ما هذا العنف المكبوت والغضب الخارج عن السيطرة الذي يحدث في أرجاء الوطن من ميدان التحرير الي الاسكندرية ومن السويس الي دمياط وغيرها ويهدد الامن والاستقرار؟ ولماذا هذا الاحتقان والفوضي والاعتصام وبشكل غير مبرر وبينما انتخابات مجلس الشعب علي الابواب من اجل برلمان ما بعد الثورة؟ ولماذا ذلك الانفلات الامني وفي توقيت متزامن وكأنما هناك ايد خفية تعمل علي العبث بمقدرات الوطن ومستقبله؟. ومن يرصد تطورات العنف الذي يجري علي الساحة ويتخذ اشكالا مختلفة لابد ان يطرح هذه التساؤلات عن الازمات المفتعلة التي تسعي الي اسقاط هيبة الدولة ووضع الحكومة في مأزق.. وخذوا مثلا ازمة مصنع موبكو لانتاج الاسمدة والذي تبلغ الاستثمارات فيه 81 مليار جنيه ويساهم فيها القطاع العام بنسبة 07 في المائة ويدر علي الدولة ارباحا سنوية 007 مليون جنيه، وقد ادي اغلاق المصنع بصفة مؤقتة لتهدئة اهالي دمياط الي حين قيام خبراء عالميين بقياس وجود تلوث البيئة من عدمه كما اثارت الشائعات وبالتالي توقف العمل في التوسعات الجديدة لهذا المصنع.. وبالتالي تم فك الحصار علي ميناء دمياط والذي كان يكلف خسائر بحوالي 53 مليون جنيه في اليوم وغرامات تأخير تفريغ شحنات السفن الموجودة في الانتظار وهو ما كان يسيء الي سمعة الميناء.. ولذلك اعتقد ان هناك ايدي خفية تعمل علي الاثارة والتحريض كما حدث في ازمة مصنع الاسمدة في دمياط واطلاق الشائعات عن التلوث بينما الانتاج منذ عام 89 ولم يصب العاملون فيه اكثر من عشرة آلاف بأي اضرار او امراض، واثبتت الفحوص عدم وجود اي تلوث بيئي من انتاج المصنع!. كل هذا يحدث بينما مصر علي حافة الازمة المالية الخطيرة لو استمر الحال علي ما هو عليه عن تراجع الانتاج واستمرار النزيف من الاحتياطي النقدي والذي تناقص بعد 52 يناير من 63 مليار دولار الي قرابة 22 مليار دولار وخلال ستة شهور، وحسب تقرير الفاينتشال تايمز فان مصر مهددة بالافلاس خلال 11 شهرا.. وهو ما يدعو الي التساؤل: هل يعي الشعب المصري خطورة هذا الوضع المتفاقم اقتصاديا وبينما نضيع الوقت في الاعتصامات بميدان التحرير وقطع الطرق وخطوط السكك الحديدية؟ وهل يدرك ملايين البسطاء تداعيات الانفلات الامني والتراجع الاقتصادي علي توفير رغيف الخبز وفرص العمل واحتياجات المعيشة لهم؟ كان المنتظر ان يتفرغ الشعب للانتاج وتعويض الخسائر الناجمة عن الانفلات الامني والاعتصامات التي ادت الي توقف السياحة وكان تدر 11 مليار دولار سنويا ويعمل بها الآلاف بسبب احجام شركات السياحة العالمية عن تشجيع السياحة الي مصر نتيجة الاوضاع الامنية.. وبينما الاحزاب والائتلافات السياسية.. وعددها حوالي اثنين وخمسين مشغولة بالجدل البيزنطي عن وثيقة السلمي وبينما انتخابات مجلس الشعب علي الابواب والمرشحون متفرغون لحملاتهم الانتخابية.. وهو ما يدعو الي التساؤل: ماذا يريد المصريون؟ هل يريدون خراب البلد؟ وهل يريدون انهيار الدولة وإفلاسها؟ وهل يريدون إحراقها؟. وبنظرة فاحصة علي احداث ميدان التحرير بعد مرور مليونية الجمعة بسلام فإنه تبدو عدة مؤشرات الي نويا مبيتة: 1 المحاولات المستمرة لاقتحام وزارة الداخلية من جانب مجموعات من المتظاهرين الفوضويين الذين لا يمثلون ثورة 52 يناير والهدف تحدي هيبة الدولة وإثارة الفوضي. 2 محاولة افشال الانتخابات البرلمانية قبل اجرائها من جانب بعض القوي المشبوهة وحتي لا تتم في موعدها وذلك لان هذه الانتخابات النزيهة والحرة ستحدد حجم كل حزب وقوة سياسته وتضعها في مكانها الحقيقي. 3 محاولة الاساءة الي المجلس العسكري وترويج انه يهدف للبقاء في السلطة، وكذا قطع الطريق علي خارطة الطريق التي التزم بها لاجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ووضع الدستور في التوقيتات المحددة ونقل السلطة بعدها الي حكم مدني منتخب من الشعب. 4 محاولات الشحن المستمرة للشباب بالشائعات المغرضة وبدعاوي مختلفة لاثارة الصدام بينهم وبين قوات الامن والشرطة العسكرية.. ولذلك أتساءل: لمصلحة من هذا العنف واحراق سيارات الشرطة واشاعة الفوضي؟ ولمصلحة من اشعال الاحداث التي تؤثر علي مسيرة البلاد والثورة؟ ويجيء الجواب صادقا علي لسان اللواء الفنجري: بأن ما يحدث هدفه إسقاط مصر!. وإذن ما هو المخرج من هذه الفوضي.. واعادة الامن والاستقرار الي الشارع؟ لابد من الردع المقنن لمواجهة الانفلات وفرض سيادة القانون وهيبة الدولة بحيث يوضع حد لاعتصامات ميدان التحرير التي تحدث بلا مبرر بين الحين والآخر. لابد من توافر الارادة السياسية لازالة الاحتقان ونزع فتيل الغضب بالاسراع من جانب الحكومة في حل المشاكل وعدم التراجع عن القرارات لان ذلك يشجع علي الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية. لابد من عدم التجاوز من جانب المتظاهرين ايا كانت الدوافع والاسباب في حق المجلس العسكري والقوات المسلحة ولاننسي انها التي قامت بحماية الثورة والانحياز لها منذ البداية واثبتت ولاءها للشعب. ومرة اخري اقول: ان هناك ايادي خفية تريد العبث بهذا الوطن وبمقدراته وقد تكون داخلية وخارجية وبما يتطلب الضرب بقبضة الردع القوية ضدها.. فان مصر أولا وأخيرا!.