أبو الغيط: نتطلع لدعم سلوفينيا للقضية الفلسطينية خلال عضويتها في مجلس الأمن    غارة إسرائيلية تستهدف بلدة طيردبا جنوبي لبنان    حزب الله اللبناني يستهدف قاعدة إسرائيلية بالصواريخ    قصف جنوب إسرائيل واشتعال قاعدة عسكرية للاحتلال    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    محافظ الأقصر: «أي مواطن لديه مشكلة في التصالح يتوجه لمقابلتي فورًا»    الأردن والعراق يؤكدان ضرورة خفض التصعيد في المنطقة    محافظ الأقصر ل«البوابة نيوز»: المرحلة الثانية لمبادرة حياة كريمة تستهدف قرى البياضية والقرنة    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    فابريجاس يحقق فوزه الأول في الدوري الإيطالي    بعد اختفائه 25 يوما، العثور على رفات جثة شاب داخل بالوعة صرف صحي بالأقصر    إصابة 7 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بقنا    غلطة سائق.. النيابة تستعلم عن صحة 9 أشخاص أصيبوا في انقلاب سيارة بالصف    محافظ أسوان: لا توجد أي حالات جديدة مصابة بالنزلات المعوية    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    مستشار الرئيس يكشف طرق الوقاية من " فيروس أسوان" المعدي    المباراة 300 ل أنشيلوتي.. ريال مدريد يكسر قاعدة الشوط الأول ويفلت من عودة ألافيس    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    بعد الاستقرار على تأجيله.. تحديد موعد كأس السوبر المصري في الإمارات    رئيس البرازيل: حرب غزة تمتد بصورة خطرة إلى لبنان    السعودية وبلغاريا تبحثان تعزيز علاقات التعاون    السفير ماجد عبد الفتاح: تعديل موعد جلسة مجلس الأمن للخميس بمشاركة محتملة لماكرون وميقاتي    مياه المنوفية ترد على الشائعات: جميع المحطات بحالة جيدة ولا يوجد مشكلة تخص جودة المياه    مقتل عنصر إجرامي خطر خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة في قنا    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بمدينة 6 أكتوبر    لرفضه زواجه من شقيقته.. الجنايات تعاقب سائق وصديقه قتلوا شاب بالسلام    رئيس الإمارات يبحث التطورات بمجال التكنولوجيا الحديثة مع مسؤولين في واشنطن    وفاة الإعلامي أيمن يوسف.. وعمرو الفقي ينعيه    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الجدي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحوت    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الدلو    «بفعل فاعل».. أبوجبل يكشف لأول مرة سر فشل انتقاله إلى الأهلي    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    يقفز من جديد 120 جنيهًا.. مفاجأة أسعار الذهب اليوم الأربعاء «بيع وشراء» عيار 21 بالمصنعية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    الكيلو ب7 جنيهات.. شعبة الخضروات تكشف مفاجأة سارة بشأن سعر الطماطم    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    «اللي يصاب بالبرد يقعد في بيته».. جمال شعبان يحذر من متحور كورونا الجديد    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    طريقة عمل الزلابية، لتحلية رخيصة وسريعة التحضير    آيتن عامر تعلق على أزمتها مع طليقها وكواليس فيلمها الجديد (فيديو)    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    حقوق الإنسان التى تستهدفها مصر    وفد من الاتحاد الأوروبي يزور الأديرة والمعالم السياحية في وادي النطرون - صور    أمين عام هيئة كبار العلماء: تناول اللحوم المستنبتة من الحيوان لا يجوز إلا بهذه الشروط    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    جامعة الأزهر: إدراج 43 عالمًا بقائمة ستانفورد تكريم لمسيرة البحث العلمي لعلمائنا    صوت الإشارة.. قصة ملهمة وبطل حقيقي |فيديو    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة اليوم السابع تناقش يوميات مقدسية لإبراهيم جوهر

ناقشت ندوة اليوم السابع الأسبوعية الثقافية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس يوميات مقدسية-يوميات القدس والإنسان- وهو الاصدار الجديد للأديب المقدسي ابراهيم جوهر، الذي صدر مؤخرا عن وزارة الثقافة الفلسطينية في مقرها المؤقت في مدينة البيرة.
