رفض حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان اقتراحا من الحركة الشعبية بضم منطقة أبيي المتنازع عليها بكاملها إلي جنوب السودان والتخلي عن إجراء استفتاء بهذا الشأن في إطار صفقة شاملة حول ترسيم الحدود والعلاقات الشمالية الجنوبية بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب في يناير/كانون الثاني القادم. وكان الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم اقترح ذلك ودعا في مؤتمر صحفي عقده في أبيي إلي تنفيذ ذلك بإصدار مرسوم رئاسي، مشيرا إلي أن عملية الاستفتاء في المنطقة تأخرت ترتيباتها. واعتبر أن التطورات الراهنة تستدعي مناقشة صفقة شاملة تحل كل المشكلات العالقة مع الشمال دفعة واحدة. وردا علي ذلك رفض الدرديري محمد أحمد القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان الاقتراح الذي تقدم به أموم، وعرض من جديد اقتراح حزبه بشأن أبيي والقاضي بجعلها منطقة تكاملية بين شمال البلاد وجنوبها في حالة الوحدة أو الانفصال بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب. في هذه الأثناء قال رئيس مفوضية الاستفتاء حول جنوب السودان محمد إبراهيم خليل إن هناك عقبات كبيرة تعترض عمل المفوضية في التحضير للاستفتاء، من بينها الزمن وعدم توفر التمويل اللازم. وأشار خليل عقب لقائه مع سلفاكير ميارديت النائب الأول للرئيس السوداني إلي أن الأخير وعد بالمساعدة لتذليل هذه العقبات. في غضون ذلك عقد مجلس الدفاع المشترك في السودان المكون من الجيش السوداني والجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية، اجتماعا في الخرطوم لمناقشة تطورات الأوضاع بين الشمال والجنوب والاتهامات المتبادلة بين الجيشين عن وجود حشود عسكرية علي الحدود بين الشمال والجنوب. وأعلن مجلس الدفاع المشترك عن تشكيل لجنة تضم ستة أفراد من كل طرف للتحقيق حول اتهامات وجهها المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بعضهما لبعض بتحريك حشود عسكرية تجاوزا لحدود العام 1956. وقال المتحدث باسم المجلس الفريق ملاك ألير في مؤتمر صحفي إن قرارا صدر عن الاجتماع بإرسال لجنة للوقوف علي الأوضاع ميدانيا ومراجعة وضع قوات الطرفين ومدي التزامهما بما جاء باتفاقية السلام. وكان ممثلو الطرفين بالمجلس وقعوا علي وثيقة مشتركة لبحث الترتيبات الأمنية المشتركة إلي جانب ترتيبات ما بعد الاستفتاء. وتضمنت الوثيقة إعادة بناء القوات المسلحة القومية بعد الاستفتاء حال اختار الجنوبيون الوحدة بدلا من الانفصال. وقال ممثل الحركة الشعبية بالمجلس دانيال كودي إن الطرفين استطاعا تجاوز كل الخلافات السابقة. أما ممثل المؤتمر الوطني علي حامد فقد أكد أن الوثيقة تتضمن بناء القوات المسلحة القومية وفق أسس علمية عالمية متفق عليها. وفي سياق آخر طالبت مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج المانحين الدوليين بتنفيذ ما تعهدوا به من دعم لتمكينها من إكمال برنامجها في شمال السودان وجنوبه. وقال منسق برنامج شمال السودان سلاف الدين صالح إن البرنامج يهدف لتسريح وإعادة دمج نحو 41% من نسبة العدد المرصود للعام 2011. بينما قال منسق برنامج الجنوب وليم دينق إن شح التمويل تسبب في وقف عمل تسريح وإعادة دمج المسرحين. وفي سياق منفصل أطلقت مجموعة من منظمات المجتمع المدني وعدد من الناشطين والأكاديميين والمثقفين والفنانين مبادرة لتثبيت الحق في المواطنة والوحدة الشعبية. وطالبت المجموعة الحكومتين المركزية وحكومة الجنوب بضرورة الحق في الجنسية المزدوجة للمواطنين الجنوبيين المقيمين في شمال السودان والشماليين المقيمين بالجنوب والقبائل الرعوية في مناطق التمازج. ودعا الناشطون في مؤتمر صحفي إلي كفالة حقوق الإقامة والتنقل والعمل والتملك للمواطنين السودانيين كافة، مشددين علي أن يكون هذا الحق قبل إجراء الاستفتاء. وناشدوا شريكي الحكم بضبط تصريحاتهما بما يطمئن المواطن الجنوبي في الشمال والشمالي في الجنوب علي سلامته ونفسه وممتلكاته، محذرين من إطلاق الشائعات التي تثير الفتن والهلع بين المواطنين. يشار إلي أن الجنوبيين سيختارون في استفتاء التاسع من يناير/كانون الثاني القادم إما الانفصال أو البقاء ضمن السودان الموحد. ويعد هذا الاستفتاء حجر الأساس في اتفاق السلام الشامل الذي أنهي في العام 2005 حربا أهلية استمرت أكثر من عقدين.