أكدت اللجنة القومية لتقصي الحقائق حول التمويل الأجنبي للمنظمات والجمعيات علي توصيات وملاحظات مهمة أعدها المستشار د.عمر الشريف مساعد وزير العدل للتشريع رئيس اللجنة.. ويواصل المستشارين أشرف العشماوي وسامح أبوزيد المنتدبين من وزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي تحقيقاتهما في القضية. أكدت التوصيات ان التمويل الأجنبي للجمعيات أغراضه سياسية للتدخل في شئون مصر، واستخدام المعونات لتحقيق أغراض معينة أو انتصار لفئة بالمجتمع علي أخري عن طريق ضخ الأموال التي تحقق ذلك، والمؤكد ان ذلك ليس من مصلحة المجتمع إذ إنه يمثل خروجا علي التوازن الطبيعي لجميع الفئات بشكل يضر بالمجتمع ويؤدي إلي تفككه وتعظيم الاختلافات والخلافات فيه بدلا من سعي افراده إلي الذوبان في باقي عناصر وأفراد أمتهم. كما أنه يؤدي إلي وجود عناصر خارجية وأهداف غريبة علي الوطن تقوم بالعبث في مقدراته بدلا من جعل مصيره في أيدي أبنائه. والدليل علي سوء نية بعض الجهات المانحة هو السعي الدائم كما أظهر التقرير إلي التحايل علي القوانين وعدم اتباع الطرق الشرعية في ضخ أموال المعونات وعدم الالتجاء إلي الشفافية في ابداء مصادر انفاق تلك الأموال حتي تكون علي مرأي ومسمع من أجهزة الدولة وكافة مواطنيها. وتري اللجنة تلافيا لتلك السلبيات وجوب مقاومتها وذلك بعدة وسائل أولها تشريعية تتمثل في وجوب تغليظ العقوبات الواردة في القانون رقم 48 لسنة 2002 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية وقانون العقوبات وجعلها رادعة سواء في حالة تكوين منظمات خارج الأطر الشرعية التي تكفل شفافية أدائها لنشاطاتها أو في تلقيها الأموال أو في انفاقها في الغرض المخصص لها. ثانيا: تبين للجنة ان »ملف المعونات الخارجية والتمويل الأجنبي« التي ترد للمنظمات والجمعيات الأهلية المصرية يحتاج ان تولي الدولة عناية كبيرة له إذ يثبت من كافة المستندات التي قامت اللجنة بفحصها، والواردة من عدة جهات رقابية وحكومية، ان حجم المبالغ الواردة من الخارج إلي تلك المنظمات والجمعيات ضخم للغاية وانه يتسم بصفات الديمومة والتلاحق وعدم الانقطاع. وهو ما يجعل الملف برمته أكثر حساسية وخطورة من ان تتولاه وزارة ما بمفردها، مما تقترح معه اللجنة إنشاء »هيئة مستقلة« تتولي الإشراف علي هذا الملف، وبحيث يكون لها -دون غيرها- حق منح الموافقة علي ورود التبرعات الخارجية لتلك المنظمات والجمعيات ومقدارها. علي ان يتم تزويد هذه الهيئة بما تحتاج له في مباشرة المهام الموكلة إليها من معلومات وبيانات لدي مختلف الأجهزة الرقابية بالدولة ووزارة التضامن الاجتماعي في هذا الصدد، حتي نضمن اتخاذها قرارات صائبة تصب في صالح الشعب المصري في إطار من الشفافية الكاملة. ويكون ذلك بموجب مرسوم بقانون يصدر في هذا الشأن تتولي وزارة العدل اعداده بمشاركة ممثلين عن الجهات والوزارات المعنية. ثالثا: وجوب تفعيل دور وزارة التضامن الاجتماعي فيما يتعلق بالرقابة التي رسمها القانون علي نشاطات وأداء منظمات المجتمع المدني. ونود في هذا المقام ان نلفت إلي ما ثبت من موافقة الوزارة علي منح إحدي الجمعيات مبالغ يزيد مجموعها علي 692 مليون جنيه دون استيفاء الاشتراطات علي النحو الذي ثبت بالتقرير الماثل، وهو الأمر الذي يثير شبهة التلاعب الذي يصل إلي حد الجريمة المنصوص عليها في المادة 89/د من قانون العقوبات والتي عاقبت بالسجن مدة لا تزيد علي خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من تسلم أو قبل مباشرة أو بالواسطة بأية طريقة أموالا أو منافع من أي نوع كانت من شخص أو هيئة في خارج الجمهورية متي كان ذلك في سبيل ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المواد.. 89/ب من هذا القانون. وهو الأمر الذي توصي اللجنة بإجراء التحقيقات عن طريق النيابة العامة سيما وان من المتعارف عليه ان جمعية أنصار السنة المحمدية لها ميول سلفية ومن المفترض ان التمويل الوارد إليها من جهات التمويل الخارجية قد تم استخدامه في غير الأغراض التي تمارس عليها هذه الجمعية نشاطها، مما يثير في شأنها تلك الجريمة. رابعا: وجوب تطبيق القوانين علي المنظمات العامة حاليا خارج الأطر الشرعية حتي يكون ذلك رادعا للتدخل الخارجي غير الشرعي في شئون الوطن. وفي هذا السياق تود اللجنة ان تلفت النظر إلي الجرائم المثارة في الأوراق وإلي ان العقوبات الواردة بها غير رادعة مما يلزم معه تعديلها علي النحو الذي يحقق ذلك الردع. خامسا: تبين للجنة ان الرقابة علي مناحي صرف مبالغ التبرعات والهبات الواردة من الخارج للمنظمات والجمعيات الأهلية المصرية هو أمر بالغ الخطورة وعلي درجة عالية من الصعوبة. أما بالنسبة للخطورة فقد ثبت للجنة -علي النحو الوارد تفصيلا بصلب التقرير- ان مئات الملايين من الجنيهات تم صرفها أو تخصيص أوجه صرفها علي نحو لا علاقة له بنشاط الجهة التي تلقت التمويل وهو أمر يفتح أوسع الأبواب للتلاعب والمساس بسلامة الوطن في هذه المرحلة الدقيقة. وأما عن الصعوبة فلا تخفي علي أحد، إذا ان الأمر يتعلق بمئات الملايين من الجنيهات التي ترد بصفة دائمة من خارج البلاد إلي أعداد ضخمة من المنظمات والجمعيات الأهلية المنتشرة في كل محافظات مصر من أقصي الجنوب إلي أقصي الشمال، بينما الواقع أكد عدم وجود أي جهة رقابية مسئولة صراحة عن مراقبة أوجه صرف هذا السيل المنهمر من الملايين. مما تقترح معه اللجنة انشاء »فرع شرطة بوزارة الداخلية متخصص يكون لها مكاتب علي مستوي الجمهورية بحيث يكون مراقبة صرف هذه المبالغ وضبط الانحرافات فيها هو دورها الوحيد«. سادسا: وجوب تعديل القانون رقم 48 لسنة 2002 علي النحو المذكور في التقرير الماثل لاحكام التنظيم لعمليات تمويل الجمعيات وانشائها والرقابة عليها وضم الجمعيات المنشأة بموجب اتفاقيات نمطية مع وزارة الخارجية إلي رقابة واشراف وزارة التضامن والعدالة الجتماعية.