في مقالها بصحيفة »واشنطون بوست« بتاريخ العاشر من مارس الجاري بعنوان »التحرك المصري ضد منظمات المجتمع المدني .. لماذا ؟«.. تجاهلت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا حقائق أساسية وأساءت الدفاع عن حملتها، التي شنتها ضد المجتمع المدني في بلادها. ومن المهم هنا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح، ونصوب ما جاء في مقالها. لقد أغفلت أبو النجا في مقالها الاتهامات التي ساقتها ضدنا في شهادتها أمام قضاة التحقيق عندما قالت: »لدينا الدليل علي وجود رغبة واضحة وإصرار بين لتقويض أي محاولة تستهدف تقدم مصر كدولة ديمقراطية حديثة، ذات اقتصاد قوي، حيث سيمثل هذا تهديداً لإسرائيل والمصالح الأمريكية«. وقالت أبو النجا في شهادتها أيضا : »إن فريدوم هاوس بالإضافة إلي ذلك هي منظمة قام بتأسيسها اللوبي اليهودي لكي يكيل الاتهامات والانتقادات للدول التي لا تتماشي سياساتها مع الأهداف الأمريكية«. واتهمت أبو النجا منظمتنا بالعمل بالتنسيق مع وكالة المخابرات الأمريكية »سي . آي . إيه« وهنا يجب أن ألفت الانتباه إلي أن أبو النجا فضلت عدم تكرار هذه الاتهامات المزعومة في مقالها. ورغم أن معاداة السامية ومعاداة الأمريكانية كانت جوهر موقف أبو النجا، كما يتضح من شهادتها، إلا أنها أصرت في المقال علي أن القضية برمتها كانت قضائية ولا شأن لها بها . وقالت أبو النجا أن القضية لا تشمل سوي حفنة من المنظمات التي تعمل بمصر بطريقة غير مشروعة. ولكن ما حدث أنه تمت الإغارة علي 10 منظمات مجتمع مدني - 10 منظمات أجنبية و10 منظمات مصرية - وهناك حوالي 400 منظمة مجتمع مدني مصرية تخضع للتحقيقات . ويمكن أن يتم إغلاق كل هذه المنظمات واعتقال موظفيها في لمح البصر. وبعبارة أخري، فإن ما فعلته أبو النجا يمثل بداية لشن هجمات شاملة ضارية وكاسحٍة ضد المجتمع المدني المصري. وحتي نكون أكثر وضوحا، نقول إنه لا أحد منا يعمل بطريقة غير شرعية. فقد قمنا في فريدوم هاوس بتسليم طلب رسمي بتسجيل منظمتنا إلي وزارة الخارجية المصرية قبل ثلاثة أيام من اقتحام مكاتبنا. وهناك بعض المنظمات التي تم اقتحام مكاتبها في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي، كانت قد تقدمت بأوراق تسجيلها في عام 2005 وعام 2006 ولم تتلق أي رد من الحكومة علي طلباتها. وينص القانون المصري رقم 84 لعام 2002 ولا يزال معمولا به علي أن عدم الرد علي أي طلب خلال 60 يوما فإن ذلك يعني قبول المنظمة التي طلبت التسجيل ككيان قانوني وشرعي. والقانون 84 يتطلب أي منظمة عند التقدم بطلب تسجيلها أن تؤسس مقرا لها وتكون فريق عمل . وقد التزمت فريدوم هاوس بالقانون المصري وبحذافيره . كما التقي موظفونا مرات عديدة بمسؤولي الحكومة المصرية لشرح أنشطتنا ونوايانا بشفافية كاملة. أما مزاعم فايزة أبو النجا من أن مراسلين غربيين كثيرين قالوا إننا نعمل في مصر بطريقة غير شرعية فلا أساس لهذه المزاعم من الصحة علي الإطلاق. وكتبت أبو النجا : »أمر قاض مستقل بتفتيش مكاتب المنظمات غير المرخص لها بالعمل، يوم التاسع والعشرين من ديسمبر، وضبط ما يجده من أدلة في هذا الصدد . وقد تم إبلاغي بأن هذه الإجراءات القضائية التي تم اتخاذها لا تختلف أبدا عن مثيلاتها التي يمنح القانون الأمريكي المسؤولين بالحكومة الأمريكية الحق في اتخاذها في مثل هذه الحالة«. ولكن ما حدث يوم التاسع والعشرين من ديسمبر لم يكن تفتيشا، وإنما اجتياح لقوات الأمن المدججة بالسلاح لمكاتبنا ومعها مكاتب تسع منظمات دون سابق إنذار، دون أمر قضائي مسبق، أو في غياب القضاء، ودون علمه حتي. كما أننا لم نتسلم أية إيصالات بالمعدات والأجهزة والوثائق التي استولت هذه القوات عليها عند اقتحامها لمكاتبنا. ما قامت به السلطات المصرية يختلف - تماما - عما يمكن أن يراه المرؤ في أي مجتمع يقوم علي حكم القانون. ترجمة: مجدي كامل