تتعرض لجنة الخمسين المنوط بها إعداد الدستور لأزمات في الآونة الأخيرة من بينها أزمة استبعاد الاحتياطيين من حضور الجلسات الخاصة بالتصويت علي مواد الدستور حيث تجاوز الأمر بتلويح الاحتياطيين بالاستقالة بعد ان قام الدكتور وسيم السيسي العضو الاحتياطي بالخمسين بتقديم استقالته فعليًا اعتراضًا علي منعهم من المشاركة في التصويت مما أوجد حالة من الجدل داخل اللجنة حيث يري البعض انها ليست بأزمة، بينما يتضامن بعض الأعضاء الاساسيين مع الاحتياطيين، كما أدي اصرار أعضاء اللجنة علي سرية جلسات التصويت علي مشروع الدستور إلي نوع من الريبة من بعض القوي السياسية والثورية الذين اعتبروا ذلك نوعا من محاولة اخفاء ما يحدث داخل اللجنة عن الشعب، بينما رأي البعض الآخر انها محاولة لمنع الجدل والبلبلة، الأمر الذي قد يعرقل عمل اللجنة، التي تشهد نوعًا من الشد والجذب حول مواد الهوية في ظل تمسك حزب النور السلفي بالإبقاء علي المادة '219' التي تنص علي أن 'مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة'، ولكن بدأت تلك الأزمة تتجه إلي الحل بعد تلميح 'النور' بإمكانية حذف المادة. ولم تقف أزمات لجنة الخمسين عند ذلك وحسب حيث سادت حالة من الجدل داخل وخارج اللجنة حول الإبقاء علي نسبة ال50% عمال وفلاحين بالانتخابات البرلمانية في الدستور، حيث يري البعض انها ضرورة لأن الفلاحين يمثلون نصف المجتمع، ويري البعض الآخر انها ستفتح أبوابا كثيرة ومطالب لن تنتهي. ثم ظهرت أزمة جديدة عبارة 'غير المسلمين' بين الأزهر الشريف والكنائس الثلاث، حيث يصر الأزهر علي وضع عبارة 'المسيحيين واليهود'. والسؤال الذي يطرح نفسه علي المشهد الحالي هو: هل دخلت لجنة الخمسين مرحلة تكسير العظام؟ أم انها مجرد عقبات عابرة في استطاعة اللجنة تجاوزها؟.. ذلك ما حاولت ان تتوصل إليه 'الأسبوع' من خلال آراء عدد من السياسيين والقانونيين وأعضاء لجنة الخمسين. ويري محمود العلايلي 'القيادي بحزب المصريين الأحرار وجبهة الانقاذ' ان المشاكل التي تواجه اللجنة هي مجرد أزمات إدارية سوف يتم تجاوزها، قائلا: إنه يعتقد ان اللجنة قادرة علي حلها، مستنكرا تهاون لجنة الخمسين تجاه استقالة الدكتور وسيم السيسي 'العضو الاحتياطي بلجنة الخمسين'، خاصة انها جاءت في توقيت حرج، مطالبا اللجنة بأخذ الاستقالة علي محمل الجدية والموضوعية لانها جاءت لأسباب مهمة، حيث إن هناك غموضًا حول اقصاء اللجنة للأعضاء الاحتياطيين ومنعهم من المشاركة في جلسات التصويت. واستنكر 'خالد المصري' المتحدث الرسمي باسم حركة شباب 6 أبريل جبهة 'أحمد ماهر'، اصرار لجنة الخمسين علي سرية جلسات التصويت علي الدستور، حيث لم يعد هناك فرق بينها وبين لجنة 2012، بعكس لجنة المائة التي حرصت علي الشفافية والتواصل المباشر مع الشعب. واكد 'المصري' أهمية إعلان ما يحدث خلف كواليس اللجنة، حيث ان المسودة الأولي التي يتم التصويت عليها سوف تخرج دون ان نعلم عنها شيئًا مما يثير الشك والريبة حول مصداقية اللجنة خاصة حول المواد الحساسة مثل المحاكمات العسكرية ومواد الهوية وغيرها، وتلك السرية تتنافي مع أهداف ثورة 30 يونية. وقال عبد الغفار شكر 'وكيل مؤسسي حزب التحالف': إن لجنة الخمسين تعمل في ظل ظروف صعبة وتبذل أقصي ما في جهدها من أجل التوصل إلي صياغات توافقية، حول عدد من المواد الشائكة مثل مادة 50% عمال وفلاحين، ومادة مجلس الشوري، والمواد الخاصة بالجيش، ومواد الهوية، والهيئات القضائية، خاصة في ظل وجود ممثلي تلك الهيئات داخل اللجنة حيث تسعي 'الخمسين' إلي الوصول إلي حلول لحسم هذه المواد التي يثار الجدل عليها، مؤكدًا ان الاختلاف في الرأي داخل اللجنة أمر صحي للغاية. وبخصوص سرية جلسات تصويت لجنة الخمسين قال شكر، إن الجميع يرغب في ان تكون الجلسات مذاعة علي الرأي العام، ولكن إن رأت اللجنة انه من الأفضل عدم إذاعة الجلسات حتي لا تحدث بلبلة