لا يمكن اعتبار أحداث ماسبيرو التي أطلق عليها بحق أحداث "الأحد الأسود " سوي أنها مصيبة كبري في تاريخ مصر بعد ثورة 25 يناير . فقد أدت تلك الأحداث الي مقتل نحو 24 واصابة 213مواطنا مصريا من بين الأقباط ومن بين جنود القوات المسلحة . والحقيقة ان المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس الأعلي للقوات المسلحة لتوضيح الحقائق بشأن تلك الأحداث شهد مجموعة من الوثائق المصورة التي تؤكد - بما لا يدع مجالا للشك - مدي القسوة التي عومل بها جنود القوات المسلحة ومدي الوحشية غير المقبولة التي وصلت الي حد المهانة من جانب هؤلاء الذين شاركوا في تلك الأحداث سواء كانوا من جانب القائمين بتلك المظاهرات أو من جانب مجموعة من المندسين الذين استهدفوا تحويل تلك الأحداث الي شرارة تستهدف احراق مصر وتدميرها واستفزاز القوات المسلحة لتوريطها في اطلاق النار علي أبناء الشعب من أجل الدخول في حلقة جهنمية لا تنتهي بالنفخ في النيران من أجل اعادة اشتعالها في تجاهل تام لحقيقة ان مثل هذه المواجهات الطائفية لن تبقي ولن تذر . وفي هذا الاطار أتمني أن يفيق الجميع من غفوتهم ويعلموا أنه في ظل هذه الأجواء لن يكون من الصعب جر البلاد الي تلك المواجهة اذا تخيلنا أن مجموعة من الذين يرتدون الجلابيب البيضاء القصيرة من أصحاب اللحي الطويلة يقومون بالقاء بعض كرات النار علي مجموعة من الكنائس المصنوعة من الخشب في مناطق متفرقة من أنحاء مصر في وقت واحد وسيكون الرد لا محالة هو قيام مجموعات أخري من شباب يرفعون الصليب باحراق مجموعة من المساجد هنا وهناك فتندلع حرب أهلية لا يمكن وقفها . ولن يعرف أحد أن هؤلاء الشباب من الجانبين ليسوا مسلمين ولا أقباطا وربما لن يكونوا مصريين أساسا. وعليه يصبح محتوما اعادة التفكير من جانب هؤلاء الذين لا يتوقفون عن التسرع في اصدار الأحكام وركوب الأمواج باتخاذ مواقف ضد السلطة القائمة سواء المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو الحكومة لارضاء البعض هنا في الداخل أو هناك في الخارج .. وأرجوهم جميعا أن يتوقفوا عن اللعب بالنار اذ سيكونون - بالتأكيد - ضمن الضحايا وسيتبادلون الحوار من تحت الأنقاض اذا واصلوا ما هم عليه من جهل وتجاهل وغيبة عن العقل والحكمة. لم يعجبني : البعض من هؤلاء الذين يدعون الي الديمقراطية والحرية يظنون أن الديمقراطية هي تلك التي تكفل لهم تحقيق ما يريدون وأن تكون الحرية لهم في تنفيذ ما يشاؤون . ويبدو ان هذه الحقيقة ستكون هي السائدة خلال الفترة المقبلة فبعد اعادة انتخاب الدكتور حسام كامل رئيسا لجامعة القاهرة بعد شهرين من استقالته من منصبه بعد حصوله علي 51 صوتا مقابل 31 لمنافسه الدكتور محيي سعد منصور الذي قال : "انها كانت منافسة شريفة في اول انتخابات نزيهة تشهدها جامعة القاهرة وانني علي استعداد تام لخدمة الجامعة في اي مكان اخر تختاره لي الإدارة الجديدة ". فوجئت بأن بعض الطلبة خرجوا في مظاهرات ضد الدكتور حسام كامل يطالبون بابعاده عن المنصب الذي فاز به بالانتخاب الديمقراطي باعتراف منافسيه قبل مؤيديه . ويكفي أن الدكتور عصام حشيش بكلية الهندسة (المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين) أكد أنها المرة الأولي التي تحدث بها انتخابات بتلك النزاهة والشفافية . فهل يمكن قبول مظاهرات رافضة لما انتهت اليه الديمقراطية