وسط الاحتفالات بالذكري الأربعين لإنتصار الجيش المصري العظيم في حرب السادس من أكتوبر 1973 لم يخطر ببالي لوهلة أن هناك قطاع ضئيل من الشعب المصري يريد تخريب تلك الاحتفالات وتحويل الفرحة بالنصر العظيم إلي مأتم حزين. كما لم أكن أتوقع أن يقوم تنظيم الإخوان المحظور وفلوله بتعكير بهجة المصريين بهذه المناسبة الأكثر قومية ووطنية في تاريخ مصر الحديث، وراهنت في البداية علي أن تهديدات الإخوان وفلولهم بالنزول في يوم السادس من أكتوبر وكسر الجيش المصري مجرد 'تهويش' وإثارة ذوبعة في فنجان من أجل إثبات الوجود فقط، وأن ما تبقي لديهم من وطنية وحب لمصر، خاصة في مثل هذه المناسبة التي انتصرت فيها مصر علي عدوها الأول وهو 'إسرائيل' كفيل بأن يمنعهم عن فعل ما ارتكبوه في حق هذا الوطن، الذي يعيشون في خيراته.. لقد خاب ظني وتوحدت ولأول مرة مواقف جماعة الإخوان المحظورة مع مخططات الكيان الصهيوني في كسر إرادة الشعب المصري وجيشه العظيم في أهم وأبرز مناسباته القومية والعسكرية. فعلي مدي أربعين عاماً سعت إسرائيل إلي التقليل من فداحة هزيمتها في حرب السادس من أكتوبر 1973، ووصف ما حدث أنه مجرد 'تقصير' من جانب المخابرات الإسرائيلية أدي إلي عبور القوات المسلحة المصرية لقناة السويس مما أحدث تعادل في الصراع العسكري بين البلدين وأن الجيش المصري فشل في تحقيق إنتصاراً كاملاً في تلك الحرب.. لكن ورغم إخفاق إسرائيل الذريع في الترويج لهذه المزاعم طوال العقود الماضية وفشل مخططها في كسر شوكة الجيش المصري باعتباره أكبر الجيوش العربية والمنافس الوحيد للجيش الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، جاءت الجماعة المحظورة وفلولها ليلقوا لها طوق النجاة ويمنحوها قُبلة الحياة من خلال خرجوهم في مسيرات ضد الجيش. ألم يدرك هؤلاء أنهم لوثوا مصريتهم بذلك واتحدوا مع إسرائيل في هدم وتدمير مصر وجيشها. ألم يدركوا الإحتفاء الكبير والسعادة الغامرة التي تعيشها إسرائيل حينما تري ولأول مرة مصريين يريدون هدم جيشهم المصري، في إطار خطة 'التدمير الذاتي' للجيوش العربية والتي انتهجتها القوي الصهيو أمريكية في منطقة الشرق الأوسط منذ بداية الألفية الجديدة، والتي بدأت بالجيش العراقي وانتهت حتي الآن بالجيش السوري. الكارثة الكبري التي لا يدركها الإخوان وفلولهم أن ما قاموا به من تشويهات وإدعاءات كاذبة، وما يقومون به حتي الآن ضد الجيش المصري، وترويجهم المستمر بحدوث إنشقاقات داخله، يتم تحليله وترجمته علي الفور داخل المراكز البحثية والمخابراتية الإسرائيلية، بهدف استخلاص المعلومات والنتائج المستقبلية حيال الجبهة الداخلية المصرية في حال اندلاع حرب جديدة مع مصر من جهة، ومن جهة أخري مستقبل استقرار الجيش المصري في ظل وجود قطاع من الشعب المصري يعمل ضده، خاصة في ظل إدراك إسرائيل التام للعلاقة الوثيقة بين الشعب والجيش في مصر.. رغم إيماني الشديد بوجود عدد كبير من الشباب المُغيب الذي ما زال واقع تحت تأثير حديث قيادات الإخوان في رابعة العدوية والنهضة، أكاد أجزم أن هذه القيادات تدرك جيداً أبعاد ما يقومون به ضد مصر وأنهم يخدمون بذلك أهداف الكيان الصهيوني ومخططاته ضدها، فتحالف الإخوان حالياً بات جلياً مع الشيطان الأكبر'أمريكا' والشيطان الأصغر 'إسرائيل' بعد أن فُضحت شعاراتهم الكاذبة ونواياهم الخبيثة وأصبح الإخوان وإسرائيل إيد واحدة ضد مصر.