إعراض الشعب المصري عن انتخابات مجلس الشوري رفضا لوجوده واستفتاء شعبيا حوله، لم يذهب للصناديق إلا نسبة ضئيلة من الناخبين ليختاروا مجلسا صوريا طالب الكثيرون بإلغائه ما دمنا في مرحلة بناء مؤسسات ما بعد الثورة، وتكلفت انتخاباته مليار ونصف مليار جنيه بينما اقتصادنا ينكمش تحت ضربات الانفلات الأمني وتراجع السياحة وزيادة الإضرابات والاعتصامات.. ما كان أحوجنا إلي استخدام رشيد لتلك الأموال في سد عجز الموازنة العامة بدلا من إقامة المزيد من الديكورات السياسية، فمجلس الشوري الذي أنشأه الرئيس السادات علي غرار مجلس الشيوخ الأمريكي ليستكمل به الديموقراطية الشكلية، ولكي يضم إليه المجلس الأعلي للصحافة الذي يملك الصحف القومية.. لكن صلاحياته المحدودة لم تتجاوز القيام ببعض الدراسات المحفوظة بالأدراج ولم تنفذ، فأصبح كأنه بيت خبرة كبير الحجم باهظ التكاليف رغم وجود المجالس القومية المتخصصة التي تضم نخبة من الخبراء والعلماء في جميع المجالات، والمفروض أن الخبراء لا ينتخبوا من بين عامة الناس ولكن يتم اختيارهم بعناية حسب خبراتهم وكفاءاتهم ليقدموا للمجتمع دراسات قيمة تساهم في تقدمه.. ولدينا جامعاتنا ومراكز أبحاثنا التي تشكو انصراف الحكومة عن الاستعانة بها، وأما المجلس الأعلي للصحافة فيمكن تحويله الي هيئة مستقلة وهناك العديد من الأفكار حول أشكال ملكية الصحف القومية. منذ نجاح ثورة 25 يناير المجيدة في الإطاحة برأس النظام السابق ونحن نطالب بالدستور أولا قبل اجراء الانتخابات البرلمانية وبإلغاء مجلس الشوري مثلما ألغيت كوتة المرأة في البرلمان علي أن تنتهي المرحلة الانتقالية بالانتخابات الرئاسية لنصل الي شكل ديموقراطي مؤسسي لحكم البلاد في هذه المرحلة الحرجة.. ولكن بح صوتنا لأن القائمين علي الأمر أصروا علي اجراء الانتخابات البرلمانية أولا والتي استحوذ فيها الاخوان والسلفيون علي اكثر من 70٪ من المقاعد ثم استحوذوا علي أكثر من 80٪ من مقاعد الشوري التي لم يذهب إليها إلا أنصارهم فكيف لا تبطل هذه الانتخابات بفعل الحضور الهزيل للناخبين، ففي انتخابات النقابات لا تجري الانتخابات إلا بحضور 50٪ + 1 من أعضاء الجمعية العمومية وإلا تلغي أو تؤجل، وليس منطقيا أن نسبة لا تتعدي خمس الناخبين اختارت مجلسا سيشارك اعضاؤه في وضع الدستور بالإضافة الي أن ثلث أعضائه سيعينهم رئيس الجمهورية، ويواصل الآن الاخوان المسلمون استحواذهم علي ما تبقي من سلطات فبعد أن صار (البرلمان برلمانهم) ومعظم( لجانه لجانهم) أصبحت أيضا (الشوري شورتهم) ولا أقصد مجلس الشوري -المرفوض شعبيا- فقط وإنما امتد طموحهم للاستحواذ الكامل علي السلطة فطرحوا فكرة تشكيل حكومة ائتلافية كاملة مع الاستحواذ علي الوزارات الهامة رغم أن حكومة الجنزوري لم تعلن نيتها في الاستقالة، أما الدستور فقد استعدوا له منذ زمن وأعدوا المواد التي يرغبون في تعديلها ليطرحوها في الوقت المناسب، ووصل الأمر الي ذروته بطرح فكرة المرشح التوافقي للرئاسة ليصبح أيضا (الرئيس رئيسهم) صحيح أن إنكار نبيل العربي أظهر انها بالونه اختبار لكنها تشير الي ما يتم تدبيره في الغرف المغلقة في محاولة للاستحواذ علي رأس الدولة لكن مصر لن تعود للوراء. قامت الدنيا ولم تقعد عندما قام الدكتور البرادعي بتسليم الممثلة العالمية إنجيلينا جولي جائزة مهرجان برلين عن اخراجها لفيلم عن صربيا وتداولوا صوره وهو يقبلها علي وجنتيها وهو تقليد غربي لا يمكنه رفضه، ولم يشيروا الي الاحترام الذي قوبل به من مشاهير العالم الحاضرين وخطابه البليغ عن الربيع العربي، إن رجلا بقيمته الدولية هو سفير لمصر ولا يستحق إلا الاحترام.