يقع الكتاب الذي قدّم له الأديب الكبير محمود شقير، وصمّمه خالد عبد الهادي في 240 صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ جميل السلحوت النقاش فقال: فور صدور الكتاب، كتب مؤلفه الأديب جوهر أن اختار لكتابه اسم 'اقحوانة الروح-يوميّات مقدسية-' لكن يبدو أن الناشر قد اجتهد وغيّر عنوان الكتاب كما يروق له، دون الرجوع الي صاحب الكتاب، وهذا أمر يدعو الي التساؤل، ولو ترك الناشر عنوان الكتاب كما اختاره صاحبه لأراح واستراح، وعلي رأي أحد فلاسفة الاغريق القدامي 'صانع الحذاء يعرف خباياه أكثر من منتعله'.
هذا الكتاب يذكرنا بيوميات أديبنا الكبير محمود شقير التي صدرت قبل حوالي عامين تحت عنوان'مديح لمرايا البلاد' حيث كان ذلك الكتاب فاتحة خير لأكثر من كاتب لتدوين يوميّاتهم، خصوصا وأن الأديب شقير قد حثّ علي ذلك. مع أن أديبنا ابراهيم جوهر المولود في جبل المكبر في العام 1957 ليس بحاجة الي تحريضه علي الكتابة، فهو يخوض غمار الكتابة الابداعية منذ كان طالبا في المرحلة الثانوية، ونشرت له بعض الصحف المحلية في حينه، لكنه بحاجة الي الوقت ليفرغ نتاج مخزونه الثقافي علي الورق، فسعيه خلف رغيف 'الخبز المرّ' كما غيره من مبدعي الوطن الذبيح يستنزف وقته وجهده.
غير أنّ أديبنا ابراهيم جوهر الذي عرفناه قاصّا للكبار وللصّغار، وناقدا متميزا يثري بقراءاته الأدبية أمسيات ندوة اليوم السابع الثقافية الدورية الأسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، تلك الندوة التي شارك في تأسيسها ويواظب علي حضورها مساء كلّ خميس منذ آذار-مارس- 1991، أعطانا نموذجا جديدا لكتابة اليوميّات الأدبية، بلغته الأدبيّة الجميلة اللافتة، وبمضامين موضوعاته اليومية والمتلاحقة منذ أكثر من عامين، وهو يثبت من جديد فيما كتبه مقولة أن'الكاتب ابن بيئته'، والأديب جوهر بالطبع ليس استثناء، ومع ذلك فيومياته ليست مذكرات شخصية، وليست حذلقة لغوية، ففي كل حلقة من حلقاتها يطرح موضوعا جديدا يعيشه، وتعيشه مدينته القدس الشريف، وما تمثله هذه المدينة له ولأبناء شعبه، كونها حاضنة أولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومعراج الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، وكنيسة القيامة وهي من أقدس مقدسات الديانة المسيحية، اضافة الي عشرات المساجد والزوايا والتكايا والكنائس والأديرة والمدارس التاريخية والمقابر وغيرها، وهي أيضا العاصمة السياسية والحضارية والدينية والتاريخية للشعب الفلسطيني ولدولته العتيدة، والمحنة القاسية التي تمرّ بها هذه المدينة تؤرّق كاتبنا وتقضّ مضجعه، وبالتالي فإن يومياته تصلح بأن تكون في جزء كبير منها يوميات مدينة ليست كغيرها من المدائن. وأديبنا في يومياته هذه يخطّ لنا أسلوب الأدب السياسي، فهو يعيش ومدينته واقعا سياسيا معقدا.
والأديب جوهر المربّي المعروف في يومياته يتطرق الي مواضيع تعليمية وتربوية، يطرحها لافتا الانتباه اليها، وموجها وناصحا فيما بين سطورها...تماما مثلما التفت الي جماليات الطبيعة حيث يعيش، فكانت كتاباته عن الحمامة البرّية التي تعشّش علي نافذة غرفة نومه، وعن دالية العنب وبعض الورود المزروعة في فناء منزله، وكأنّي به يؤكد من جديد مقولة الراحل الكبير محمود درويش'علي هذه الأرض ما يستحق الحياة'.
