طالعتنا صحيفة »اليوم السابع« بإعادة نشر سلسلة مراجعات فقهية وفكرية وسياسية كتبها قيادات الجماعة الإسلامية في التسعينيات أثناء وجودهم داخل السجون أرادوا بها إعادة ترتيب قواعد الشريعة الإسلامية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الفرق بين حدود الفرد في تطبيق الأمر والنهي بالمقارنة مع حدود الدولة وسلطان القانون لضمان عدم إساءة استخدام فضيلة النهي عن المنكر وفق مفاهيم فردية ليست محل إجماع فقهي أو بوسائل خارجة عن سلطان الدولة وبطرق تهدد بنزاعات أهلية أو طائفية دامية. رئيس تحرير »اليوم السابع« الأستاذ خالد صلاح، قدم لهذا الملف المهم لتزامنه مع قيام شباب الدعوة السلفية بتأسيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكتب قائلاً:[ الآن.. سيسأل الناس قيادات الجماعة الإسلامية إن كان ما كتبوه لنا في منتصف التسعينيات في مراجعاتهم هو لوجه الله ولشريعته وقرآنه، أم أنه كان إرضاء للسلطة التي امتلكت آنذاك عصا السجن وسحر الحرية ظلما وقهرا واغتصابا؟ وسيسأل الناس عاصم عبدالماجد وناجح إبراهيم وكرم زهدي: هل ما يحدث الآن من إعلان مبادرات فردية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفق مع شرع الله الذي شرحتموه لنا في المراجعات، أم يتعارض مع أحكام الإسلام؟]. البحث الذي نشرته »اليوم السابع« تحت عنوان : »النصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين« جاء كما وصفته الصحيفة متضمنا نموذجا فريدا لإعادة ترتيب القواعد الإسلامية، وتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بداية من تعريفها وحدودها، وكيف تتحول من فضيلة يجني الفرد المسلم من ورائها الحسنات، إلي نقمة تنعكس عليه بالسيئات، مشدداً علي أن الكثيرين أخطأوا عندما حولوا مسألة تغيير المنكر إلي وسيلة إيذاء للآخرين. وقدم البحث الذي احتاجت كتابته 177صفحة تسعة نماذج حقيقية شكلت صدمة للبعض لكثرة ما ألفوها في المجتمع علي أنها تتناقض مع أحكام الدين في حين أنها صحيح الدين. واستأذن الزميلة »اليوم السابع« في إعادة نشر تلك الأمثلة الصادمة، كالآتي: المثال الأول الذي تطرحه الجماعة هو قيام أحد الأشخاص باعتراض رجل وامرأة، يمشيان في الطريق ليسأل الرجل عمن تصحبه وقرابته بها، وأسباب سيرهما معا، وهل ما إذا كان بينهما نسب أم لا؟! لم تعترض الجماعة الإسلامية علي :[النية الصادقة لمن يعترض الرجل والمرأة أثناء سيرهما معا، بخوفه من أن يكون مصطحبا امرأة أجنبية، يرتبط بها بوسيلة غير شرعية] إلاّ أنها أكدت تأكيداً قاطعاً كما جاء في البحث علي عدم جواز اعتراضهما، باعتبار أن هذا الكلام غير جائز لا للمحتسب المتطوع، ولا حتي للمحتسب المعين، ما داما ليسا في موضع ريبة، إذ أن السير في الطريق ليس تهمة للناس، ولا يجوز أخذ الناس بسوء الظن والريبة، وافتراض التهمة فيهم، بينما ظاهرهم البراءة واستندوا علي رأيهم بما قاله الماوردي: [وإذا رأي وقفة رجل مع امرأة في طريق، لم تظهر منها أمارات الريب لم يعترض عليها بزجر ولا إنكار]. المثال الثاني: اعتراض سبيل الفنانين وفرقهم أثناء عودتهم من الأفراح، وتحطيم ما معهم من آلات، وضربهم ضرباً مبرحاً، عقاباً لهم علي منكر فعلوه في هذا الفرح كما يظنون! تبرير، أو تحريم، الاعتداء علي الفنانين كما جاء في البحث الذي كتبه قيادات الجماعة الإسلامية نتعرف عليه غداً.. بإذن الله.