العادلي يضحك عندما سمع أمين شرطة يقول »ربنا ينتقم من الوزير« لم يكن أمس يوما عاديا داخل قفص الاتهام الذي ضم بين جوانبه المتهمين حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه. وأنه رغم حرص المتهمين علي ان يبدوا متماسكين وفي كامل لياقتهم البدنية والحيوية إلا ان القلق تمكن منهم وظهر عليهم التوتر خاصة حبيب العادلي وجمال مبارك.. وقد اسودت وجوه جميع من بداخل القفص عندما عرضت النيابة مشاهد مصورة تدين الشرطة بقتل المتظاهرين السلميين أثناء أحداث المظاهرات. وقد وصل المتهمون الثمانية المحبوسون بسجن طرة في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحا وأودعوا بالحجز الملحق بالمحكمة، إلا أن مبارك تأخر وصوله إلي حوالي الساعة الثانية عشر، وقد أشيع البعض سبب هذا التأخر إلي وجود شبورة مائية كثيفة أحالت دون إقلاع الطائرة، إلا ان التوتر أصاب جمال وعلاء مبارك، وانتابهما الشعور بالقلق علي صحة والديهما خاصة بعد مرافعة النيابة أول أمس..وفور وصول مبارك وفي تمام الساعة الثانية وعشر دقائق فتح قفص الاتهام بالمحكمة ودخل علاء ووضع كرسيه بجوار الدكة الأخيرة المثبتة بالقفص وخرج علي الفور وأغلق باب القفص خلفه، وبعد عشرين دقيقة دخل العادلي مرتديا ملابسه الزرقاء ونظارته السوداء وفي يديه حقيبته الصغيرة وخلفه مساعدوه.. وبعد خمس دقائق دخل جمال وفي يديه بعض الأوراق وقلم.. ثم دخل علاء بيده كشكول سلكي بغلاف أصفر ووضعه علي الكرسي الخاص به ووقف الاثنان انتظارا لدخول والدهما.. وفور ان نادي الحاجب معلنا دخول المحكمة دخل حسني مبارك راقدا علي سريره الطبي مرتديا ترنج كحلي وملتحفا ببطانية زيتي اللون وبعد أن تم وضع السرير في مكانه داخل القفص اصطحب علاء كرسيه وجلس بجوار والده ووقف جمال أمام سرير والده كالمعتاد. وبعد خمس دقائق قام رئيس المحكمة النداء علي المتهمين لإثبات حضورهم داخل القفص فهب علاء واقفا.. وتوجه جمال ناحية الميكروفون المثبت داخل القفص وحمله بيده ووضعه أمام فم أبيه، الذي رد علي القاضي بصوت متحشرج منخفض »موجود« بينما رد علاء موجود حضرتك وقال جمال »أفندم« رافعا يده اليمني. وجلس العادلي كعادته وحيدا علي الدكة الأولي داخل القفص علي الطرف الأيمن لها وبعد أن انتهوا من إثبات الحضور أخد علاء الميكروفون ووضعه في مكانه وعاد علاء ليجلس علي الكرسي واضعا »أكلاسيه« علي قدميه بينما ظل جمال واقفا مربعا يديه ممسكا بالقلم بيده ناظرا إلي هيئة المحكمة..وسمح رئيس المحكمة للنيابة باستكمال مرافعتها وأمسك جمال مبارك بالورقة والقلم مستعدا لتدوين ملاحظاته علي مرافعة النيابة، ونظر لوالده وفي هذه الأثناء قام علاء بإخبار والده بأن مرافعة النيابة سوف تبدأ. وأثناء استسرسال ممثل النيابة في مرافعته كان جمال وعلاء ينظران إليه في حين حرص العادلي علي تسجيل كل كلمة يقولها ممثل النيابة وحاول جمال وعلاء أن يكونا متماسكين غير متأثرين بحديث النيابة، إلا ان علاء ارتسمت علي وجهه »تكشيرة« وبدا جمال لأول مرة منذ بدء المحكمة يشعر بالقلق وأخذ يفرك وجهه بأصابع يديه ناظرا إلي النيابة ويبدو يفكر فيما تقوله النيابة. وبعض لحظات يحني جمال رأسه نحو اليمين وينظر باستعجاب واستنكار للمحامي العام عندما قال »انها ليست قضية قتل عادية وإنما قيام نظام بقتل شعبه« وأن المتهم الأول فيها رأس النظام..وعندما قال ممثل النيابة إن المجني عليه شعبا.. هز جمال رأسه رافضا حديثه ومسح بيده علي أنفه. وفي حوالي الساعة الواحدة و53 دقيقة نظر جمال بعمق علي الحاضرين داخل القاعة وسجل ردود فعلهم في الورقة التي معه علي مرافعة النيابة التي تحمل ألفاظا شديدة اتجاه المتهمين، بينما كان ينظر العادلي إلي ممثل النيابة من حين إلي آخر بتعال مستنكرا حديثه. وفي الساعة الواحدة و55 دقيقة وقف علاء يمارس التمارين الرياضية ويحني جذعه إلي الأمام وإلي اليمين والخلف ثم يسند يديه علي ظهر كرسيه حيث ظل يمارس التمارين لمدة 5 دقائق ثم عاد وجلس علي كرسيه. وفي تمام الساعة الثانية وعشر دقائق أعلن ممثل النيابة انه سوف يعرض مشاهد ولقطات القتل والعنف التي استخدمت لقتل المتظاهرين وأخبر علاء والده انه سوف يعرض فيلما تسجيليا عن الأحداث. وفور عرض هذه المشاهد وجه مبارك نظرة علي الشاشة الموجودة داخل قاعة المحكمة وتابع »بتكشيرة« هو وجمال وعلاء مشاهدة هذه اللقطات بينما وضع العادلي الورقة والقلم وأخذ ينظر إلي هذه اللقطات غير مبال.. وسرح ثم يعاود النظر مرة أخري ويعبث بالورقة والقلم بين يديه وتنحني للخلف ليتحدث مع أحد مساعديه. وبعد مرور عرض هذه المشاهد بدا التوتر علي العادلي وعندما تم عرض مشهد حول ضرب المتظاهرين مباشرة وقتلهم نظر جمال نحو العادلي ثم اتجه مرة أخري وينظر إلي الشاشة، وبعد عرض مشاهد لقتلي وجرحي هز العادلي جسده وهو جالس ونظر خجلا إلي الأرض وحاول ان يشغل نفسه باللعب بالورقة والقلم، بينما شعر علاء بالألم وحاول جمال إخفاء توتره. وفي الساعة الثانية و53 دقيقة عرضت النيابة مشهدا لأمين الشرطة وهو يتحدث قائلا: »ربنا ينتقم من وزير الداخلية فابتسم العادلي«. وبعد خمس دقائق رفعت المحكمة الجلسة للاستراحة فقام علاء وفتح باب القفص وأمسك جمال بسرير والده وقام هو وعلاء بإخراجه خارج القفص وخرج خلفهم العادلي ومساعدوه.