تداول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي فيديو لا إنساني لطبيب يهين ممرض لديه بأسلوب استفزازي لاآدمي وبتصرفات لاتليق بنفس كرمها الله سبحانه وتعالى بقوله"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) الأسراء وان كان هذا الطبيب قد اعتزر عن الفيديو بعد الضجة التي أثيرت واستهجان الرأي العام، وادعي أنه نوع من المزاح.. فهل هذا مقبول شرعاً وقانوناً وأين هي العادات والقيم الإنسانية في احترام آدمية الإنسان للإنسان.. وهل يمكن استعباد الناس وازدرائهم على هذا النحو الفج وهل هذا من الدين في شيئ!! تقول الأستاذة الدكتورة بديعة علي أحمد الطملاوي استاذ الفقة المقارن والعميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بالإسكندرية وعضو المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف فرع الغربية.. أن الأخلاق من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين فبالأخلاق ترفع المقامات وتنال الدرجات وقد خص الله تعالى نبيه بمحامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال تعالى "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم وحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف بينما سوء الخلق يورث التباغض والتحاسد وحث نبيه صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق والتمسك به وجمع بين تقوى الله وحسن الخلق، عن أبي هُريرة، قَالَ: سُئِلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، قَالَ: تَقْوى اللَّهِ وَحُسْنُ الخُلُق، وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: الفَمُ وَالفَرْجُ، رواه الترمذي و للخلق والرحمة منزلة عالية في الإسلام في والرحمة تقتضي الإحسان والتراحم بين الخلق والتآلف والتآذر والتعاطف والتعاون بينهم وأبلغ مثال على ذلك أن جعلت الرحمة صفة من صفات الله قال تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة: 163]. وقال تعالى "وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف. ومن رحمة الله قبول التوبة والعفو عن العاصين والمذنبين قال تعالى "وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ" (25) الشوري، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. فما أحوجنا إلى تطبيق منهج الرحمة بين الخلق وفي حياتنا اليومية فالرحمة من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع حيث تحقق الوحدة والألفة بين المسلمين لتشعرهم بأنهم جسد واحد ومن فضائل حسن الخلق تقول عن أبي هريرة رضي الله عنه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج )) [23] رواه الترمذي. و جاءت الشريعة بالحث عليها وبينت فضلها وقد وصف الله نبيه بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم، وحسن الخلق من كمال الإيمان، قال عليه الصلاة والسلام: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) رواه أحمد وأبوداود ومعنى حسن الخلق كما قال ابن المبارك: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى. وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بحسن الخلق فقال له: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي كذلك أوصى أبا هريرة فقال: (يا أبا هريرة! عليك بحسن الخلق)، قال أبو هريرة رضي الله عنه: وما حسن الخلق يا رسول الله؟ قالك (تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك) رواه البيهقي، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقوى وحسن الخلق، قال عليه الصلاة والسلام: (أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى الله وحسن الخلق) رواه الترمذي والحاكم وقد فسر صلى الله عليه وسلم البر بأنه حسن الخلق فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس) رواه مسلم يعني أن حسن الخلق أعظم خصال البر كما قال صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة ومما يدل على عظم ثواب حسن الخلق قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم) رواه أحمد فعلى المسلم أن يجتهد في التأسي بنبيه عليه الصلاة والسلام ويحرص على أن يكون حسن الخلق مع إخوانه المسلمين ويبتعد عن الفحش والبذاءة وسوء الخلق طاعة لله ورسوله ورغبة في الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن تحلَّى بهذا الخلق الكريم. عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «خَصْلَتَانِ لا يجتمعان في مؤمن: البخلُ، وسوءُ الخُلُقِ».قال عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنه (قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - خلقان يحبهما الله تعالى وخلقان يبغضهما الله تعالى فأما اللذان يحبهما الله فحسن الخلق والسخاء وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق والبخل وإذا أرد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج الناس) أي ثم ألهمه القيام بحقها والوفاء بما استعمل عليه.