بدأ الشك يتسرب إلي نفوس عديدة، في ظل الضبابية التي تتكاتف لتلف المشهد الراهن، وتجعل مستقبل الثورة في مهب الريح! يكفي فقط ان عجلة الانتخابات البرلمانية قد دارت، ولم يصدر قانون العزل السياسي، ليتيح هذا التقاعس المريب الفرصة الذهبية أمام كل من افسد وسرق ونهب، ان يتقدم بمنتهي البجاحة بأوراقه ليعود ممتشقا سيفه الخشبي تحت قبة البرلمان! بل الاخطر ان يهدد بحرق نصف مصر، وإراقة انهار الدماء ان فكر كائناً من كان في حرمانه من العودة مرة أخري ليمارس كل ما كان من ادواره التخريبية في عهد المخلوع! بالطبع لا يمكن لوم هؤلاء، فكل اللوم يجب ان يكون من نصيب من منحهم تلك الفرصة، دون أي سابقة في تاريخ الثورات منذ عرفتها البشرية إلي أن تقوم الساعة! إن لم يصدر قانون العزل السياسي فورا - بكل ما تعنيه الكلمة من معانِ - لحرمان جميع من تولوا مواقع سياسية، حزبية او برلمانية خلال السنوات العشر الاخيرة، فإن بانتظار مصر - وليس ثورة 52 يناير فحسب - أهوال الردة إلي زمن المخلوع ونظامه وزبانيته بكل مفاسده وشروره. إذا ما تصور كل وطني مخلص هذا السيناريو المرعب حال تعرض الثورة للانتكاس، فإن ما يظنه البعض تضحية هائلة لوقوعه في دائرة العزل يصبح هيناً. انها لحظة اختبار حقيقية لاثبات المصداقية الوطنية والثورية لمن يهددهم العزل بعد ان كانوا ملء السمع والبصر بعد الثورة، لكنها الضريبة التي لا سبيل عن تفاديها، فأما التضحية ببعض من ظلموا أنفسهم بالاقتراب من النظام الساقط، أو ذبح مصر وثورتها ومستقبلها بخنجر مسموم بيد من حسبناهم حماة للثورة او وكلاء للثوار!