حظيت المحادثات التي أجراها أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع الرئيس السوري بشار الأسد باهتمام لبناني خاص، وزاد من أهميتها قوله بعدها إن 'التواصل العربي والإقليمي والتمحور حول الجسر السوري – السعودي يبقي خشبة الخلاص، والصمود والثبات، لا سيما لجهة الوضع اللبناني 'يبقي' مأمولاً'. وأوحي تصريح بري للصحفيين بأنه أراد الرد بطريقة غير مباشرة علي ما أخذ يشيعه بعض الأطراف اللبنانيين من أن القمة السورية – السعودية التي عقدت مساء الأحد الماضي بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأسد في الرياض لم تحقق أي تقدم، وبالتالي فإن الوضع في لبنان مفتوح علي مزيد من التوتر السياسي يمكن أن يأخذ بطريقه حكومة الوحدة الوطنية بذريعة أن العلاقة بين رئيسها سعد الحريري والقيادة السورية انتهت. وتزامنت زيارة بري مع عقد الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء مساء أمس في القصر الجمهوري في بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وعلي جدول أعمالها النظر في مطالعة وزير العدل إبراهيم نجار في خصوص ملف شهود الزور في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وكانت المسألة بقيت عالقة بسبب عدم حسم الخلاف في شأن الملف الذي لا يزال يتراوح بين تأكيد 'قوي 14 آذار' أن النظر فيه من اختصاص القضاء العادي، وإصرار المعارضة سابقاً علي إحالته علي المجلس العدلي، من دون أن يؤدي ذلك الي جولة جديدة من الاشتباك السياسي، نظراً لإصرار الطرفين علي عدم اللجوء الي التصويت علي أي من الاقتراحين. وانتهت الجلسة إلي ارجاء البحث في هذا الملف إلي الأسبوع المقبل. وبكلام آخر، فإن مجلس الوزراء بقي علي موقفه من إدارة الاختلاف حول ملف شهود الزور إفساحاً في المجال أمام البحث عن مخرج في الوقت المناسب. وكان بري زار دمشق أمس والتقي الأسد علي مدي ساعتين، وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية 'سانا' أنهما 'بحثا في العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وآخر تطورات الأوضاع علي الساحة اللبنانية والجهود التي تبذل للتوصل الي حلول لما يعترض لبنان من مشاكل تهدد أمنه واستقراره'. وذكرت 'سانا' أن بري 'أعرب عن تقديره كل ما تقوم به سورية لصيانة استقرار لبنان ولحرصها علي إقامة أفضل العلاقات معه. إضافة الي أن البحث تناول اللقاءات المستجدة علي الساحتين العربية والإقليمية، خصوصاً ما يحدث في العراق وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة'. وفيما لفتت 'سانا' الي أن زيارة بري تأتي في سياق الزيارات التي قام بها عدد من السياسيين والمسؤولين اللبنانيين لسورية خلال الفترة الماضية لتعزيز مسيرة الوفاق بين اللبنانيين، أكد رئيس المجلس في تصريح أن البحث تركز علي محاور ثلاثة: اللبناني، الفلسطيني والعراقي. وأضاف بري: 'علي رغم دقة المواقف لكل من هذه المحاور وحراجة أزماتها ضمن إطار المخططات التي تطاول المنطقة بكاملها، فإن التواصل العربي والإقليمي والتمحور حول الجسر السوري – السعودي يبقي خشبة الخلاص والصمود'. ودعا بري اللبنانيين 'الي أن ينصروا أنفسهم بوحدتهم وتكاتفهم وتعاونهم علي حل أي أمر مهما كان حساساً بمؤازرة أشقائهم لأن المؤازرة وحدها لا تكفي'. ورأت مصادر سياسية لبنانية مواكبة لنتائج القمة السورية – السعودية، أن كلام بري 'يعبر عن ارتياح لبناني لما توصلت إليه'. وقالت ل 'الحياة' إنه 'يأتي متطابقاً مع ما أحيط به عدد من القيادات اللبنانية من أجواء استقاها من مصادر القرار في دمشقوالرياض. وأكدت المصادر نفسها أن كلام بري 'يعكس تماماً الأجواء الإيجابية التي سادت القمة السعودية – السورية وبالتالي فإن حديثه عن الاستقرار والوفاق يقطع الطريق علي ما يشيعه البعض من أن التهدئة ستشهد انتكاسة وأن التغيير الوزاري علي الأبواب'. واعتبرت أن 'كل من يشيع لمثل هذه الأجواء التي تتعارض والمفاعيل الإيجابية للقمة السعودية – السورية ليس في صورة ما تم التوصل إليه في الرياض أو انه لا يزال علي رهانه ويحاول أن يوحي وكأن رغباته قابلة للتطبيق وأن المناخ الداخلي في لبنان مؤاتٍ لها'. إلا أن المصادر عينها قالت إن 'المفاعيل الإيجابية لقمة الرياض مفيدة لكن لا بد من توظيفها في الاتجاه الذي يدعم الاستقرار العام، ويرسخ التهدئة وهذا لن يتحقق ما لم تتضافر الجهود اللبنانية وتتحرك علي خطين الأول العودة الي التواصل وفتح كل القنوات التي تقود إليه ومن مؤشراته المريحة استئناف الحوار بين الحريري وقيادة حزب الله الذي بدأ ليل أول من أمس بلقاء بين الأول والمعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل ويمكن أن يتطور في أي لحظة باتجاه عقد لقاء قمة بين رئيس الحكومة والسيد حسن نصرالله'. وعليه، بحسب المصادر، فإن عودة قنوات الاتصال 'تحاصر تهديد الاستقرار والتغيير الوزاري'. وبالنسبة الي الخط الثاني، رأت المصادر أن 'التواصل من فوق، خصوصاً بين الأطراف الرئيسة المتنازعة لا يكفي ما لم يكن مقروناً بجهد فوق العادة يتم التركيز فيه علي سحب التوتر والتشنج والاحتقان من تحت أي من القواعد الحزبية بعد أن تزايدت المخاوف في الآونة الأخيرة من أن الاستقرار سيتعرض الي ضربة موجعة من شأنها أن تعيد الوضع الي الوراء'. وأكدت المصادر المواكبة أن إنجاز المهمة علي هذين الخطين 'سيدفع حتماً باتجاه العودة الي تزخيم التواصل بين الحريري والقيادة السورية وربما ستحمل الأيام المقبلة أنباء سارة بهذا الخصوص وربما قبل انتهاء الشهر الحالي... أي بعد أن تكون الأمور في العراق تبلورت بما يسهل علي الأطراف العربية والإقليمية، لا سيما سورية والسعودية الدخول علي خط الاتصالات اللبنانية لتوفير المساعدة المطلوبة للوصول الي مخارج حول القضايا السياسية العالقة علي قاعدة أن التفاهم السوري – السعودي قائم وأن ترويج البعض للإشاعات عن تراجعه ليس في محله'.