يااااه ، منظر الخروف لايبارح مخيلتي ، ظل يطاردني ، يعاتبني حينا من الدهر ، ولأني وقتها كنت لاأفهم لغة الخراف ، حزنت علي رحيل صديقي الخروف . كنت وقتها في السادسة من عمري ، حينما أتي أبي بالخروف قبيل عيد الأضحي ، ومن أول نظرة خروفية لي ، وقعت في حب الخروف ، وتصادقنا ، كنت أشاركه حزمة البرسيم ، وكسرات الخبز الفولاذية ، نفطر معا ونتغدي معا ، وإذا تدلل وتغني تغنيت معه ، إلي إن حانت ساعة الذبح ، نظر إلي طويلا .. ورأيته يبتسم ، قبل أن التهم أنا والذين معي صديقي العزيز ! تعبت كثيرا في حل لغز ابتسامة صديقي الخروف .. لكن عندما نبت ريش وعيي الفكري ، أدركت أنه ربما كان يبتسم لأنه مع كل قطرة دم تراق منه يغفر الله لنا ذنوبنا ، أم لأن الأضاحي تُدخل السعادة علي قلوب الجميع أغنياء وفقراء. الخيال هذا تحول إلي حقيقة ، لكن لستُ أنا ولا الخروف بطلها ، بل كان شاعرا ظريفا وعنزة ، ماتت المسكينة وتركته وحيدا ، فرثاها بكلام يقطّع القلب : ياعنزة أحببتها وعشقتها ماتت ولم تمرض ولم تتبهدل جديان كل جيراننا ماتوا هوي وصبابة في شعرك المتهدل كم بحلقوا لك في الطريق وإنما لاقوا بصدك عفة المتبتل فياميت خسارة وياندمتي ويالهوتي وترن ترن ترللي .