يا الله.. يا مُفرج الكربات.. ان مصر التي قلت عنها في إحدي آيات كتابك المبين »ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين« تحتاج إلي رحمتك وعطفك ورعايتك من كل هذا الذي يحدث ويزيد من معاناة أهلها ويدفع بهم إلي زمرة المُحبطين اليائسين. يارب يا رحيم ادخل السكينة إلي قلوب المصريين واهدهم إلي كل ما يعيد إلي مصر أمنها واستقرارها ويقوي لديهم الاحساس بحبها وحمايتها من كل مكروه. اللهم نوّر أمام مسئولينا طريق الصواب واعمل بحكمتك وعزتك علي نزع الاحقاد من النفوس وبصّرهم بما يحقق الصالح العام باعلاء الاعتقاد بأن تعطيل الحياة وايذاء البشر ليس من اداب وتعاليم الاسلام وأي دين اخر. كل هذه الادعية والدعوات إلي المولي عز وجل جرت علي لساني وأنا اتابع هذا السلوك غير الحضاري والمتخلف الذي قام به مجموعة من السائقين في سوهاج. ان إقدامهم علي قطع السكة الحديد والطرق التي تقطع المدينة احتجاجا علي أزمة نقص البنزين الذي يسيرون به سياراتهم عمل همجي يتسم بالانانية وعدم المسئولية والجهل وسوء التقدير. ان ما حدث وياللعار حلقة من حلقات مسلسل قطع السكك الحديدية والطرق العامة والتي كان لسلبية الدولة وضياع هيبتها وتخليها عن مسئولياتها السبب الرئيسي وراء تكرارها واستمرارها بهذه الصورة المشينة التي تشوه صورتنا داخليا ودوليا. ما ذنب ركاب القطارات ومستخدميها في وقوع أزمة نقص البنزين ولماذا يتحملون الاضرار المترتبة علي تعطيل أعمالهم وانقطاعهم عنها وعن ذويهم. انها ولا جدال نزعة الانانية وغياب الاحساس بالمواطنة وما تتطلبه من تكافل بالاضافة الي فقدان للاحساس بالمسئولية تجاه الوطن. نعم من حق السائقين ان يتظاهروا طلبا لسد احتياجاتهم من الوقود اللازم لسياراتهم التي يسترزقون من تشغيلها.. وعلي المسئولين العمل علي توفيرها.. ولكن ليس من حقهم ابدا قانونا ولا عرفا ولا سلوكا وطنيا القيام بقطع طرق السكك الحديدية والطرق العامة التي يستخدمها جميع المواطنين لقضاء حاجاتهم وانهاء مصالحهم وتسيير أعمال متطلبات الحياة العامة. لا أحد يجادل في حقهم في الدفاع عن مصدر رزقهم ومعيشتهم ولكن ليس من حقهم ان يرتكبوا نفس الجريمة بقطع ارزاق مئات الآلاف من المواطنين بتعطيل وسيلة نقل عام يملكها الشعب ويستفيد منها دواليك مما يصيب المصلحة العامة بأضرار جسيمة. إن ما يحدث ينطبق عليه المثل العامي الذي يقول »سكتنا له دخل بحماره« وهو ما يعني ان تهاون الدولة منذ البداية مع هذه السلوكيات وغياب التوعية بالتداعيات السلبية التي تتعرض لها المصلحة العامة واولها مصلحة القائمين عليها سواء من خلال ما يصيبهم أو ما يصيب ذويهم هو السبب وراء استمرار هذه الممارسات المأساوية. ان سلبية اجهزة الدولة في مواجهة هذه الخروجات يعطي احساسا بأن علي »راسهم بطحة« كما يقولون وهو ما يجعلهم غير قادرين علي القيام بمسئولية الدفاع عن الصالح العام ووقف سيل الخسائر التي يتحملها الناس وتتحملها خزينة الدولة التي تعاني من الفاقة. إن ما يجري زاد عن حده واخشي ان يكون القصور في عدم تبصير أصحاب هذه السلوكيات غير السوية بعواقبها سببا في استمرارها اعتمادا علي ان كل انسان يمكن ان يأخذ حقه ويوفر احتياجاته بالفوضي وقدرته علي لوي ذراع الدولة. لا يمكن لهذه الحالة ان تستمر وبناء عليه فلابد من مزيد من التوعية ثم اللجوء إلي الحسم واظهار العين الحمراء باعتبار ان مقدرات مصر ومستقبلها ليس مجالا لهذا العبث الذي لم تعرفه مصر من قبل.