حلّ رئيس الوزراء الكيني رايلا أودينجا ضيفا علي مصر منذ يوم أمس في زيارة مدتها أربعة أيام، الغرض منها هو التباحث حول مختلف مجالات التعاون بين بلدين ينتميان إلي قارة واحدة هي افريقيا، وتجمع اقتصادي واحد هو الكوميسا، وإقليم جغرافي واحد هو حوض النيل، والبلدان تربطهما علاقات قديمة، توطدت عندما ساندت مصر نضال حركات التحرر الكينية ضد الاستعمار البريطاني، بزعامة جومو كينياتا أول رئيس لكينيا، وجاراموجي أودينجا أول نائب للرئيس الكيني بعد استقلال البلاد في عام 3691. والأخير هو والد رايلا أودينجا الذي تولي رئاسة وزراء كينيا منذ عامين في إطار اتفاق لتقاسم السلطة بينه وبين الرئيس مواي كيباكي، أنهي نزاعا سياسيا في البلاد، نشأ في أعقاب انتخابات الرئاسة التي تنافس فيها الاثنان عام 7002، وأسفرت عن نتائج شديدة التقارب، أدت إلي ادعاء كل منهما بأنه الفائز في الانتخابات. تقاليد الضيافة المصرية الأصيلة، تحتم علينا أن نرحب برئيس الوزراء الكيني علي أرض مصر، غير ان علاقات الصداقة التي تربط البلدين تقتضي منا المصارحة، وتستوجب ألا نخفي علي السيد أودينجا الابن مشاعر الدهشة والاستياء التي عمت الرأي العام المصري، من جراء خطوات تصعيدية، وإجراءات استفزازية، وتصريحات استعدائية، من جانب الحكومة الكينية، استبقت الزيارة، وقطعت عليها طريق التفاهم، ولا أقول حبال المودة! فلقد توقعنا عندما أحجمت كينيا عن التوقيع علي اتفاق عنتيبي يوم 41 مايو الحالي، أن يكون عدم انضمامها إلي الدول الأربع الموقعة علي الاتفاق، هو رغبتها في إفساح المجال نحو مزيد من الحوار، خلال زيارة رئيس وزرائها لمصر، غير أن الحكومة الكينية قررت فجأة وقبل الزيارة بأربعة أيام الانضمام إلي الاتفاق ووقعت عليه، ثم أعلنت علي لسان تشاريتي انجيلو وزيرة المياه انه »لاشيء سيوقفنا عن استخدام مياه النيل كما نحب«، وأنه »ليس أمام مصر إلا الانضمام للاتفاق«، الأكثر من ذلك أن الوزيرة الكينية قالت ان ملف النيل لن يكون مطروحا علي جدول أعمال رئيس الوزراء الكيني خلال زيارته لمصر! قطعا سوف تتصدر أزمة حوض النيل جدول أعمال المباحثات، وسوف يتحدد علي أساسها أي تعاون، حتي لو كان رئيس الوزراء الكيني قد استبعد من الوفد المرافق له وزير الخارجية ووزيرة المياه! أتوقع من كينيا وباقي دول منابع النيل الأشقاء، أن تبادل مصر حرصا بحرص علي التعاون، وتفضيلا للحوار علي المواجهة.. أتوقع منها أن تدرك أن القرارات المنفردة التي اتخذتها لن تفرض أمرا واقعا ولن تنشئ وضعا دائما.. ولا مؤقتا!