وداعا للشاحن الكهربائي للأجهزة، ووداعا للوصلات اللازمة لضمان استمرارها في العمل.. من الهاتف المحمول، مرورا بالاجهزة الالكترونية، وانتهاء بالسيارة، جميعها سوف يكون متاحا لها الشحن اللاسلكي. الكهرباء اللاسلكية، أو ارسال طاقة كهربائية عبر الهواء، هي تقنية المستقبل التي فضلا عن كونها صديقة للبيئة، فانها تمثل الوسيلة الأسهل والأضمن، بعيدا عن الاعطال التقليدية والطارئة حيث تتحول معها الأجهزة إلي قطعة من الخردة، ولو لفترة مؤقتة، ربما تكون الحاجة إليها في تلك الاثناء شديدة الاهمية. ربما يتصور البعض ان هذه الفكرة ابنة شرعية للتطورات المتلاحقة التي تشهدها البشرية، مع ميلاد القرن الحادي والعشرين، إلا ان رد الفضل لاهله يتطلب الاعتراف بان الأب الشرعي للفكرة العبقرية توفي قبل ان يدرك منتصف القرن الماضي، حيث وافته المنية عام 3491، لكن أفكاره ظلت ماثلة لتلهم العلماء والخبراء بعد نحو 07 عاما، تقنية تتيح نقل الطاقة لاسلكيا. أساس الفكرة استثمار المجال الكهرومغناطيسي، أو الحقل الناجم عن تشغيل ملف، وبالتالي فانه يستحث تيارا في ملف اخر، وبنوع من المواءمة بين حقلين أو عدة حقول تتحول الكهرباء إلي مجال مغناطيسي، ومن خلال التذبذب بتردد معين، ينشأ مجال مغناطيسي آخر، لكنه هذه المرة يكون مثبتا أسفل سيارة، وعند تحول الذبذبة لتيار كهربائي يصل لجهاز الشحن -دون اتصال مباشر- ليقوم بشحن بطارية السيارة! لا يحتاج قائد السيارة إلي تبديل بطارياته، أو إدراك محطة تموين بالكهرباء، أو أي مصدر آخر لتزويد سيارته الكهربائية، أو الهجينة بما تحتاجه من طاقة، أثناء السير علي طرق مجهزة لهذه الغاية، اذ يتم تثبيت منصات كبيرة علي جوانبها تحتوي علي ملفات قادرة علي إنشاء مجال مغناطيسي يمكن استقباله عبر تجهيز السيارات المارة بمنصة تستخدم لشحن البطاريات مثبتة أسفل كل سيارة كهربائية. الأمر نفسه يحدث في مواقف السيارات، فأثناء وقت الانتظار يتم تزويدها باحتياجاتها من الطاقة الكهربائية لاسلكيا بذات الطريقة، بشرط ان يدير قائد السيارة محركها. بالطبع فان نقل الطاقة لاسلكيا علي هذا النحو سوف يتطلب بنية تحتية مناسبة، لكن ربما يكون الأمر أيسر في مدن المستقبل التي يتم تصميم شوارعها ومواقف السيارات داخلها لتلائم هذه التقنية المتطورة، بينما يتطلب بالنسبة للمدن القديمة إعادة تأهيل، ولعل المسألة تكون أكثر سهولة فيما يتعلق بالطرق السريعة خارج المدن. في المنازل ومكاتب العمل سوف يتم الاستغناء عن كثير من الاسلاك والتوصيلات الخارجية، لصالح تجهيزات غير ظاهرة تناسب عمليات شحن الأجهزة الالكترونية في المنزل أو محل العمل بالكهرباء اللازمة، عبر ملفات ارسال واستقبال لا يحتاج إلي اتصال مباشر، إذ تتواصل هي الأخري لاسلكيا، وفق ذات النظرية. الحلم الذي راود نيكولا تيسلا المخترع الذي كان يسبق عصره، أصبح علي وشك التحقق، وإذا كان قد استطاع في أوائل اربعينيات القرن الماضي ان ينقل الكهرباء لاسلكيا، فان الطفرات التقنية التي تأسست علي فكرته من شأنها إعادة صياغة العديد من ملامح المستقبل خلال العقود التالية، خاصة عند التوسع في تطبيقات مبتكرة تغطي الكثير من المجالات والاحتياجات الإنسانية.