كانت إحدي مهامي في صغري أن أشتري لوالدي الصحف خاصة عدد الأحد من جريدة »الأخبار» لأن بها ملحق »الإذاعة والتليفزيون» الذي يتضمن خريطة البرامج الأسبوعية ومن خلالها ترسم أسرتي خطة مشاهدة التليفزيون ونعرف منها مضمون بعض الأفلام والمسلسلات ومواعيد البرامج ومباريات كرة القدم. لقد تربيت في أسرتي علي اختيار ما يسعدني مشاهدته وخاصة برنامجي »عالم الحيوان» بعد صلاة الجمعة و»سينما الأطفال» قبلها و»عالم البحار» علي القناة الثانية ليلًا و»نادي السينما» علي الأولي مساء السبت و»اخترنا لك» يوم الأربعاء ومسرحية السهرة في سهرة الخميس.. وشكل ما يقدمه الإعلام المصري بحرفية من برامج وأفلام ومسرحيات ونشرات للأخبار ثقافة جيلي وشارك في تربيتنا أخلاقيًا وشحذ هممنا وخلق كوادر مهنية لا تنسي.. وعندما دخلنا عصر الفضاء جذبتنا البرامج الحوارية مساء كل يوم لتضمنها وجهات نظر أخري.. ولكن في أعقاب 25 يناير 2011 انهمر علينا سيل من الفضائيات كانت برامجها جاذبة في ذلك الوقت للزخم الموجود في حياتنا ولكثرة وسرعة الأحداث ولكن سرعان ما تلاشي هذا الجذب وأصبحت البرامج متشابهة تعتمد في جزء كبير منها علي ما تنشره المواقع والسوشيال ميديا بأخطائها وتسرعها ولقاءات لا تسمن ولا تشبع من جوع مع شخصيات متكررة كل مؤهلاتها أنها تحب أن »تفرح العيال» بالظهور علي شاشة التليفزيون بدون علم أو معرفة فهرب المشاهد منهم إلي قنوات وثقافات أخري بعد أن أصبحت البرامج تعتمد علي تلاعب المذيع بصوته ورؤساء تحرير ومعدين علي »قد حالهم». لم أجد حلا للتخلص من الملل الذي أصبني من الفضائيات المصرية الخاصة إلا الهروب إلي أفلام الأبيض والأسود وشدو سيدة الغناء العربي علي قناة »ماسبيرو زمان» أو متابعة الأفلام الأجنبية علي إحدي الفضائيات ووجدتها تقدم 3 أفلام يوميًا تكررها علي مدار ال 24 ساعة حتي وصلت إلي أنه لا يوجد جديد فابتعدت عنها. منذ أسبوعين جاءت لي الفرصة أن أقضي يومًا كاملًا في مشاهدة التليفزيون ووجدت كمًا من »قنوات النيل» تغطي كل الرغبات فإذا أردت مشاهدة فيلم أو مسلسل قديم أو جديد وجدتها.. وإذا كان مزاجي في ابتسامة وضحكة وجدتها ولو أردت برامج أو متابعة نشرة أخبار أجدهما فقنوات النيل تغني عن أي فضائيات.. ومبني »الإذاعة والتليفزيون» مثل المؤسسات الصحفية القومية كنز به الكثير من الخبرات تتوارثها الأجيال فدعم »الشيوخ» هو ما يربي الأبناء ويصنع قادة المستقبل الأقوياء.