لعلها ليست صدفة أن يكون يوم 14 مايو موعدا لاجتماع دول منابع النيل في أوغندا ليتقاسموا المياه فيما بينهم وينتقصوا من حصة مصر والسودان التاريخية في مياه النيل والتي تضمنها اتفاقيٹا عام 9291 و9591.. ففي مثل هذا اليوم من كل عام منذ 36 عاما تحتفل إسرائيل بذكري قيامها علي أرض فلسطين. والمسألة واضحة كالشمس فمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية تغل يد الدولة العبرية عن شن حرب علينا، وهي لن تنسي هزيمتها المنكرة في حرب 37. فتحاول بشتي الطرق أن تلعب في مصالحنا الاستراتيجية ولم تجد ملعبا مفتوحا ومناسبا ومصر غائبة عنه إلا دول حوض النيل التي تحتاج مساعدات في جميع المجالات، وهي علي استعداد أن تنفذ أي طلبات يأمر بها المانحون. ومنذ بداية التسعينات وإسرائيل توطد علاقاتها مع دول منابع النيل السبع والتي يطلق عليها دول »المنبع« وهي: أثيوبيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا وكينيا وبروندي والكنغو الديمقراطية.. وتقدم لها المساعدات بجميع الأشكال بل تساعد في جلب استثمارات ومشروعات يمولها الاتحاد الأوروبي. ولقد شاهدت ذلك واضحا خلال زيارتي لأوغندا في بداية العام الحالي وهناك برتوكولات تعاون أمنية وزراعية بين البلدين. ولم يكن مستغربا أن توقع 4 دول علي الاتفاق الإطاري خلال الاجتماع الذي عقد أول أمس في عنتيبي بأوغندا، فأثيوبيا وأواغندا ورواندا وتنزانيا من أكثر الدول الافريقية انتفاعا من إسرائيل وأكثرها تعاوناً معها. إسرائيل تري أن من مصلحتها أن تقطع المياه عن مصر أو حتي تخلق توترا في مصر والسودان بسبب مياه النيل، وتقوم بالترويج لفكرة أن دولتي المصب يحصلان علي 68٪ من مياه النيل، وأن حصولهما علي هذه النسبة كانت بموجب اتفاقيات تم إبرامها ابان الاحتلال البريطاني وتحرض دول المصب ضد مصر والسودان، والغريب ان ايران تتفق مع إسرائيل وتعزف علي نفس الوتر بل تشجع أوغندا علي أن تتبني فكرة أن تكون مياه النيل التي تصل مصر والسودان بمقابل مادي، وهناك محامون وقانونيون ايرانيون يقومون حاليا بإعداد مذكرة قانونية بهذا الشأن لتقوم أوغندا برفعها أمام المحكمة الدولية! وأري اننا في مصر تعاملنا مع هذه القضية الاستراتيجية باستهتار ومتأخر، وأهملنا التعاون مع دول المنبع إلا من بعض المشروعات في مجال الري، كما أن بعثاتنا الدبلوماسية ليست علي المستوي المطلوب في مثل هذه الدول، وزيارة واحدة لهذه الدول نلمس من خلالها ضعف أداء هذه البعثات مقارنة ببعثات إسرائيل وحجم اتصالاتها وتأثيرها. لا يكفي أن نقول إن توقيع أي اتفاقية بدون مصر والسودان غير قانوني وغير نافذ وغير شرعي ونتواكل علي ذلك.. فلو تحركنا مبكراً لما فكرت هذه الدول في تقاسم مياه النيل للجور علي حقنا. أخشي أن تتسبب المياه في اشعال حرائق الحرب في أفريقيا. التحرك الدبلوماسي السريع والمكثف مطلوب.. قبل أن نبكي علي المياه الممنوعة! [email protected]