وقالت نزهة أبو غوش: أودع الكاتب ابراهيم جوهر كلماته من واقع يعيشه، وذكريات قد خزّنها في قلبه ودماغه لتخرج طليقة في كتاب بعنوان 'يوميّات مقدسيّة' هي يوميّات القدس والإنسان.
بدا فيه التّعبير بسيطًا سلسًا تلقائيًّا كُتب بلغة أدبيّة مصقولة بقلمٍ حسّاس حمل، هموم شعبٍ وهموم مدينة القدس الّتي كاد أن يجفّ فيها كلّ شيء حتّي الأمطار. تلك الامطار الّتي اشتاقها الكاتب، لتفرّج عن نفسيّته المتعبة. قال في ص12' صباح الجمعة مطر خفيف همي فبلّل الطّرقاتِ والمصاطبِ ورؤوسَ الأشجار.. مطر بلّل قلبي'
آمن الكاتب ابراهيم جوهر بقدرة القلم وجبروته علي صنع المعجزات ' بالقلم أبني عالمي علي هوائي' ص7. أحبّ الأدب والكلمة الصّادقة النّابعة من القلب' القصائدُ تبني وطنًا' ص 88.
وقال رفعت زيتون:
في القدس من في القدس إلا أنت.. قالها تميم. للقدس من للقدس إلّا أنت.. بكل ثقة أقولها لإبراهيم جوهر ومن سار علي دربه إلي يوم فرحتها. هذه حقيقة لا ينكرها إلّا جاحد ولا ينساها إلّا من فقد بصيرته، وحتما لا كمال لمخلوق.
وبالتالي فهي حقيقة تسقط عن المادحين تهمة المجاملة التي نحاسب الآخرين عليها
إن كانت في غير موضعها. وهي هنا من باب ردّ الجميل إلي أهل الجمال والانتصار لكل لحظة يقدمونها لمدينتنا.
ما أن تطرقَ غلاف الكتاب حتي تُفتحَ لك بواباتُهُ العالية لتتراءي لك عروسُ المدائن، حبُّه وعشقُه، وهمُّه، وحرفُه الذي ما فتئ يذود به عنها ويرسم به جمالها، ويكتبُ به همّها.
إبراهيم جوهر في هذه التجربةِ الحيّة، والذي كما يقول هو عنها بافتخار المحبين
وتواضعِ العارفين، أنّه حذا حذوَ كاتبنا الكبير والمعلم محمود شقير. ولم يوقف هذا النهر من الإبداع عند نفسه ولم يكنْ به ضنينا، فها هو ينشر فكرة اليوميات علي طلابه أينما حلّ، حاثّا إياهم علي خوض التجربة لبناء صداقة من نوع آخرَ بين الطالب ودفتره إذا عزّ الصديق يومًا.
وهذا هو اقتران الفعل بالعمل. ثم ينقلك إبراهيم جوهر بلغةٍ أنيقةٍ عبر طرقاتِ المدينة في يومياته، تارة يمسح دمع عينٍ هنا، وتارة يسلّط الضوْءَ علي آفةٍ هناك. كان عبر يومياته ودودا في حبه كزهرة، ورقيقا في نقده كفراشة، ومؤلما في فضح الزّيف كضربة السهم. وهنا تخطر علي البال بعضُ الأسئلة، وربما احتاجت بعضَ الجرأة في الإجابة:
وقال موسي أبو دويح: تناولت اليوميّات الأيّام من '23' شباط '2012' إلي الثّلاثين من نيسان '2012'. لم يتخلَّف عن الكتابة في هذه المدّة يومًا. أي جاءت ثماني وستين يوميّة في ثمانية وستين يومًا.
طوّف إبراهيم في يوميّاته متنقّلا من بيته في جبل المكبر إلي المدرسة الّتي يعمل فيها في بيت صفافا، وإلي ثغرة الشّيخ سعد قرب جبل المكبر وحاجزها، وإلي القدس ومقر ندوة اليوم السابع مرورًا بشارع صلاح الدّين، وإلي رام الله مارًّا بقلنديا وحاجزها.
كتب إبراهيم يوميّاته بلغة عربيّة أصيلة فصيحة، آسِرة راقصة جميلة، لاذعة ناقدة واخزة، تفوح منها رائحة الحزن والألم والوجع، ممّا آلت إليه حال اللغة العربيّة في هذه الأيّام، في المدارس والكلّيّات وحتّي الجامعات، وفي الإذاعات والفضائيّات وفي الكتب والجرائد والمجلّات.
