في الآونة الأخيرة ومع الحديث عن مشكلة البطالة كثر الحديث عن أهمية التوجه نحو التعليم المهني وزيادة نسب الإقبال عليه كأحد الحلول لهذه المشكلة في ظل إحصائيات تقول إن نسبة البطالة بين خريجي التخصصات الأكاديمية تصل إلي 25% بينما لاتتجاوز 5% بين خريجي التعليم المهني و التقني.. بالمقارنة مع معظم الاقتصادات العالمية تعتبر نسب الالتحاق بالتعليم المهني لدينا متدنية جدا فبينما لدينا 700 ألف طالب في نهاية مرحلة التعليم الثانوي العام.. هنالك نحو 240 ألف طالب ملتحقين بالمسار المهني الثانوي بكافة تخصصاته مما يتطلب وقفة جادة ومتفحصة حول الأسباب المؤدية لذلك والبحث عن الحلول الحقيقية التي من شأنها تصحيح المعادلة.. في كل مرة يجري فيها الحديث عن التدني في نسب الإقبال علي هذا التعليم يتم عزو ذلك بالدرجة الأولي إلي الثقافة الاجتماعية لكن الأمر يرتبط بعوامل أخري أبرزها أن ظروف العمل في المجالات المهنية بالغالب تفتقر لمقومات العمل اللائق كتحديد ساعات العمل والأجور لذلك فهي لا تغري المواطنين للالتحاق بها.. الأنظمة والتشريعات التعليمية أيضاً كرست لدي المجتمع نظرة سلبية نحو التعليم المهني وبربط خيار الالتحاق به بالطالب ذي التحصيل العلمي المتدني.. بالإضافة لذلك فإن تدهور البيئة التعليمية في المدارس المهنية ومراكز التدريب والمعاهد تتسبب في نفور الطلبة منها..كما نتج عنها مخرجات غير مؤهلة ولا موائمة لمتطلبات سوق العمل.. أمور أخري عديدة أيضا يعانيها قطاع التعليم المهني منها نقص التمويل والحاجة لوجود دراسات تظهر الاحتياجات الفعلية لسوق العمل والتركيز علي التخصصات التي تلبي تلك الاحتياجات وتقليص التخصصات التي لم تعد مطلوبة نتيجة التغيرات التكنولوجية والاقتصادية.. القضية بالتأكيد لا يمكن حلها بين ليلة وضحاها كما أنها ليست مسئولية جهة واحدة فقط ..ومن هنا علينا أن نبدأ دون أي تأخير حملة وطنية عصرية محفزة بتوجيه الطلبة نحو التعليم المهني يرافقها الإعلان عن إجراءات سريعة حتي وإن كانت جزئية في البيئة التعليمية المهنية مبنية علي قواعد سليمة..وأن نسير فيها بالتوازي مع العمل الاستراتيجي طويل الأمد.. ففي ظل معضلة البطالة المرتفعة نحن لا نملك ترف الوقت والاسترخاء.