ما دمنا نتحدث عن »إرادة الناس« ذلك التعبير الذي يروق للكثيرين المتاجرة به الآن، فإن الأصل في اختيار اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، يجب أن يوافق ارادة هؤلاء الناس يعني الشعب، لا حزب أو جماعة، أو حتي البرلمان. ثم لماذا كل هذا الصراخ عند الحديث عن معايير اختيار اللجنة؟ فليقل من يشاء ما يشاء، ولتكن الكلمة النهائية للشعب عبر استفتاء يحسم الأمر نهائيا دون وسطاء أو أوصياء أو مفوضين. وما دمنا نتحدث »بالاصول«، فالأصل أن تكون اللجنة أو الجمعية التأسيسية ممثلة للجميع، جميع الأطياف والطوائف، دون اقصاء، أو احتكار، أو استثمار خبيث للحظة، بحيث تترجم اتفاقا مجتمعيا، بعيدا عن التخطيط لفرض اختيارات بعينها، لا تعبر إلا عن مرحلة زمنية قصيرة، أو توجهات لتيار سياسي أو ايديولوجي مع تهميش ما دونه، بل اختيارات تنأي عن التحزب والمصلحية الضيقة والمكاسب العاجلة. هذا التوافق الذي تحاول تيارات بعينها أن تجعله إما بشروطها، أو باستحالة حدوثه، عليها الاجابة عن سؤال بسيط: هل الدستور شأنه شأن أي قانون يمكن اعادة صياغته، كلما تشكلت أغلبية برلمانية عقب كل انتخابات؟ قولوا أمام الناس جميعا، دون »لف ولا دوران« وحتي »نفضها سيرة« وبلا مماحكات: ما هي مواصفات لجنة صياغة الدستور؟ وماذا تريدون »دسه« في مواده وفصوله؟ علي من يتحدث عن »إرادة الناس« ان يؤمن أن الدستور وثيقة تعبر عن الجميع، لتسمو فوق الجميع، وحتي ذلك الحين نقول لهم: »دستور يا أسيادنا«!