إبراهيم جوهر في يومياته ناقد واخز لاذع يري الشّيء الّذي يراه عامّة الناس عاديا، يراه بعين النّاقد البصير، الّذي يسرح عاليًا في الخيال، ويسطِّر لنا بقلمه ما ستؤول إليه الحال. يري إبراهيم في طريق عودته إلي بيته كومة من التّراب أمام 'بيت الرحمة للمسنّين' فيكتب لنا بقلمه صفحة 108 في طريق عودتي شاهدت كومة من التّراب الزّراعيّ قرب 'بيت الرّحمة للمسنّين'. البيت قيدَ التّرميم والتّحسين. ستزرع الورود في حديقة بيت المسنّين.
وقالت رائدة ابو صوي: يوميات تستحق الوقوف أمامها لما تضمنته من مواضيع قيمة، واحتراما للجهد الذي بذله الاستاذ جوهر في جمع هذه الأحداث، ووضعها بين أيدي القراء علي طبق من ذهب. استمتعت جداً وانا أقرأ هذه اليوميات الشيقة، عشت مع أحداث اليوميات يوما بيوم، ومما أسعدني جدا ذكر أديبنا الرائع لأشخاص عشقتهم جداً من المقدسيين وغير المقدسيين، أشخاص تركوا بصمة في قلوبنا أمثال الاعلامي الراحل رحمه الله الاستاذ رضوان ابو عياش.. صاحب مبدأ 'تعميم مبدأ الصراحة.'
في هذه اليوميات الكثير من الدروس والعبر والأفكار التي تستحق أن تتبناها المدارس في أسلوب التعليم لديها. الأديب جوهر له أسلوب مشوق في جعل الطلاب يعشقون اللغة العربية والأدب، أسلوب سلس جميل، الصور في هذه الرواية وخصوصاً المطر والثلج وجبل أبو غنيم كلها سرحت بي في عالم من السحر والجمال والحزن أحيانا علي ما ضاع من أرض، في هذه اليوميات حكم منها قوله في ص '14'للمكان ذاكرة وللكلمات ذاكرة وللإنسان ذاكرة، وقوله أيضا الكتابة نوع من العلاج، العلاج بالكتابة فكم منا يحتاج الي علاج.. ذكر الاديب والكاتب الرائع جميل السلحوت في ص '25'وتشجيع الاديب جميل علي زيادة الاهتمام بالفلكلور والتراث لما في ذلك من قيمة ثقافية،.جميع ما جاء في اليوميات من احداث ومواقف أعجبتني وأثارت شهيتي لللقراءة، في يومياته أثبت أن القدس خالدة مادام لدينا الانسان المثقف والمؤرخ للتاريخ والإنسان.
وقال عيسي القواسمي: شكل اﻷديب ابراهيم جوهر في يومياته المقدسية ذاكرة المدينة التي ﻻ تنسي وﻻ تشيخ أيضا، فكانت هي ذاتها تعيد في ذاكرتنا صياغة الجوهر الحقيقي في أن تكون مقدسيا معرضا لضياع الذاكرة بعد الحرمان من اﻷرض.
هي يومياتنا نحن قبل أن تكون يوميات الكاتب والمدينة والتاريخ، ﻷن همّه كان الهمّ العام، وفيه قد أصاب ما كان غائبا عنا لفترة من الزمن خارج المألوف والعادي، حين وثق بأدب وليس بخبر اللغة والمعني، والمراد له أن يقال مصحوبا بالمشاعر الدفينة للإنسان المقدسي المحبط والمتفائل معا.
فتارة كان يخترق بقلمه كل الخطوط الحمراء ليهاجم تلك العفونة اليومية في محيط حياتنا هنا وهناك، دون أيّ مجاملة أو لف ودوران.
وتارة كان يعرج بإنسانيته علي منطق الطير ليخاطب حمامة أو ريحا شاردة أو غيمة عقيمة مرت بالمكان دون ذاك المطر المنتظر.
