محمد بركات في لحظة غابت فيها عنها أي حنكة ودبلوماسية، تقمصت السفيرة الأمريكية بالقاهرة، السيدة »آن باتر سون« دور المندوب السامي أيام الاحتلال البريطاني، الذي تخلصنا منه منذ ما يقارب الستين عاماً الي غير رجعة، علي يد الزعيم عبد الناصر، ورجال ثورة الثالث والعشرين من يوليو، وتصورت خطأ أن لها سلطة التدخل السافر في شئون مصر الداخلية، وتخيلت أن لها حق توجيه تعليمات الي الهيئة القضائية في مصر، والتأثير علي التحقيقات وسير العدالة ووفقاً لما أعلن في مجلس الشعب أمس، فإننا نكون أمام حالة من التجاهل الواضح، والمتعمد لكافة الأعراف الدبلوماسية، حيث وجهت السيدة السفيرة خطاباً لقاضي التحقيق المصري في قضية التمويل الأجنبي لبعض الجمعيات الأهلية، والمنظمات المدنية المخالفة للقانون، والممارسة للعمل في مصر بصفة غير شرعية، تطالبه فيه.. دون وجه حق.. بعدم المساس بالرعايا الأمريكيين في مصر، أو تحديد إقامتهم، أو منعهم من السفر. وإذا ما وضعنا هذا التصرف الغريب من جانب السفيرة في سياقه، لوجدناه مسايراً للضجة الأمريكية المثارة الآن، حول قرار قاضي التحقيق المصري بمنع الأمريكيين الستة، من مغادرة البلاد علي ذمة التحقيقات الجارية في القضية، كما يأتي متوافقاً ومواكبا للتلويحات الأمريكية بتأثير القرار علي المعونة لمصر، والتهديد بتخفيضها أو وقفها،..، وهو المنهج والأسلوب الذي ترفضه مصر الدولة والشعب والبرلمان شكلا وموضوعاً. والموقف المصري في ذلك يرجع لأسباب محددة، يأتي في مقدمتها أمران اثنان،..، أولهما أن هذا تدخل فاضح في الشئون الداخلية لمصر،..، وثانيهما، أنه تلويح بالتهديد، وكلاهما مرفوض، ومستهجن،..، وحسناً فعل رئيس مجلس الشعب الدكتور سعد الكتاتني، برفض تدخل السفيرة الأمريكية في الشأن المصري الداخلي، وتأكيده أن المساس بالقضاء غير مقبول علي الإطلاق،..، والتحية واجبة للنائب المستقل مصطفي بكري، الذي كشف أمام المجلس عن خطاب السفيرة. ونحن ننصح السيدة السفيرة، بعدم تقمص شخصية المندوب السامي، الذي كان يتمتع بكراهية كل المصريين،..، وأن تبذل غاية جهدها لوضع بلادها موضع الصديق الداعم لمصر، في إطار الإحترام الكامل والمتبادل بين البلدين والشعبين،..، فهذا أفضل كثيراً. ونواصل غداً إن شاء الله