هل ضاع الحب من بين أيدينا لوطننا.. هل اندثرت الصورة الجميلة التي كنا نراها عند عودة المصريين لبلادهم بأنهم يسجدون علي ترابها شكراً لله علي الأمان الذي تنعم به مصر دون دول العالم؟! لقد خرج الجميع من دورهم يبحثون عن حقوقهم والكل يؤمن بأنه صاحب اليد العليا في استرداد هذا الحق سواء كان سلميا أو باستخدام القوة وإحداث تلفيات بمؤسسات الدولة. الصورة مربكة وعنيفة والكل مسئول سواء المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة والشرطة من جانب والقوي السياسية والدينية والمواطنون من جانب آخر فالقرارات التي تصدر ينطبق عليها القول بأنها قرارات مهزوزة يتم العدول عنها تحت الضغط والتظاهر والاضراب والاعتصام وبالتالي تقديم العنف علي طبق من ذهب لمن أرادوا لهذا الوطن انفلاتا أمنيا لا يستوي معه أي استقرار فتتحقق رؤيتهم الباطلة هم ومن بعدهم الفوضي، فهل صرنا نحقق لأنفسنا ما تمناه أعداؤنا في الداخل والخارج من خراب وتدميروضحايا ومصابين. هل عُمِّيت أبصارنا وبصيرتنا فأصبحنا لا نري ما نحن فيه من ارتباك سياسي فكثير من المواطنين لا يهمه اسم هذا الحزب أو ذاك في الانتخابات البرلمانية المقبلة فالكل يتحدث عن ان الصراع السياسي بين هذه التيارات الحزبية والدينية والفلول ما هو إلا صراع من أجل الحصول علي القطعة الأكبر من كعكة الانتخابات أما ما يمر به الوطن من مشكلات اقتصادية واجتماعية تنذر بخطر داهم يهدد حياة الأسرة المصرية فليس له حل جذري في برامجهم إلا من قبيل شعارات تطلقها القوي السياسية والدينية المتنافسة لاجتذاب صوت الناخب نحوها. ولنقرأ بعضا من المشهد الاقتصادي المربك الذي تمر به البلاد فالفلاح لا يجد سماد لأرضه وأسعار الخضر والفاكهة واللحوم والسلع الأساسية في ارتفاع مستمر والمواطن لا تكفيه فتات الزيادة النسبية في دخله أمام توحش الأسعار والدولة تستنزف مواردها في الاتجاه الانفاقي لسد الثغرات الاقتصادية التي اتسعت نتيجة غلق أو توقف المئات من المصانع عن الإنتاج وزيادة حجم البطالة الذي تضخم بعد توقف عجلة السياحة إلي مصر نتيجة عدم الاستقرار وهروب الاستثمارات وغلق الطريق أمام الاستثمارات القادمة. ولقد أحزنني وأحزن كل مواطن ان يعلن وزير الصناعة ان مصر فقدت استثمارات ب 71 مليار دولار نتيجة أحداث دمياط المتعلقة بمصنع موبكو »أجريوم« وحصار الميناء هناك. الدولة أصبحت لا تجد بوصلة تهديها إلي الحفاظ علي أمن الدولة بما يحقق لها الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي فأصبحنا نعيش في جو من الاضطراب السياسي والوقفات الاجتجاجية والمظاهرات والاعتصامات والمصادمات بين أجهزة الأمن والمواطنين فارتفعت فاتورة الضحايا والمصابين وكأننا فقدنا عقولنا في ايجاد آلية ايجابية للتحاور وأماكن للتفاهم دون الخروج لتعطيل مصالح الوطن والمواطنين وسارت العداوة واضحة بين المتظاهرين والشرطة والمجلس العسكري والحكومة وكأننا عدنا إلي الوراء بأبشع صورة لا نري شيئا سوي ما نصبو إليه ولو كان ذلك علي حساب وطننا الغالي. لا ننكر أن قرارات الحكومة المرتبكة علي المسرح السياسي تشكل جزءا رئيسيا في حالة الانفلات الأمني ولكن أليس بيننا من يجد طريقا آمنا لإصلاح هذا الارتباك أم نزيد الطين بلة بزيادته وتغليفه بالعنف فنصبح جميعا في مهب النيران نحرق بها أغصان بلدنا التي ارتوت بدماء الثوار الأنقياء. الحكومة وسط ارتباكها سياسيا أقدمت علي خطوة أخري لا تقل خطورة عن مشاهد العنف التي نعيشها كل جمعة بمسميات مختلفة ألا وهي الانهيار الاقتصادي لجسد الدولة وداخل المواطن.. ولهذا حديث آخر.