وليس من الصدفة أن تتوالد فينا اﻷفكار بعد كل هذا اﻹنزياح خلال التمعن بيومية ما، ﻷن إنتظارها كان يعطي فرصة للخيال والتساؤل في أيّ شأن يومية ابراهيم جوهر سوف تقال.
فكنت في كل مرّة أكتشف ابراهيم اﻹنسان الملتصق بدفء البيت والعائلة، وتارة انظر بعين القلق علي ذاك المريض بالعين الذي يلاحق وهن البصر، ويصرّ علي أن يغافله ليكتب أو يتصفح أو حتي لمجرد المناكفة، لكي يزيل قلقه بعد ترهل العين والجسد معا.
ثم انتقل فجأة الي خضم أمور سياسية اجتماعية ثقافية ﻻ تخطر علي بال أحد، لتكون هي في اليومية العنوان.فكان يستحضرها بفكره الحاضر المشاكس لتكون هي ذاتها فاكهة اليوم والسؤال.
وتمر اﻷيام انكتشف جوانب اخري من أديب يعشق انسياب اللغة فوق كل لسان. أديب وراسم لحاضر بين أجيال لم تعتد سوي القيل والقال.
فنجده يحلل السراب ليجعل من استحالة هذه المهمة المستحيلة حقيقة تدرّس للفتيات والفتيان لعل يتبدل حالهم من حال الي حال.
وقالت سارة عبد النبي:
تجتاحنا الكلمات تفسرنا وتمضي دونما صوت.. حين نعتكفُ الظلمةَ التي في جوارحنا نساومُ العبَراتِ لألأتٍها علّها تمدنا بشيء من رفاة الضياء، نحاول أن صيغَ تعريفًا لهواننا أو لانكماش الهواء علي ضفاف النفس.. لكننا لا نجد إلا الضياعَ دليلًا لنا في النهاية..
حين تغدو الذكريات والأيام مرآةً لأرواحنا.. لابتساماتنا لآلامنا.. ونحملُ همّ الجميع والوطن..
هو ابراهيم جوهر الذي لا يزال يحمل همّ اللغة والوطن والمجتمع هو أستاذي الفاضل الذي نقل لنا بلغته السلسة السهلة الممتنعة..
وبعد ما قلته من كلامٍ يتعلق بالنقد الضمني أو الروحي كما أسميه أنا.. سأبدأ بمحاولاتٍ نقدية من نوع آخر.. يتخلل يوميات الأستاذ الكبير ابراهيم جوهر نوعٌ من السرد المصحوب بالمونولوج أو حوار الذات، بشكل مختلف عن المفهوم العام لمعني المونولوج، فما أقصده هنا هو أنه طرح منظوره ورؤيته الشخصية والخاصة في كل قصة أو حدث مرّ به وعاشه أو عايشه.. ومما تميزت به يوميات كاتبنا كان تنوعها من خلال التطرق لمواضيع مختلفة ثقافية لغوية اجتماعية وحتي تراثية وفولكلورية تاريخية.
وقد جمع الكاتب في يومياته علاقة الأرض بالإنسان، علاقة الشعب بماضيه وتعلقه الأبدي بالقضية. لاحظت أسلوب الطرح والسرد وذكر المكان والزمان وشرح لبعض الأمكنة والأشخاص مما أضفي نوعًا من التثقيف الترفيهي أو المشوق.
ومما كان جليًّا في أسلوبه كان اعتماده علي النقد الساخر من خلال أسلوبه، وهي ليست سخرية عبثية، وإنما هي سخرية تنبع من ألمٍ وحسرة سواء علي اللغة أو الوطن أو الثقافة أو الجيل الشاب الذي لا يزال يري فيه أملًا منقوصَ الأمل أو فرجة يتمني لو تكتمل.
أما بالنسبة لمواضع الضعف في هذا العمل كان التشاؤم الغالب علي معظم الأفكار أو ردات الفعل تجاه بعض المواقف التي حسب رأيي لا تستدعي كل هذا التعمق التراجيدي المتشائم، وخصوصًا فيما يتعلق بالجيل الجديد وثقافة الهمبرغر والكادبوري كما أسماها الأستاذ.
وقالت رفيقة عثمان: وثَّق الكاتب يومياته، لتكون مصدرًا للأحداث اليوميَّة الواقعيّة، التي تمر في مدينة القدس يوميَّا. كما ورد صفحة: 20، 'الواقع احيانا يكون أكثر لؤما من أقسي الكوابيس والتوقعات'.
