أخيرا وبعد استمرار الضغوط طوال السنوات الأخيرة استجابت الصين جزئيا لطلب رفع قيمة عملتها »اليوان«. ليس بتحديد نسبة هذه الزيادة ولكن بالاعلان عن التعامل بمرونة مع هذا الامر. انها خطوة محسوبة بدقة تتيح ان يظل الباب مفتوحا للمساومات والذي بدأته بفَك ارتباط »اليوان« بالدولار. وسط تنامي السيطرة التجارية الصينية يسود العالم شعور بأن القيادة الاقتصادية للعالم في طريقها إلي الانتقال إلي الصين التي يواصل اقتصادها الانطلاق دون توقف حتي في عز الازمة الاقتصادية التي ضربت العالم في نهاية عام 8002 وكل عام 9002. وتوقعا لهذا التطور حتي قبل الازمة الاقتصادية تركزت جهود دول الغرب علي محاولة فرملة هذه الانطلاقة الصينية التي أصبحت ظاهرة فريدة وخارج المنافسة. تجسد هذا التحرك في السعي للحد من الصادرات الصينية الرخيصة التي غزت كل اسواق العالم. ان وسيلتها في ذلك ممارسة الضغوط لرفع قيمة العملة الصينية بما يؤدي الي ارتفاع اسعار المنتج الصيني المصدر الي الخارج بما يتيح الفرصة لترويج منتجات الدول الأخري بأسعار رخيصة نتيجة انخفاض اسعار عملاتها في مقابل العملة الصينية. ولأن الصينيين- بالخبث الاسيوي- يدركون هذه الحقيقة فانها ومن مركز قوة صادراتها ظلت تقاوم ضغوط رفع قيمة اليوان عملتها الوطنية بالصورة التي تريدها امريكا والمعسكر الغربي. هذا الموقف الصامد أكده رئيس الوزراء الصيني ون جياباو. اشار إلي ان بلاده لن تستسلم لهذه الضغوط لانها تري ان استقرار عملتها لصالح المجتمع الدولي كما اكد في نفس الوقت علي استمرار الجهود لزيادة الصادرات. من ناحية أخري كشف نائب وزير التجارة الصيني تشونج شان ان الصين ربما تكون ووفقا للاحصائيات الدولية قد حلت محل المانياالغربية كثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد أمريكا واليابان. ورغم تراجع صادرات الصين بسبب الازمة الاقتصادية بنسبة 8.81٪ عام 9002 مقارنة بعام 8002 فانه من المتوقع ان يتم تعويض هذا النقص بل ويزيد عليه في عام 0102. الشيء الملاحظ انه وانطلاقا من استراتيجية الصينيين فانها لا تستعجل تولي القيادة الاقتصادية العالمية حاليا علي أساس انها تتحرك نحو هذا الهدف وفق جدول زمني بما يضمن تجنب التعرض لاي هزات تمس استقرارها الاجتماعي. إنها في سبيل ذلك خططت لتوجيه مئات المليارات من »اليوانات « لمشروعات الاسكان وتحسين البنية الاساسية في الريف للحد من الهجرة الي المدن بما يؤدي الي اهمال الزراعة. انها تستهدف من وراء ذلك تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والتنمية الثقافية الي جانب تخصيص اعتمادات كبيرة لتشجيع الابتكار والتجويد الصناعي. تحليل هذه الخطوات الصينية يؤكد انها تسير باسلوب مبرمج يستند الي الثقة من أجل الوصول الي الهدف وهذا هو طبيعة الفكر العبقري الأصفر الذي اتمني ان تصل عدواه إلينا.