أرجوكم لاتحرقوا الوطن.. أرجوكم اتركوه لنا فإن كنتم لا تحبونه فنحن نعشق ترابه الجمعة: سؤال لطالما سألته لنفسي ألا وهو من المستفيد من انجراف الثورة والثوار إلي حالة دموية ؟ ولا شك أن هذا السؤال قد سأله كثيرون غيري لأنفسهم وهو أيضا يفرض نفسه الآن بعد أن خرجت بعض الدعوات علي مواقع الانترنت وتداولتها بعض وسائل الإعلام تدعا الناس إلي استخدام العنف واستبدال الثورة السلمية بثورة أخري دموية يوم الخامس والعشرين من يناير الجاري. والإجابة عن هذا السؤال عندي قد لا تختلف عن الإجابة عند حضراتكم إذا علمنا أن المستفيد الوحيد من دموية الثورة هو عدو هذه الثورة فلا هو الشعب ولا هم الثوار الذين حاولوا بكل ما في وسعهم ومنذ البداية أن يحافظوا علي سلمية الثورة من يومها الأول. ولعلي اذكر وانأ أقف علي سطح مسجد عمر مكرم أشاهد ميدان التحرير في وقت قد أغلقه علينا بعض رجال الشرطة يوم 28 يناير الماضي بعض مشاهد الالتحام بين بعض هؤلاء الثوار ورجال الشرطة حينما كانوا يحاولون أن يوصلوا رسالتهم إلي هؤلاء الجنود قبل أن يطلقوا عليهم قنابل الغاز أو يضربوهم بالعصي فيرددون سلمية... سلمية. وبقيت هذه الكلمة (سلمية) شعارا للثورة طوال أيامها الأولي بل وكانت بمثابة مفتاح لأي مشكلة تنشب بين طرفين وان كانا من الثوار فتجد هناك من يردد... سلمية... سلمية. ليتمكن من فض الاشتباك واذكر كذلك انني سمعت بعض الشباب حينما نزلت قوات الجيش إلي ميدان التحرير يرددون هذا الشعار وصارت سلمية الثورة هي أول ما لفت أنظار العالم إليها وبقيت حتي الآن الميزة الأولي لها عند كثير من المحللين والسياسيين والمؤرخين الذين ربما لم يصادفهم أن قرأوا عن ثورة أخري تميزت بالسلمية غير الثورة المصرية العظيمة. ولعظمة الشعب المصري اخذ كذلك يردد بعض الشعارات الأخري التي كانت وما زالت عنوانا للعلاقات بين الثوار وغيرهم وبين الثوار ومصر نفسها فكنا نسمع ونردد (اللي يحب مصر...مايخربش مصر) و(الشعب والجيش أيد واحدة ) و(مسلم ومسيحي أيد واحدة) و(الشعب يريد حقن الدماء) وغيرها من الشعارات التي وحدت بين الصفوف وعمقت في قلوب أبناء هذا الوطن حب مصر وأهلها وحينما كانوا يختلفون مع المجلس العسكري أحيانا كانوا يرددون شعارات تظهر أن الخلاف مع المجلس في بعض الأمور لا يعني العداوة مع الجيش بأكمله بل كانوا يعللون ذلك أحيانا بأن العمل السياسي لا يخلو من يمارسه من انتقادات الخصوم وان هذا النقد يأتي في إطار سياسي بعيدا عن أي أمور أخري. ومخطئ من يحاول أن يصور الثوار علي أنهم مخربون أو لا يعلمون مصلحتهم ولا مصلحة الوطن ومخطئ كذلك من يحاول أن يزيحهم عن العمل الثوري والسياسي بحجة أنهم قد أدوا ما عليهم وما عليهم إلا أن يجلسوا في بيوتهم في الوقت الذي لم تتحقق فيه من مطالب الثورة إلا بعضها وهل الإصرار علي استكمال مطالب الثورة التي ضحي من اجلها المئات بأرواحهم والآلاف بدمائهم يعد جرما خصوصا إذا ما صاحب هذا الإصرار الخوف علي الوطن والتزام حالة السلمية ؟ هم أعداء مصر السبت: ولكن يجب أن نعلم انه مع مرور الأحداث وكثرتها وتنوعها وتغير أماكنها وتواريخها علي ارض مصر الحبيبة وعلي مدي عام مضي كنت ألاحظ أن هناك من يريد أن يحول مسار الثورة من سلمية إلي أخري دموية وكان الثوار يواجهون في سبيل الحفاظ علي سلمية ثورتهم مشاقا كثيرة وأصعب ما يواجهك أحيانا أن تجد من يريد أن يدفعك إلي العنف دفعا في وقت أنت لا تريد ذلك بل تريد عكسه تماما. وظهر في هذه الأحداث مصطلح جديد حاول المغرضون علي اختلاف أماكنهم وأساليبهم أن يلصقوه بالثورة وهو مصطلح (البلطجي) الذي ظهر أول ما ظهر علي الساحة بمثابة الشماعة التي يعلق عليها البعض أخطاءه. وكنا نرفض ذلك ونرفض أن يقال إن من بين الثوار بلطجيا ولكن بمرور الوقت وإلحاح