وقالت رشا السرميطي: أكتب إليك من حبر مداده عبير الورود، أزهاره بألوان الشِّتاء تبلَّلت، ودفء الرَّبيع قد كسي أوراق رسالتي، بعيدًا عن صيف قد يعقبه الخريف الذي يجعلنا نشتاق لهطول الكلمات، وغيث نبضات القلب التي بها نحيا، تحية عنوانها الاحترام، نصها لن أكتبه.. والخاتمة: الصَّمت أجمل الكلام. يوميَّات القدس والإنسان - كتاب ضمَّ بين دفتيه من جمال المعاني وألق الحروف ما يصعب علي قلم فنَّان في القراءة والكتابة أن يصيغ مرسوم كلمة وفيَّة تحقق ما أريد.
ماذا أقول أمام انصاتي الجلل لتلك المعزوفات اليوميَّة التي انفرد بها الكاتب الصَّفاء، معلِّمي الانسان - ابراهيم جوهر- المخلوق الذي انقرض أمثاله، وبات من يشبهونه من النَّفائس المتبقيَّة قلة صامدة علي أعتاب الحنين للقضيَّة التي أبحث عنها، وربما بحثت عنِّي وحتي الآن ما وجد كلانا شاطئه المفقود في بحور اللغة.
لا زالت أصداء صور قلمه ترفرف في آذاني، هو الحرُّ من فلسطين الحُّلم، كم كان حظي كبيرًا يوم عرفته، مذ ذاك الوقت وأنا من خصب علمه ونقاء حنايا فكره أتعلم، أنهل وهو الكريم الذي يعطي بلا حدود.عتبي عليه بأنَّه ليس غزيرًا في اصداراته، والأدب العتب مرفوع لذوي أهله وخاصته، فكل الكتَّاب لديهم من وجع تلك الطريق ما لا تبقي منهم سوي الأقوياء، الأصحَّاء الذين وإن اختفوا عن الضوء، وطمست ملامح هويَّة ابداعاتهم لا بد للشمس أن تضيء علي مذهبات ما تركوا لنا من الأثر الخالد في نبض أمانينا لغدٍ أشفي، وعلي رصيف التضحيات سيكون الطموح هناك منتظرًا لعائد يستلم الرَّاية ويتم المشوار الأبعد، تلك هي الصَّورة بلا تشويه.
فرحي كان مكتملا يوم مسكت كتابًا لك يضمُّ همسات نبضك البيكسليَّة التي كنت تنقرها علي كبسات لوحة المفاتيح بضغطات ذكية، مؤلمة ومليئة بالأمل، كانت تنشر لنا عبر مسارات لا سلكيَّة، لكنَّها اتصلت بكوابل مشاعرنا وأحاسيسنا ذاك الارتباط النصراني الذي لا انفكاك عنه، بات المحب والباغض يأتي متسللا لحانوت أفكارك، يقرأ ويشارك، يهرب ويفرُّ غاضبًا، يشتري ويبيع في أحلام الورق المنثور خاصتك علي أسطر من فضاء. أن تكتب يعني أن تكون متصديًّا في حسام اللغة بقلم عار عليه إن لم يكتب إلا الحق، وقد كنت نعم القلم الذي رفع صوت الحق عاليًا وهزَّ أركان الحكايات بيننا بصوت مجلجل لا أحد يستطيع انكاره.
وقالت نينا برهوم: بعد صنع يوم مليء بالعزاء الجسدي والعقلي، غادرت الي صمت يعالج البلاء الذي داهمني، قراءة الكتاب يوميات مقدسية للكاتب القدير ابراهيم جوهر، اكتشفت من خلال انعزالي مع الكتاب وموجات البحر العازفة، أن الأرق موضوع لا بد منه، نتيجة الألم الذي يعترينا، من الواقع المرير.. وما مع غفلة الكثير من ممنوعي القراءة عن آلامهم.
فأحيانا يجف الألم، فتخف القدرة الكتابية الغنية بفلسفة فكرية، فأشتاق حينذاك الي الألم حتي يُصبغ قلمي بواقع مر جميل.
