قال الدكتور نبيل فهمي وزير الخارجية إن الإستراتيجية المصرية في منطقة حوض النيل تمثل جانبًا من التوجه المصري الجديد نحو القارة، يضاف إليها مسألة ضمان الأمن المائي من خلال التحرك المكثف بكل السبل المشروعة للحفاظ علي الحقوق والمصالح المائية المصرية في مياه النيل، بل والعمل علي زيادة حصة مصر لتلبية مطالب التنمية في بلادنا. وأضاف فهمي، في تصريحات له اليوم الخميس، أن القاهرة تحترم في الوقت ذاته تطلعات دول وشعوب حوض النيل بما في ذلك الشعب الإثيوبي الشقيق في مجال التنمية، ومن ثم فإننا نتطلع إلي التوصل إلي حلول عملية من خلال الحوار تضمن مصالح الجانبين، فكل طرف يريد أكثر مما لديه، سواء كان ذلك من المياه أو الطاقة أو التنمية الاقتصادية، وأنه لا مجال لتلبية مثل هذه التطلعات دون العمل والتعاون المشترك بين دول حوض النيل. وشدد وزير الخارجية علي أن هناك اتصالات مستمرة مع الجانب الإثيوبي، لافتًا إلي أنه التقي وزير خارجية إثيوبيا توادروس أدهانوم في نيويورك الذي أكد حرص بلاده علي تجاوز الشكوك التي سادت العلاقات بين البلدين في الماضي والنظر إلي المستقبل. ونبه فهمي إلي ضرورة الابتعاد عن تناول قضية المياه ك'معادلة صفرية' يربح أحد أطرافها علي حساب خسارة الآخر خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع أديس أبابا، وإنما يجب أن تتحول إلي فرصة لتحقيق تطلعات الشعبين للتنمية علي أساس مبدأ تحقيق المكاسب للطرفين دون الإضرار بمصالح أي طرف، وهو أمر يمكن تحقيقه من خلال إيجاد الحلول المبتكرة البناءة والنظرة المستقبلية. وتابع الوزير في تصريحاته 'وأعتقد أن الجانب الإثيوبي يدرك تمامًا الأهمية البالغة التي توليها مصر لقضية الأمن المائي في ظل اعتمادها الكامل علي مياه نهر النيل، وأننا نسعي لزيادة الموارد المائية التي تحصل عليها مصر وليس فقط الحفاظ علي الحصة السنوية في ضوء الاحتياجات المتزايدة للمياه، كما أننا لا نعارض في حق إثيوبيا في الاستفادة من مواردها الطبيعية في تحقيق التنمية دون الإضرار بمصالح وحقوق مصر المائية، ونأمل في أن تبدأ الاجتماعات الفنية التي ستعقد بداية نوفمبر المقبل بين وزارة الري في كل من مصر والسودان وإثيوبيا في وضع هذه القضية علي الطريق الصحيح بما يخدم مصالح جميع دول الحوض، فلا يوجد بديل عن التعاون بين دول حوض النيل بحيث يصبح نهر النيل، كما ذكرت أداة للتعاون والتكامل وليس سببا للصراع والتنازع'. في سياق متصل، أكد فهمي أن القارة الإفريقية شهدت تغيرات كبري خلال العقود الماضية، حيث تمكنت العديد من الدول من تحقيق معدلات جيدة جدًا في النمو وباتت بها مناطق جاذبة للاستثمارات الأجنبية، ومن ثم فإن السياسة الخارجية المصرية تسعي إلي التجاوب مع هذه التغيرات، حيث تنتهج أسلوبًا مختلفا معها كشريك للتنمية سواء من خلال التعاون علي المستوي الحكومي أو القطاع الخاص بزيادة التبادل التجاري والاستثمارات بما يعود بالنفع وتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف. وأوضح، 'لاشك أن المبادرة التي أعلنت عنها في بيان مصر أمام الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بإنشاء 'الوكالة المصرية للمشاركة من أجل التنمية' تمثل تجسيدًا لهذا التوجه، حيث إن الوكالة الجديدة ستوجه أنشطتها للدول الإفريقية الشقيقة بالأساس وستعمل علي تشجيع القطاع الخاص المصري وتقديم الحوافز له للعمل علي زيادة استثماراته الحالية في القارة الإفريقية بما يفتح آفاقا جديدة لها ويحقق مصالح الطرفين'. وأشار فهمي إلي أنه يعتزم القيام بجولة إفريقية كل شهرين علي مدار الستة أشهر القادمة، مضيفًا 'ونأمل أن يتم تنفيذ ذلك في ظل تنازع المواعيد، ولكن كان لابد أن نثبت لأنفسنا ولغيرنا أننا جادون في التزامنا الإفريقي، وهذا كان سبب إصراري علي إتمام زيارة أوغندا وبوروندي وعدم المشاركة في اجتماعين وزاريين مهمين بباريس ولندن في نفس التوقيت'.