التاجر عندما يفلس يبحث في دفاتره القديمة لعله يجد مخرجا من أزمته المالية. وبما ان مصر تمر هذه الايام عن عمد وقصد بمنعطف تاريخي خطير يؤثر في مصالحها الاستراتيجية وامنها القومي اقليميا ودوليا. حتي ان الخبثاء وصفوا هذه المرحلة التي اختلط فيها الحابل بالنابل بأن مصر قد اصيبت بالعقم وعدم القدرة علي انجاب العلماء والعباقرة والمبدعين في شتي المجالات ساعدهم في تأكيد هذا التوصيف حكام مصر وآخرهم الرئيس المخلوع - الأمر الذي ورثه المجلس العسكري الذي يدير مصر الآن حيث يواجه أزمات امنية وسياسية واقتصادية بالغة التعقيد وهو في صدد بناء مصر الثورة حيث ارغم علي اللجوء الي البحث في دفاتره القديمة لعل وعسي العثور علي مخرج آمن لحلول جذرية يواجه بها هذا المأزق المتعدد في أزماته فلم يجد امامه متاحا الا اختيار الجنزوري رئيس وزراء مصر الأسبق ليترأس الحكومة الجديدة أملا ان يستطيع الرجل القيام بتحويل النقم التي عاني منها في ظل النظام السابق الي نعم يرضي عنها ثوار التحرير المعتصمون في الميدان وتحقيق احلام وطموحات الشعب المصري.. وبما ان التاريخ دائما ما يكون المرجع الذي نلجأ اليه وقت الأزمات والذي يؤكد علي ان مصر ولادة ولن تصاب بالعقم في انجاب الرجال فاننا نهمس في اذن وعقل رئيس الحكومة الجديد بان حلول مشاكل مصر الثورة تبدأ من صعيد مصر مصنع الرجال عبر التاريخ والذي يجيد انجاب المفكرين والادباء والمثقفين والعلماء والقادة العسكريين والسياسيين والعباقرة والعمال المهرة. ان حكومة الجنزوري الجديدة سوف تحتاج الي عناصر فاعلة وادوات وأذرع قادرة علي البناء بعيدا عن التملق والنفاق يستمدون قوتهم من قدوة لهم حيث يتميز الصعيد بوجود مثل هذه العناصر التي ترعرعت في كنف وسيرة رفاعة رافع الطهطاوي وطه حسين وعباس العقاد والمنفلوطي ومشايخ الأزهر واساتذة الجامعات واعضاء المجمع اللغوي ومجمع البحوث الاسلامية وعلي الساحة المصرية هناك جيل صعيدي ينتشر حاليا في ربوع مصر منهم من يملك المصانع والشركات وآخرون يديرون مؤسسات صحفية ويترأسون الجامعات والمعاهد العلمية وعلماء عظمام في مجالات الطب والهندسة والزراعة مثل : جمال الغيطاني ونجيب ساويرس وسامح عاشور ومصطفي بكري وآخرين خاصة وان النظام السابق أهمل متعمدا جميع القيادات الصعيدية وابعدها عن القيادة كما قام بجهل مطبق وغباء سياسي نادر بحرمان محافظات الصعيد من نصيبها في التنمية الشاملة واقامة المشروعات العملاقة علي اراضيهم وخلت الخريطة السياحية رغم ان الصعيد به ثلث آثار العالم.