد، ويبدو أن العديدين من المحافظين الجدد في البنتاجون قد بدؤا يسهرون مفكرين بالمدي الذي ستصل إليه التحقيات في هذه القضية. وما يزيد الطين بلة لهم، هو أن نفس قائمة الشخصيات الرئيسية في قضية فرانكلن متورطون حتي النخاع في قضية تسريب اسم فاليري بلايم التي يقود التحقيق فيها المدعي الخاص باتريك فيتزجيرالد 'PatrickFitzgerald' وتحقيق مستقل آخر يقوده المدعي ماكنولتي نفسه حول من كان وراء تزوير وثيقة حكومة النيجر التي زعم فيها أن العراق كان يحاول شراء اليورانيوم من هذه الدولة الأفريقية لصناعة قنابل نووية. تم استخدام هذه الوثيقة المزورة من قبل نائب الرئيس تشيني وآخرين من صقور الإدارة الأمريكية للحصول علي دعم الكونجرس والشعب الأمريكي لغزو العراق. هناك مزاعم بأن زيارة فرانكلن وليدين وهارولد رود إلي روما في ديسمبر عام 2001 قد تكون لعبت دورا في تمرير هذه الوثائق المزورة.