زوجة الشهيد حسن سعيد حسن وطفلتهما الوحيدة ونظرة إلى المستقبل المجهول اللون الاسود يسيطر علي الشارع المؤدي الي مشرحة زينهم.. النساء يتشحن بالملابس السوداء.. العيون تنزف بالدموع حزنا علي فراق فلذات الاكباد والاحباب.. الصراخ هو سيد الموقف. ومواكب الشهداء تنطلق محملة بجثث الشهداء واحدا تلو الاخر في رحلة النهاية الي جنة الخلد.. »الأخبار« كانت هناك ورصدت الاحزان والالام.. سجلات دفاتر المشرحة تقول ان عدد الشهداء 33 شهيدا تم تسليمهم جميعا بينهم تلميذ بالصف الثاني الاعدادي. اصيب برصاصة استقرت في قلبه بشارع محمد محمود أودت بحياته في الحال ومن بين الضحايا ايضا عامل بمطعم كوفي متأثرا بجراحة أول امس داخل مستشفي معهد ناصر بعد ان اصيب برصاصة في ظهره مساء الاحد الماضي وتوفي علي اثرها صباح أول أمس..وصرح الدكتور اشرف يحيي الرفاعي مساعد كبير الاطباء الشرعيين ل»الأخبار« انه تم التعرف علي جميع جثث الضحايا ال33 وتسلمها جميعا لذويها بعد الانتهاء من التشريح واستصدار قرارات التسليم. واشار الي ان انواع الاصابات التي تسببت في قتل الضحايا وعددهم 62 والذين تم استقبالهم بالمشرحة حتي ظهر الثلاثاء الماضي هي اختناق بالقنابل المسيلة للدموع لحالتين ومثلهما نتيجة كسور بالجمجمة. أما باقي الضحايا وعددهم 22 نتيجة الاصابة بأعيرة نارية.. واضاف الدكتور الرفاعي ان اخر 7 حالات والذين تم استقبالهم منذ منتصف ليلة أول امس الثلاثاء حتي مساء امس كانت الوفاة نتيجة الاصابة بطلقات خرطوش.. وأرجح ان 4 حالات فقط من اجمالي اعداد الضحايا استقرت بجسدهم المقذوفات بينما باقي الضحايا لم يستقر بهم المقذوف حيث اصاب الضحايا وخرج..وان هذه المقذوفات 3 منهم من نوع 9م اطلق من طبنجة والمقذوف الاخير نوعة 26.7م اطلق من بندقية الية.. .وقال الدكتور محمود أمين نائب كبير الاطباء الشرعيين ان المشرحة تشهد هدوءا نسبيا منذ صباح الثلاثاء الماضي خاصة من قبل اهالي الضحايا الذين كانوا رافضين منذ اندلاع.. الاحداث بتشريح جثث ذويهم الضحايا وتسلمها من المشرحة دون تشريح أو استصدار قرارات التسليم ولكنهم الان اصبحوا قانعين تماما بفكرة التشريح حتي لا تضيع حقوق ذويهم. بالاضافة الي تبدل الفكرة التي كانت تسيطر عليهم في البداية فإن الطب الشرعي متواطيء مع المجلس العسكري وانه لن يذكر الاسباب الحقيقية للوفاة في تقارير الصفة التشريحية مشيرا ان الضحية هو الحاكم الأول للطبيب الشرعي اثناء عمله. علي الجانب الاخر شاركت »الاخبار« لحظات الالم والحزن الذي سيطر علي أهالي الضحايا الذين وقفوا امام المشرحة في انتظار جثث ذويهم لدفنها. فالكلمات عاجزة عن وصف المشهد الحزين.. فالاطفال والنساء والرجال تبكي منهم من ينهار تماما فيسقط مغشيا عليه غير مصدق لما حدث لذويه ليراها مرة أخره قبل مثواه الاخير. فالحرقه ممزوجة بالغضب فمنهم من يهذي بكلمات غير مفهومة ومنهم لن يستطيع الكلام وترك دموعه توصف ما بداخله ومنهم من يرفع يده للسماء داعيا الله عز وجل بالصبر والدعاء للشهداء الضحية.. اسرة من ضمن الاسر المكلومة وقفت أمام المشرحة في انتظار ذويها الشهيد حسن سعيد حسن 03 سنة عامل بمطعم فزوجته تحمل طفلتها التي لا يتعدي عمرها 3 سنوات غير مصدقة لما حدث لزوجها وتنتظر مستقبلا مجهولا وطفلتها بعد ان فقدت عائلها الوحيد.. والام تصرخ وتبكي في حرقة وحزن علي نجلها. قالت الزوجة زينب محمود والدموع تنهمر من عينيها ان زوجها الشهيد توجه لميدان التحرير مساء الاحد الماضي لمشاركة المتظاهرين ومعه عدد من اصدقائه الذين طلبوا منه التوجه معهم فأصيب برصاصة في الظهر وتم نقله الي مستشفي معهد ناصر.. فأتصل بي أحد اصدقائه وأخبرني ان زوجها مصاب ويرقد في المستشفي الان فتوجهت علي الفور الي المستشفي لزيارته وكان في ذلك الوقت يتحدث معي بعد ان فاق من العملية الجراحية التي اجريت له لاستخراج الرصاصة حتي اطمأن قلبي..ثم تركته في منتصف الليل وأخبرته انني سوف احضر في الصباح لتحضر بعض الاشياء من ملابس وطعام له.. واضافت زينب بكلمات منقطعة.. توجهت في الصباح الي المستشفي ليخبرني الاطباء بإن زوجها توفي ومحفوظ الان بثلاجة المستشفي.