وما علاقة الطلبة بانتخاب رئيس جامعة أصلا يهم أولا وأخيرا عمداء الكليات وأعضاء هيئات التدريس الذين لهم حق التصويت ! .. العقل من عندك يا رب العالمين. أعجبني : تجديد أسامة هيكل، وزير الإعلام، رفضه اتهام التليفزيون المصري بالتحريض علي الأحداث التي شهدتها منطقة ماسبيرو مساء الأحد الماضي، ووصفه من قاموا بالتغطية بالابطال. كما أعجبني تعبير أسامة هيكل - رئيس تحرير صحيفة "الوفد " المعارضة السابق - عن استيائه من تصريحات عدد من كبار المثقفين بشأن تغطية التليفزيون المصري لأحداث ماسبيرو معتبرا تلك التصريحات بأنها محاولة لإسقاط الإعلام المصري. ذلك أن الجميع تنافس بشكل مثير للأسي في الهجوم علي التليفزيون المصري متناسيا دورا آخر للاعلام الخاص. أما سر اعجابي فيعود الي أن الوزير في ظل هذه الظروف العصيبة كان الواجب يحتم عليه أن يتحمل مسئولية أداء فريق العاملين معه من أجل تشجيعهم وبث روح المسئولية لديهم حتي لو كانت هناك بعض الأخطاء المهنية الناتجة عن أن التليفزيون المصري بدأ في نقل الحدث عبر كاميراته بحكم موقع الحدث أمام المبني، وكان ما يجري أكارثة بكل المقاييس؟ بوصفها المرة الأولي التي يشتبك فيها مدنيون مع القوات المسلحة منذ نزولها إلي الشارع لحماية الثورة والمتظاهرين. تصرف أسامة هيكل تصرف المدير الفني لفريق رياضي لا يريد ان يخسر لاعبيه بخذلانهم حتي لو خسروا بعض الشيء والا لن تقوم للتليفزيون المصري قائمة بعد الآن. لا يعجبني : الأداء السياسي للدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية والرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية الذي رفع اسم مصر عاليا خلال ترؤسه لمنصبه الدولي المرموق . ولهذا اكتسب الدكتور البرادعي الكثير من التعاطف عندما كان يتعرض لمؤامرات من اعلام النظام السابق وأبواق الحزب المنحل . وكان أداؤه هادئا متعقلا لكنه اليوم يتعامل وشعور طاغ بالغرور يملؤه كما لو كان قد تم انتخابه بالفعل رئيسا لمصر المحروسة التي غاب عنها 30 عاما كاملة تكفي بالتأكيد لاقناعه بضرورة اعادة التفكير و اتاحة الفرصة للذين عارضوا من الداخل للترشح للرئاسة . ولا أظن أحدا يمكن أن يختلف علي قدرة البرادعي علي تولي منصب رئيس وزراء مصر في هذه الفترة الانتقالية العصيبة خصوصا وهو من أكثر الذين انتقدوا أداء حكومة عصام شرف "عمال علي بطال " . كذلك فمن غير المنطقي أن يلجأ الرجل الكبير سنا ومقاما الي ركوب الموجة بتصريحات له في ساقية الصاوي يقول فيها انه لا يصح أن يتولي القضاء العسكري محاكمة المتهمين في أحداث ماسبيروعلي رغم أن الذي تعرض للاعتداء هم ابناء القوات المسلحة المصرية من الجنود البسطاء من ريف مصر الذين لم يفعلوا ما يستحقون عليه الهوان . ولا أعرف متي - في قوانين رجل القانون الدكتور البرادعي - يمكن أن تتم محاكمة المواطن أمام القضاء العسكري ؟! . وقال البرادعي ايضا أنه يتمني عودة الاستقرار والسياحة وهيبة الشرطة - وهذا كلام رائع لا غبار عليه - علي رغم أن البرادعي لم يدع الجمعية الوطنية للتغيير التي يترأسها الي المساهمة في تحقيق هذا الاستقرار علي الأقل بالتوقف عن المشاركة في اي مظاهرة مهما كان عدد القائمين بها وأيا ما كان الغرض منها . يا برادعي سارع بكسب أصوات البسطاء فهم لن يزوروا ساقية الصاوي . حفظ الله مصر وطنا للعدل والحرية والأمن والأمان .