بعض وسائل الإعلام علي وجود هذا المصطلح أصبح بالفعل واقعا يؤمن به البعض وان كان متشككا في وجوده أو لا يعرف أشخاصا بأعينهم ينطبق عليهم هذا الوصف. ثم سرعان ما ظهر بعض الأشخاص ولست اعرف من أين أتوا وهل جاءوا برغبتهم أم تم الدفع بهم إلي الميدان وفي وسط الثوار وكانوا لا يظهرون إلا وسط الأعداد القليلة حتي أني اذكر انه قبل جمعة 27-5-2011 بأيام انطلقت بعض الشائعات المرعبة وكان من بينها أن البلطجية سوف ينزلون إلي الميدان وسيفتكون بمن فيه مما اضطرنا ان نقوم بتفتيش أسطح المنازل بأنفسنا ثم مر اليوم بعد ذلك علي نحو سلمي رائع فقلنا لعل العدد الكبير الذي حضر منع البلطجية من الظهور وبالفعل لاحظنا أن العدد كلما ازداد قلت أعمال العنف والشغب واختفي من يسمون بالبلطجية والعكس بالعكس. المهم مع ظهور هؤلاء بدأت بعض أعمال العنف في صورة مواجهات بينهم وبين اهالي الشهداء أو المصابين أو الثوار وكنا نجد من بين الشباب الكثير والكثير ممن يتفهم أن هناك من يريد أن تنحرف الثورة عن مسارها السلمي ومرت علي الثورة أيام صعبة كأيام شارع محمد محمود وشارع مجلس الوزراء وغيرها سمعنا فيها عن الطرف الثالث (اللهو الخفي) الذي حصد أرواحا كثيرا من المتظاهرين وحاولت كثير من وسائل الإعلام تشويه صورة الثورة والثوار علي نحو يوحي للشعب علي أنهم يميلون إلي العنف والحرق والهدم أكثر منه إلي السلمية والهدوء. واستيقظنا فإذا عام مضي علي ثورة 25 يناير المجيدة التي تحققت من مطالبها وأهدافها القليل وبقي الكثير وإذا الشعب مطالب بأن يخرج محتفلا بثورته ومستكملا مسيرته نحو تحقيق بقية المطالب وسط دعوا تدعوا إلي سلمية الثورة وأخري تدعو إلي العنف علي اعتبار أن الثورة السلمية لم تحقق شيئا من وجهة نظرهم ولأنني ممن يؤمنون بالسلمية شأني شأن كثير من أبناء هذا الوطن وجدت انه من واجبي أن أناشدكم السلمية حبا لهذا البلد العظيم وحتي لانفتح الطريق أمام من يريد حرق الوطن انتقاما من الثورة العظيمة لان المستفيد الوحيد من حرق مصر هم أعداء مصر هم أعداء الشعب هم من لا يريد لهذا البلد أن تقف علي قدميها من جديد.. هم من يريدونها نارا مشتعلة بين الشعب والجيش أو بين الشعب والشرطة أو بين المسلمين والمسيحيين حتي يصلوا إلي أهدافهم البائسة وحتي نحافظ علي الوطن ونحافظ علي ثورتنا ونحافظ علي جيشنا ونحافظ علي مقدراتنا انصح نفسي وإياكم بأن تقطعوا الطريق علي المخربين بكل ما أوتيتم من قوة وشكلوا لجانا شعبية في كل مكان من أرض مصر الغالية لحماية المنشآت الحيوية العامة والخاصة. شكلوا لجانا شعبية لحماية المساجد والكنائس والمصانع والمدارس والمراكز والأقسام ويا ليت كل عامل أو موظف يحمي مكان عمله أو يساعد غيره إذا كان لا يعمل. علي طلبة المدارس أن يحموا المدارس وعلي عمال المصانع أن يحموا المصانع وعلي رجال الدين أن يحموا المساجد والكنائس وعلي من سيخرج في ميادين مصر أن يحمي منشآتها وممتلكاتها. إننا نريد أن يمر هذا اليوم بردا وسلاما علي مصرنا الحبيبة.. إننا نريد أن نستكمل المسيرة ونحقق مطالب الثورة ونقتص لشهدائنا دون أن ينقض احد علينا أو علي ثورتنا تحت اي مسمي وبأي سبب لان مصر بأرضها ونيلها ومصانعها ومدارسها ومراكزها وأقسامها وجيشها هي ملك للمخلصين من أبناء هذا الوطن. حماها الله وبقيت لنا ولأجيال قادمة أمنا وأمانا. وأقول لمن يريد حرق مصر أرجوكم لا تحرقوا بلادنا.. أرجوكم لاتحرقوا الوطن.. أرجوكم اتركوه لنا فإن كنتم لا تحبونه فنحن نعشق ترابه وان كان قد هان عليكم فعلينا أبدا لن يهون. لن يهون. لن يهون. استيقظت يوم الأحد الموافق 8-1-2012 علي خبر استدعائي أمام قاضي التحقيقات المختص في أحداث مجلس الوزراء أنا والأستاذ طارق الخولي والأستاذة نواره نجم بتهمة التحريض علي العنف ضد قوات الأمن والحقيقة أن هذا الخبر الذي انتشر انتشار النار في الهشيم في كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة كان مفاجئا لي لانني لم أكن يوما محرضا أحد علي احد سواء قوات الأمن أو غيرها بالعكس مواقفي المعلنة كلها تقول وبلسان فصيح انني كنت دائما محرضا علي السلمية وحقن الدماء وعقد المعاهدات بين الشرطة والمتظاهرين.