يوميات مقدسية هي تلك اليوميات العابسة بروتينها، يوميات لا مثيل لها في ديار أوروبية وديار عربية رغم ثوراتها الاخيرة.. فهل من كم لأحداث يومية مثل أحداث القدس؟
أُلخصُ يوميات جوهر بكلمتين هما ألم وحزن. نعم نحن شعب كما قلتَ- تعشق أرواحنا الحزن
و' نحن مرضي فكيف نبتسم'؟و' البكاء صديقنا الدائم.. نحجز له مقعداً في قلوبنا وعيوننا وعواطفنا'.. فهل سبب هذا الوجع هو اغترابنا في بلدنا؟ فتعثرنا في التراب ودفنت أحلامنا.
وقالت لمي الخيري: يحثنا الكاتب في يومياته علي حمل القلم والكتابة والتعبير عمّا يجول بخاطرنا وتسجيل أحداثنا اليومية لتقديم نموذج جديد للكتاب.
يطرح الأديب في يومياته مواضيع عديدة يعيش أحداثها، ويتطرق إلي مئات المواضيع التربوية التي تستحق الوقوف عندها والبحث عن حلول لها، فتلمس حزنه.. ألمه.. غضبه.. وفرحه لكل موضوع تطرق له.
القدس حاضرة في يومياته كيف لا وهي تسكن قلبه وهو لها عاشق؟.. يسرد لنا يومياته في القدس.. يصف بيته في جبل المكبر وطريقه للعمل والمدرسة ومعاناته علي الحواجز العسكرية المنصوبة حول مدينته الحبيبة.
وكتب محمد عليان: اليوميات الغاضبة-قراءة انطباعية في يوميات مقدسية
عندما قرر الكاتب ابراهيم جوهر كتابة 'يومياته ' اليومية ونشرها في المواقع الاكترونية وخاصة موقع التواصل الاجتماعي، أبديت في حديث خاص معه، مخاوفي وقلقي من أن لا يستطيع مواصلة كتابة 'يومياته' بوتيرة يومية، وأنه قد يتوقف فجأة بسبب ما تحتاجه كتابة 'اليوميات'
من جهد ووقت وموضوعات، وقضايا وإشكاليات ورسائل اجتماعية وثقافية وسياسية.. لم يصغ الكاتب لنصيحتي التي شاركني بها عدد من الأصدقاء، وحسنا فعل، فقد واصل الكتابة يوميا، واثبت لي ولغيري من الأصدقاء بعد أشهر طويلة لم تغب فيها 'يومياته' عن الصدور ولو يوما واحدا، أن الواقع مشبع بالأحداث والقضايا والمستجدات اليومية التي تستدعي منا الموقف والرأي.
نحن اخطأنا، وأصاب هو، واستمر رغم تحذيراتنا وقلقنا حتي أصبحت 'يومياته' طقسا من طقوسنا اليومية، لا ينام هو إلا بعد كتابتها ونشرها، ولا يغمض لنا -نحن القراء- جفن إلا بعد قراءتها وربما التعليق عليها.
وكتب نبيل الجولاني: ابراهيم جوهر الذي يبني كتاباته علي قواعد وأسس متينة تبدأ من الجذور ولا تنتهي عند ذوائب الأشجار يشحذ ذاكرته ويستفز ذاكرتنا، يعجن أفكاره بمهارة، يشرح تارة ويضيء تارة أخري، يؤسس وينمّي الذهن والخيال، يطرح أسئلته المشروعة التي تحمل نصف الجواب والجدلية والدهشة التي تتناول الجانب الثقافي والفكري والعاطفي والنفسي الانساني.
ابراهيم جوهر الكاتب الذي يفتح خزائن القلب، ويشعل فتيل الروح يبحث عن الوطن
الحقيقي الوطن الكبير. ابراهيم جوهر المتميز الملتزم بقضايا الحرية والاستقلال والانسان.
ابراهيم جوهر الكاتب الذي يدخل في تفاصيل حياتنا كما أدخلنا في تفاصيل أحلامه يدعونا لنحلم معا، ونعمل معا، ونستعيد ذاكرتنا معا ونستعيد ما فقدناه معا.
وشارك في النقاش محمود شقير، ديمة السمان وراتب حمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.