دور جديد وجميل قامت به الحكومة ممثلة في وزارتي الصناعة والزراعة عندما قامت بالتوفيق بين »رأسين في الحلال« فصالحت مزارعي القطن علي أصحاب مصانع الغزول بحيث يشتري صانع الغزل القطن المصري غالي الثمن بنفس سعر القطن المستورد منخفض الثمن وتحملت هي الفرق بشجاعة.. وبذلك فاز الطرفان. الأول باع.. والثاني اشتري- أما هي فارتاحت من وجع القلب!! الحدث سعيد جدا.. فانتاج مصر من الأقطان طويل ومتوسط التيلة ارتفع هذا العام من 3.2 مليون قنطار إلي 4 ملايين قنطار بزيادة 7.1 مليون قنطار دفعة واحدة.. ولكن تداعيات الحدث غير سعيدة. فالتعاقدات التصديرية العام الماضي لم تستطع أن تصرف أكثر من 2 مليون قنطار فقط وبذلك يصبح لدينا فائض هذا العام يقترب من 2 مليون طن أخري.. وهنا تحول الحدث السعيد إلي حدث يثير المتاعب.. فأين يمكن ان يصرف الفلاح المصري هذا الكم الكبير من الأقطان بعد ان أوصد أمامه باب التصدير بسبب حالة التشبع العالمي؟! وهنا اتجهت الأنظار إلي المغازل المصرية المحلية..وهي غالبا ليست في حاجة إلي الأقطان طويلة التيلة أو فائقة الطول وإنما هي تستخدم أقطانا متوسطة وقصيرة التيلة تتناسب مع معداتها وماكيناتها تقوم باستيرادها من سوريا واليونان ودول أخري بأسعار رخيصة. وهنا طرح الدكتور صلاح السيد يوسف وزير الزراعة واستصلاح الأراضي فكرة وقف استيراد اقطان من الخارج لحين استنفاد بيع كل الأقطان المحلية انقاذا للموقف المتأزم.. هلل الفلاحون فرحا.. فأقطانهم ستباع وأزمتهم ستنتهي.. وصرخ الغزالون أصحاب مصانع الغزول حسرة.. فمعني ذلك أنهم سيحرمون من مصدر رخيص لأقطانهم وسيكون عليهم شراء الأقطان المحلية بفارق أسعار أعلي يتراوح بين 02 و52٪.. وبدأ الصناع يطرقون أبواب الدكتور محمود عيسي وزير الصناعة يطلبون حمايته وهذا ما حدث.. فقد تدخل وزير الصناعة لكي يعثر مع زميله وزير الزراعة علي الحل المناسب وفي نفس الوقت توحدت صفوف المجلس التصديري للغزل والمنسوجات مع غرفة الصناعات النسبية لمواجهة الخطر الذي أحدق بالصناعات النسجية وفي اجتماع ساخن تم أول نوفمبر اتفق أصحاب المهنة علي مطالب محددة أهمها دعوة الحكومة لشراء الأقطان من المزارعين حلا لمشكلتهم ثم بيعها مرة أخري إلي أصحاب مصانع الغزول وفقا للأسعار العالمية التي يشترون بها أقطانهم.. ولكنهم طلبوا ثلاث طلبات إضافية، الأول السماح بدخول كل كميات القطن المستورد المتعاقد عليها. وإعفاء القطن البيما الأمريكي من قرار الحظر حيث إن مواصفاته مطلوبة بذاتها للتصنيع المحلي ولا يمكن استبدالها بغيرها، وثالثا مراعاة أن الكميات الموجودة من قطن الوجه القبلي القصير التيلة المطلوب للصناعة أقل بكثير من كميات قطن الوجه البحري طويل التيلة. والنتيجة كما يقول محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية ان صدر قرار حظر الاستيراد بالفعل وصدر معه قرار آخر طالبنا به وهو تحمل الحكومة فارق السعر بين السعرين المحلي والعالمي وبذلك حسمت الحكومة المشكلة مبكرا قبل ان تتحول لأزمة.. وبقي تنفيذ المطالب الثلاثة الأخري تحت البحث حتي الآن في انتظار الفرج.. ويضيف المرشدي: الصناعة بالفعل لا تستطيع حاليا أن تتحمل أي أعباء جديدة أو تحمل علي عاتقها فروق أسعار.. ونحن نشعر أن هناك روحا جديدة في نظر المشكلات لا يوجد فيها منافسة ولا أنانية. ولا انحياز لطرف علي حساب طرف آخر.. وهذه الروح الجديدة التي تجعلنا اليوم في غرفة الصناعات النسجية نتواصل أيضا مع زملائنا في المجالس التصديرية حتي نكون جميعا علي قلب رجل واحد. وقد اثبتت هذه التجربة أن الصناعات النسجية وحدة واحدة وأنها ستنجح طالما أدرك كل طرف مصالح الأطراف الأخري وتوازن معها.. وهذا ما يدعونا الآن لطرح اقتراح مهم وهو عدم اتخاذ قرار بفرض رسوم حماية علي الغزول المستوردة منفردة دون تطبيق نفس القرار بفرض الرسوم علي كامل سلسلة الانتاج في الصناعات النسجية.. لتفادي أي آثار سلبية قد تنجم عن اتخاذ قرار برسوم الحماية علي الغزول المستوردة فقط.. نعم.. فحماية المنافسة للجميع تحقق العدالة المنشودة.