أزعجني ما يحدث علي الساحة السياسية من صراعات تحت عباءة الإسلام بين تيارات حزبية أو غير حزبية أو انتماءات تتأرجح.. تارة هنا.. وتارة هناك! الإسلام الذي نعرفه في مصر هو دين الفطرة.. وهذا بنص القرآن الكريم.. والفطرة هي البشرية في بدايتها.. وهي الطبيعة السائدة في المجتمع دون تلون أو تلوث.. وأشد ما أزعجني من تصريحات جرت علي الساحة مؤخرا.. ان أحدا ممن ينتمون إلي ما يسمي الصوفية أعلن متوعدا من ينتمون إلي السلفية بانهم 2 مليون بينما الصوفية 6 ملايين وسيسحقونهم في الانتخابات البرلمانية القادمة! ما هذا الهراء.. كيف يسمح مسلم لنفسه بان يقول مثل هذه التصريحات.. التي تحمل الجهل والضغينة.. ناهيك عما تحمله من فتنة كبري! لقد دفعني إلي الكتابة في هذا الموضوع الشائك ظهور جماعات وأحزاب تعتبر نفسها قيمة علي دين الله من دون الناس.. كما دفعني احتكار البعض للحديث باسم الإسلام.. والإسلام منهم براء. الإسلام دين الوسطية.. لأن الله سبحانه وتعالي لا يحب الغلو في الدين.. لا التطرف يمينا ولا يسارا.. وكل مسلم مسئول عن دينه أمام الله.. فان أحسن فجزاؤه الجنة.. وان اساء فجزاؤه النار.. ولا يمنع ذلك من حسن تربية المسلم.. وبناء أركان المجتمع علي هدي من كتاب الله وسنة رسوله.. لان ولي الأمر ابتداء من البيت إلي سدة الحكم مسئول عن رعاياه.. ومسئول عما يحدث من فساد أو استغلال نفوذ أو تهريب الأموال إلي الخارج.. أو نهب ثروات البلاد.. مسئول عن تحقيق العدل بين الناس.. مسئول عن رفع الظلم عن الضعفاء من أمته. إذن الإسلام في كل شيء من حياتنا.. خُلق الإسلام.. روح الإسلام هي أرواح المسلمين.. وليست محتكرة لفئة عن أخري.. فلا يجب أن يتاجر أحد باسم الإسلام.. لا الإخوان ولا السلفيون ولا الصوفيون ولا غيرهم.. وكل الأحزاب والتيارات التي تضم مسلمين لها نفس الدرجة من الإسلام.. طالما لم تخرج عن تعاليمه ومبادئه السمحة.. وإذا تحدثنا عن الأحزاب والتيارات التي تنوي خوض الانتخابات فإن لها نفس ما للإخوان وغيرهم من الإسلام.. ولا يجوز أن يعتبرهم أحد من الخوارج مثلا.. أو أن نصفهم بأنهم من المتسلقين للسلطة.. أو انهم من أصحاب الأجندات الغربية.. لأن الأجندات المنتمية للإسلام مفتوحة.. وتتلقي أموالا من جمعيات وحكومات عربية.. وربما غربية.. والضحية هو شعب مصر الذي يشم روائح كريهة في التمويل الخارجي للجماعات والتيارات والأحزاب.. وهنا نحتاج إلي منظومة شفافة وصريحة بشأن التمويل الخارجي للمجتمع المدني. لقد أثر التمويل الخارجي الرسمي وغير الرسمي »من تحت الترابيزة« في أحداث ثورة يناير الماضي.. بالطبع له تأثير ايجابي في قلب نظام حكم فاسد وديكتاتوري.. لكن حلاوته لن تنسينا مرارته في استمرار البلطجة وانهيار الأمن وضياع الأمان والاطمئنان للبيت والشارع المصري.. وأيضا انهيار الاقتصاد المصري.. وخسارة 41 مليار دولار من عائدات السياحة.. وهروب المستثمرين العرب والأجانب.. وانهيارات البورصة وخسائرها الفادحة.. واستمرار المظاهرات الفئوية والمطالب الاحتجاجية سواء في المدارس أو الجامعات أو مختلف مرافق الدولة.. كل هذا يؤثر علي إعادة البناء.. وعودة الحياة الطبيعية إلي مصر والمصريين. لا يمكن ان نتهم الثورة بكل هذه الأزمات.. إنما نتهم ضعف الحكومة والمجلس العسكري.. وبطء اتخاذ القرارات لإعادة البناء وعودة الحياة الطبيعية إلي المجتمع.. الثورة نجحت في إزاحة حكم فاشي مستبد.. فاسد.. عاهر.. لص.. قل ما شئت من نواقص ليست من شيم المصريين في رموز هذا الحكم.. ومضي أكثر من 01 شهور.. ومازلنا نعاني.. لم نسترد مليما واحدا من الأموال المنهوبة والمهربة إلي الخارج.. كما لم تتحسن أحوال المصريين الغلابة.. لم يتسلم مواطن واحد شقة من التي وعدت بها الحكومة.. الأرض المنهوبة كما هي في أيد الطغاة.. وصحراء مصر تنعي شباب الخريجين.. هل بادرت الحكومة بحصر الأراضي الصالحة للتعمير.. ووزعتها علي الشباب.. لم يحدث.. اذن ماذا تفعل الحكومة.. تعد قانونا.. وبعد يومين تلغيه!!.. لقد سئمنا من هذا الوضع السييء.. والذي لن يحله سوي ثورة أخري. لقد حذرت من عودة النظام السابق إلي البرلمان.. وحدث ما توقعته تقدم الفلول إلي الانتخابات باسمائهم أو بأسماء أبنائهم.. في الأحزاب وقوائمها.. وفي الفردي أيضا.. المجلس العسكري والحكومة يدرسون قانون العزل السياسي.. ومازالوا يدرسون وسيستمرون في البحث والدراسة حتي تنتهي الانتخابات! لا يصح ان تستمر مصر 01 أشهر بلا نظام.. لن تبني الفضائيات مصر.. ولن تبني الأيدي المرتعشة مصر.. بل يبنيها أبناؤها المخلصون.. أخشي ان تستمر الفوضي وان تشتعل الحرائق في الفترة القادمة بسبب الانتخابات.. المتربصون بمصر -كما قلت في هذا المقال- مدعومون بالمال والسلاح.. يرتدون أقنعة عديدة.. ويملكون قوة التخريب كما حدث في ماسبيرو.. وفي بعض المناطق الحيوية والحساسة. كمحطات الغاز وأقسام البوليس ووحدات الجيش.. وللأسف نحن كما نحن علي نفس التردد.. نفيق بعد الكارثة! لا يهمني خروج وزير أو دخول وزير جديد للحكومة.. بقدر ما يهمني احساس الحكومة بانها تحكم أفضل شعب وأنقي أرض وأطهر بقعة حباها الله سبحانه وتعالي بالأمن والامان.. وعلي الحكومة ان تعمل باخلاص وهي تعلم ذلك.. وان تسعي إلي عودة الأمن والامان والاقتصاد مع الحرية والديمقراطية للشعب الكادح. هذه نصيحتي للحكومة وهي أيضا للمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي حمي مصر من ان تنزلق إلي مثلما حدث في ليبيا.. ويحدث في سوريا واليمن وسيحدث في بلاد عربية أخري.!!