تشتهر مدينة فوة بكفر الشيخ بصناعة الكليم والسجاد اليدوي الفاخر .. واذدهرت هذه الصناعة بسبب انتشار الورش وتوريث المهنة من جيل الي جيل .. ولكن مؤخرا شهدت المهنة انتكاسة كبيرة وعزف الشباب عن العمل بها وأصبح جميع العاملين بالمهنة من كبار السن مما يهدد باندثار مهنة عريقة وتراث حضاري استمر لعقود طويلة. انتقلت »الأخبار» إلي مدينة فوة لرصد ما تواجهه صناعة الكليم والسجاد اليدوي من تحديات ومعوقات تهدد باختفائها.. وكان الملفت للنظر عدم وجود أي شاب يمارس المهنة داخل الورش الصغيرة لصناعة الكليم والسجاد اليدوي ..واقتصرت العمالة علي كبار السن فقط. وكان اول لقاء مع مصطفي البهواشي مالك أقدم ورشة لتصنيع الكليم بمدينة فوه والتي ورثها عن والده وبدأ حديثه قائلا : »الورشة التي ورثتها عن والدي تعمل في صناعة الكليم والجوبلان اليدوي منذ اكثر من 200 سنة وتعد اقدم ورشة حاليا بمدينة فوه ..ولكنني لن اعلم ابناء هذه المهنة خاصة في ظل الصعوبات الكثيرة التي تواجهها بسبب ارتفاع أسعار الخامات وعدم وجود فرص تسويقية للمنتجات بأسعار تغطي تكلفة صناعتها وأجور العاملين .. والجميع الآن يذهب لشراء السجاد الصناعي منخفض الجودة لرخص سعره عن السجاد اليدوي». ومن داخل الورشة التقينا بعم سعيد سلامة أحد أقدم العاملين بصناعة الكليم اليدوي بفوة وقال : »اعمل بالمهنة منذ 60 عاما.. وكان الجميع في الماضي يتسابق للعمل بصناعة الكليم والسجاد اليدوي وكان يتم تصديره الي الخارج وخاصة لدولة ألمانيا .. وكانت الأرباح مشجعة لاستمرار المهنة .. وكنا نعمل باستمرار حتي في الاعياد بسبب الطلب المتزايد علي الانتاج .. أما الآن فان المهنة أصبحت طاردة للعمالة بسبب ضعف العائد المادي ..ومن النادر ان يلتحق شاب بالعمل في هذه المهنة». وانتقلنا الي ورشة اخري والتقينا بأحمد فؤاد الصاوي 54 سنة مالك الورشة والذي أوضح أنه يعمل بالمهنة منذ ان كان في التاسعة من عمره ..ورغم حصوله علي معهد فني تجاري عام 1986 إلا أنه رفض الالتحاق بوظيفة حكومية لعشقه للعمل في مهنة صناعة الكليم ..أشار الي ان هذه المهنة تعد معشوقته الاولي رغم انها لم تعد كسابق عهدها وأصبح تسويق المنتجات صعبا للغاية ويقوم التجار الكبار بتجميع انتاج الورش بأسعار متدنية ثم يقومون هم ببيعه باسعار مرتفعة باعتباره اعمالا يدوية عالية الجودة .. واكد انه لن يعلم ابناءه المهنة نظرا لأنها أصبحت غير مجدية اقتصاديا خاصة في ظل ارتفاع اسعار المواد الخام والدليل علي ذلك ان كيلو الصوف قفز سعره من 6 جنيهات الي 35 جنيها ..وخلال تواجدنا بالورشة قام صاحبها بعرض بعض المنتجات وكان أبرزها حقائب مصنوعة يدويا من الصوف تحمل شعار أمم أفريقيا 2019 التي ستنظمها مصر. وفي محاولة لانقاذ مهنة صناعة الكليم والسجاد اليدوي قامت د. هالة أبوالسعد عضو مجلس النواب وابنة مدينة فوه بإطلاق مشروع »نهضة فوه للكليم والسجاد اليدوي» لتعليم السيدات مهنة صناعة الكليم والسجاد اليدوي وتسويق المنتجات بالمدن الكبري ويضم المشروع 29 سيدة يقمن بصناعة الكليم والسجاد بعد تدريبهن لمدة 3 أشهر علي أيدي مدربين محترفين . ويشرح السعيد الحاج عبيد »مدرب» كيفية صناعة السجاد اليدوي التي تستغرق فترة زمنية طويلة تتراوح بين 3 إلي 6 أشهر لصنع السجادة الواحدة ..وتكون البداية بشد الخيوط علي النول وعمل أرضية السجادة »الحبكة» ..ثم يتم البدء في عمل العقد اليدوية واحدة بواحدة ويتراوح عدد العقد في المتر الواحد بين 1200 الي 3600 عقدة حسب نوع الخيوط ودرجة جودتها ويبلغ مسطح السجادة في المتوسط حوالي 6 امتار ..وعقب الانتهاء من عقد العقد يتم قص الزوائد وغسل السجادة وكيها ثم يتم نسج برواز لها وقص الزوائد مرة أخري وتكون بعد ذلك جاهزة للبيع. وعن أنواع السجاد اليدوي هناك 3 انواع أجودها »توبس الحرير الطبيعي» ويحصل العامل علي اجر 9 آلاف جنيه في السجادة الواحدة التي تستغرق 6 اشهر لتصبح جاهزة للبيع ويصل سعرها الي 250 الف جنيه ويحتوي كل متر منها علي 3600 عقدة ..ويأتي في المرتبة الثانية »توبس النيير» وهو خامة قريبة من الحرير واجر العامل يكون حوالي 7 آلاف جنيه ويصل سعر السجادة الي 100 الف جنيه ..والنوع الثالث هو »الكزاك» ويكون من الصوف أو القطن .. وتستغرق صناعة السجادة حوالي 3 أشهر وأجر العامل يصل الي 5 آلاف جنيه ويوجد في كل متر من السجادة 1200 عقدة وسعر السجادة يصل الي 25 ألف جنيه في المتوسط.
