اصدر الكاتب والروائي ماهر مقلد روايته الثانية صمت الجبال والتي صدرت عن دار الأدهم للنشر والتوزيع ، تدور أحدائها في صعيد مصر، وتكشف عن عالم القرية بكل تناقضاتها ومميزاته.. وتترابط الأحداث في الرواية كما لو كانت جدارية منقوشة.. شخوصها بارزة بأدوارها المؤثرة وأحدائها المتلاحقة. الإثارة في صمت الجبال مكتملة، فهي تكشف عن عالم غريب يعيش داخل قرية نائية في صعيد مصر يمتليء بالمفارقات والتناقضات.. يجمع بين الخير والشر.. بين الطيبة والمكر.. بين القناعة والطمع. عالم يسبح في الخيال. تنقل بطريقة سلسلة حياة سكان القرية التي تجمع بينهم حرفة الزراعة ويشتغل البعض في مهنة صيد الأسماك.. وتقرب بينهم دوما علاقات الجيرة. الرواية تموج بالأسرار عن تفاصيل عالم دفين لم يكتشف بعد، وعن الشغف الواسع بالأساطير والحكايات.. لدرجة ان سكان القرية وعن بكرة أبيهم يعيشون علي أمل الفوز في يوم ما بصيد عروس البحور تلك التي يعتقدون في وجودها داخل البحيرة وينتظرون لحظة الفرج وهي صيد عروس البحور، وعندما تحدث تكون الصدمة والمأساة. وتظهر في الرواية بوضوح شخصية المرأة الصعيدية بتنوع غريب ورصد يكشف عن صلابة معدن النساء وميلهن بطبيعة الحال لتحمل المسئوليات الجسام في الظروف الطبيعية وغير العادية . وتظهر في الرواية شخصية الأم بائعة اللبن التي تضحي بكل ما تملك من أجل رعاية أطفالها وبيع اللبن لسكان المدينة لمساعدة الزوج والعائلة وتقابلها شخصية عفاف طالبة الجامعة البنت التي ينتظر كل سكان القرية حفل زفافها بفارغ الصبر والقرية تستعد لليوم. وقبل موعد الزفاف تشهد القرية جريمة قتل كبري يروح ضحيتها عم عفاف وتتوقف كل الترتيبات وتبدأ معاناة جديدة في القرية بطلها الثار. ولم تغب عن الرواية أمينة زوجة الخادم بكر الذي لقي مصرعه ولكنها عقدت العزم علي الثأر لروحهمهما كانت التضحيات. هي رواية تتنقل بين الخير والشر بين الظلم والعدل. ماهر مقلد يحلل ببراعة الشخصيات بطريقة أقرب إلي الطبيب النفسي ويغوص في أعماق القرية وشخصياتها وهو كاتب متمكن من السرد ومن الإمساك بخيوط شخصيات ويجعلك تقرأ الرواية دون أدني شعور بالملل أو الرتابة. وتتعجب كيف لكاتب يدخل عالم الرواية بعمله الثاني يتمكن بهذه الطريقة من التحكم في الشخصيات والأحداث بدرجة عالية من الصدق والإثارة في نفس الوقت، كما يثير في الوقت نفسه الشجن من الحياة القاسية التي يعيشها بعض الشخصيات في الرواية. كثر أولئك الذين كتبوا عن الصعيد وعن القرية.. لكن صمت الجبتال تأتي بالجديد من زوايا عدة منها الصدق والطريقة الجاذبة في السرد وتنوع الأحداث. ويملك الكاتب قدرة كبيرة تجعلك تعيش اللحظة كما لو كنت تشاهدها أو تعرفها حتي لمن لم يكتب له رؤية القرية أو حياة الصعيد.