فالأمر متروك لها لانها الأعلم بالأصلح، حيث إن الأمر المهم هو ان يخرج دستور يعبر عن الثورة. بينما يري الدكتور جهاد عودة 'أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان'، أن ما يواجه اللجنة لا يصح ان نطلق عليه أزمات بل هي مجرد عقبات تعثر عمل اللجنة، وسوف تتجاوزها لتخرج دستورًا جديدًا، معتقدًا انه لن يحدث أي تعطيل في خارطة الطريق ولن نحتاج لمدة اضافية لانجاز الدستور، ولن تتأثر باي محاولات لعرقلة عملها. وقال عودة: إن الجدل المثار حول سرية الجلسات أمر غير مقبول لأن اللجنة هي من تملك قرار إذاعة الجلسات من عدمه، كما ان 'محمد سلماوي' المتحدث باسم اللجنة يقوم بتقديم تقرير مذاع علي الراديو حول ما يحدث بجلسات التصويت، كما ان أزمة الأعضاء الاحتياطيين مجرد أزمة عابرة في مقدور اللجنة بقيادة السيد عمرو موسي حلها. وأشار عودة إلي أن الخلاف حول بعض المواد هو أمر طبيعي ومتوقع معتبرًا مطالبة حزب النور بالابقاء علي المادة '219' مجرد مناقشات لتعطيل عمل اللجنة في إخراج دستور مدني، كما ان الخلاف حول المادة ال50% 'عمال وفلاحين'، والمادة المختصة بمجلس الشوري سوف يتم تجاوزه والتوصل إلي حلول توافقية ترضي الجميع، مضيفًا انه واثق في قدرة اللجنة علي القيام بعملها واخراج دستور ثوري يرضي الجميع مهما واجه من عقبات. وأشار المستشار محمد حامد الجمل 'رئيس مجلس الدولة الأسبق' إلي ان العقبات التي تتعرض لها لجنة الخمسين متعددة، أولها الخلاف علي نسبة50% عمال وفلاحين والتي حذفتها لجنة العشرة، ولكن مازال العمال والفلاحون يطالبون ببقائها، وفي المقابل يعترض البعض عليها لانها تُعد 'كوتة' وسوف تفتح الباب لمطالب بعمل كوتة للاقباط والمرأة وغيرهم، وذلك لا يتفق مع مبدأ المساواة الذي من المفترض ان يطبق. وأوضح 'الجمل' ان الخلاف الثاني يأتي علي مواد الهوية، معترضًا علي حوار اللجنة مع ممثل حزب النور السلفي الذي يصر علي بقاء المادة '219' في الدستور علي الرغم من أنه طبقًا لمشروع الدستور الحالي تم منع الأحزاب الدينية، لذلك فالمناقشة مرفوضة شكلاً وموضوعًا. وتابع 'الجمل' قائلًا إن هناك أيضًا أزمة الاحتياطيين الذين تم منعهم من حضور جلسات التصويت لعدم وجود صفة لهم تمنحهم حق المشاركة في التصويت، ولكن من الممكن تجاوز تلك الأزمة بعمل حوار جماهيري يتم اشراكهم فيه، مضيفًا انه بالنسبة للجدل المثار حول سرية جلسات التصويت للجنة أمر غير منطقي لأنه لا يوجد نص دستوري يقتضي سرية الجلسات، ومن الطبيعي ان تتم المناقشات والتصويت علي قدر من الشفافية. من جهته أكد رئيس الكنيسة الإنجيلية وممثلها بلجنة الخمسين لتعديل الدستور الدكتور القس 'صفوت البياضي'، ان مطالبتهم بتغيير نص المادة الثالثة ووضع عبارة 'لغير المسلمين' تأتي من باب حرصهم علي المساواة بين كافة المواطنين وعدم التمييز بينهم علي أساس الدين، مشيرًا إلي انه تم إجراء تصويت داخل اللجنة المصغرة والتي تتكون من 14 عضوًا، علي تغيير نص المادة الثالثة، وجاءت نتيجة التصويت بنسبة10 أصوات، لصالح وضع عبارة 'لغير المسلمين' وأربعة فقط لترك النص كما هو 'المسيحيين واليهود'، ولكن حتي الآن لم يتم حسم الخلاف علي تلك المادة بين الأزهر والكنيسة حيث لم يتم التصويت بعد في اللجنة العامة. وأشار البياضي إلي ان الأزهر يرفض عبارة 'لغير المسلمين' ولكن لن نختلف مع الأزهر في ذلك، لاننا لسنا نطالب بمصلحة شخصية لنا، فلن نعترض علي بقاء المادة كما هي خاصة في حال إقرار أن تكون حرية الاعتقاد مطلقة، لاننا نثق بأن الدولة ستكفل للجميع حق ممارسة شعائرهم الدينية، وحماية دور العبادة، مضيفًا ان المادة '47' والتي تنص علي حرية الاعتقاد، استمرت مناقشتها حوالي ساعتين تقريبا، وطالب البياضي ان تكون حرية ممارسة الشعائر الدينية حقًا مكفولاً لكافة الأديان السماوية وان يحظي الجميع بحرية بناء دور العبادة وفقًا للقانون.