العاقبة عندكم في المسرات الأحد: المهم بقيت في بيتي من الأحد وحتي مساء الثلاثاء وأنا أشاهد الأخبار التي انتشرت حول هذا الموضوع كأي مشاهد عادي دون أن يصلني اي استدعاء رسمي حتي أن وزارة الأوقاف أيضا حولتني إلي تحقيق عاجل اعتمادا علي ما نشر وقبل أن يصلني كذلك اي استدعاء رسمي وعلي ما يبدو أن هناك من كان ينتظر هذا الخبر علي أحر من الجمر من الإخوة الذين يحبونني ويحبون أن يتغزلوا بسيرتي دائما ويحلوا لهم أن يتباركوا بسمعتي فأصبح هذا معلقا وأضحي هذا مفسرا وبات ذاك معللا وكنت أعجب أحيانا واضحك أحيانا أخري من كلام هؤلاء المحبين الذين ادعو الله ألا يشفيهم من حبهم لي ولا من تعلقهم بي. المهم جاءني استدعاء رسمي مساء يوم الثلاثاء علي أن امثل أمام قاضي التحقيقات المحترم صباح يوم الأربعاء الموافق 11-1-2012 وبالفعل ذهبت وبعد أن قابلت السيد قاضي التحقيقات بمكتبه حدثت بعض الأمور التي أعقبها قرار السيد قاضي التحقيقات بتأجيل التحقيق حتي صباح يوم الأحد الموافق 15-1-2012 ودون أن اعلم ماهي التهمة وهل ما يتقوله الفضائيات صدقا أم أن هناك أمورا أخري. وحتي لا يفهم أحد أن هناك مؤامرة أو شيئا يدبر لنا في الخفاء قرر كذلك السيد قاضي التحقيقات إتماما للشفافية والنزاهة أن يكون التحقيق معنا في ميدان التحرير أو في مسجد عمر مكرم ولكني طلبت من سيادته أن يكون التحقيق في مقر التحقيقات الطبيعي في محكمة القاهرةالجديدة حتي لا يفهم احد إننا فوق القانون واحتراما للقضاء المصري ولان القضاء يؤتي إليه ولا يأتي هو إلي احد وبالفعل تقرر أن نذهب يوم الأحد 15-1-2012 كما قلت سابقا إلي مقر التحقيقات بالقاهرةالجديدة ورجعنا لنشاهد الفضائيات ونقرأ الصحف وهي تعلق علي ما نحن متهمون فيه مابين مؤيد ومعارض وشامت ومزايد رغم أن أحدا لم يكن يعرف حتي هذه اللحظة ولا أنا شخصيا ما هو الاتهام الموجه لي. ومرت الأيام وذهبت يوم الأحد 15-1 لأفاجأ انني مطلوب للشهادة فقط ولست متهما بأية اتهامات ولم توجه إلي أية تهمة وبعد أن أدليت بشهادتي للاستدلال أمام السيد المحترم قاضي التحقيقات عدت إلي بيتي سالما غانما بحمد الله وتوفيقه لأجلس مع نفسي متعجبا لما حدث سواء من الفضائيات التي اعتمدت علي خبر غير صحيح تم تسريبه لتردده علي مدي أسبوع كامل ويعلق عليه الاخوة المحبون. فقلت لنفسي هل يصح أن يكون هذا هو حال الاعلام وبعض الإعلاميين بعد الثورة.. أليست الدقة والأمانة في النقل والطرح مسئولية كل اعلامي.. أليست الكلمة أمانه أمام الناس وأمام الله عز وجل. ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: (وهل يكب الناس في النار علي وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم). عموما رب ضارة نافعة فقد استفدت كثيرا مما حدث علي الأقل علي المستوي الشخصي وعرفت قدري عند كثير من الناس من كل التيارات والقوي السياسية ممن اتصلوا بي وتضامنوا معي وظهر حبهم لي جليا فكان ولا يزال وسيظل وساما علي صدري وجميلا في عنقي.. وعلي المستوي الاعلامي عرفت مدي قيمة التدقيق في مصدر وصحة الخبر قبل أن انشره أو اعلق عليه. وعلي المستوي الانساني والثوري ازددت قوة علي قوتي وأصبحت اليوم اقوي من الأمس بفضل الله تبارك وتعالي ويبقي الشكر واجبا لكل الإخوة الثوار والإعلاميين والمحامين والصحفيين الذين تضامنوا معي ولا عزاء لغيرهم والعاقبة عندكم في المسرات.