أتمني أن يعلن المجلس الأعلي للآثار حجم ما اختفي علي وجه الدقة من قطع سرقت ونهبت من المتاحف والمخازن التابعة له، ما نقرأه ونسمع عن ضبطه يدلنا علي ان المجلس لا يعرفها وان ظهورها عند الضبط صدفة أو عن طريق جهود أمنية في كل انحاء مصر أو في أحد منافذها يؤكد أنه لا حصر لها يمكننا من تحديد الأعداد. أثار هي تاريخنا الذي يجب أن نحافظ عليه وكل قطعة في أي عصر منذ عصر الفراعنة الأفذاذ وحتي عصرنا الحديث هي سطر كتب بحروف من نور حول ريادة مصر وشعبها وحضارتها الضاربة في عمق التاريخ ودون ان يجاريها أي شعب آخر ولذلك نري ونجد آلاف العصابات الدولية تتخذ الآثار المصرية هدفاً لنشاطها إما بتهريبها أو السطو عليها حتي تلك التي تم تسجيلها دولياً بالأرقام والأوصاف. فترة الانفلات الامني التي اعقبت الثورة كانت كافية لأن يمارس اللصوص عملهم في حرية وصلت الي حد مهاجمة المخازن في سقارة والسطو علي المتاحف ومن بينها المتحف المصري نفسه والذي لا نعرف حتي الآن حجم ما سرق منه ولا نوعيته أو قيمته الأثرية وحجمها. كنت أتمني ان يتفرغ المجلس واعتقد ان هذا دوره للبحث عن خطة يستعيد بها ما نهب وأخري حقيقية يؤمن بها المتاحف والمخازن التي اكتشفنا انها تضم هي الأخري عشرات القطع النادرة وتقع في مناطق بعيدة لا يحميها إلا خفراء يحملون بنادق ترجع للعصور الوسطي بلا دراية ولا تدريب ولا معرفة لأهمية ما يحرسون. حتي المتاحف الكبري التي خصصت الدولة لها الملايين و»صدعت« رؤوسنا بأنها تخضع لشبكة حماية الكترونية بالأشعة والانذار المبكر ضد السرقة قبل الثورة كانت صيداً سهلاً ودخلها محترفون يقدرون قيمة ما بداخلها ويعرفون علي وجه الدقة كيف ينفذون إليها من أجل اغراضهم وأين الثغرات التي درسوها بعناية ولم لا فانهم يسرقون تاريخ مصر وهو لا يقدر بأي ثمن مهما كان. لم يخرج علينا المجلس ليقول ان آثار مصر تحت الحماية الكاملة ولكنه مع الأسف تفرغ لحل مشاكل المطالب الفئوية وانصرف الي الصراعات حول من يمثل المجلس ومن يرأسه وهل نحن في حاجة لوزارة للآثار من عدمه ومن يرأسها وأحق بها وياليته انتهي الي قرار يريحنا ويجعله يلعب دوراً حتي مع العاملين به ولكنه لم يستطع وترك الأمور عائمة. الآثار يجب أن تكون علي رأس أولويات اعادة الانضباط الأمني سواء الشرطي الذي تتولاه وزارة الداخلية أو حتي المدني الذي يتولاه المجلس باعتباره السلطة العليا المسئولة عن الآثار في مصر عن طريق شركات الأمن الأهلية أو التابعة لهيئات والأمر بشقيه يحتاج الي الدعم الكامل مادياً وبشرياً وتدريباً للأفراد الذين يجب أن يدركوا عن قرب أهمية ما يحرسونه وما يجب أن يحافظوا عليه فهو تاريخ مصر كلها. أما نظام الخفراء الذي لازال مع الأسف يتبع في تأمين المخازن التي تقع بالقرب من المناطق الأثرية فهو نظام لايدل الا علي تخلف كبير فتلك المخازن وما تحتويه من آثار لا تقل أهمية عن أي متحف يحتوي علي غيرها بل قد يفوقه في الأثرية. لقد أصابنا الخوف والرعب علي المتحف المصري عندما اقتحمه اللصوص في بدايات الثورة وهو الذي يقع تحت سمع وبصر الجميع في ميدان التحرير فما بالنا في البعيد عن العين.. انه كنز لمن تسول له نفسه الانقضاض عليه بسهولة وسرقته. اذا اردنا ان نحمي آثارنا وتاريخنا الذي تمثله فعلينا ان نضع خطة حمايتها والا نبخل في الصرف عليها علي حق شريطة أن تكون هذه الخطة كافية للحفاظ علي كل قطعة آثار.