يومان ونحتفل بانتصارات أكتوبر، وقبلها احتفلنا بثورة يوليو وذكري عبدالناصر.. ذكريات.. أجمل ما فيها أنها تعيد لنا أياما عشنا فيها طعم العطاء.. في مثل هذه الأيام وغيرها كان المصريون يعطون فقط.. لم يفكر أحد في ماذا سيكون نصيبه بعد النصر. لم بعد ثورة يوليو أن أضرب العمال عن عملهم وطالبوا قائد الثورة زيادة في المرتب.. وكان الفقر وقتها قاتلا.. لم يضرب المعلمون، ولا الفلاحون، ولا الأطباء، ولا عمال السكة الحديد، ولا عمال النقل، ولا موظفو الوزارات، ولا البنوك.. الكل كان يتسابق في العمل حتي تتحقق للثورة أهدافها..وعندما يتحقق ذلك فالكل سيجني الثمار. لم نسمع أبدا بعد ان حققنا انتصارا عظيما في حرب أكتوبر واستشهد الأخوة والآباء والأبناء أن قرر عمال ومهندسو ميناء كذا الاضراب عن العمل ولا موظف واحد أو أئمة أو دعاة، ولا خريج لا يجد عملا أن يقوم بتظاهرة أو التهديد بالاضراب عن الطعام حتي تجد له الدولة عملا.. الشعب المصري كله عاش فرحته بالنصر وأمله في تحقيق أحلام ما بعد النصر.. الكل ذهب إلي عمله، فلم ينقطع أحد بحجة أن ميزانية الحرب لن تمكنه من الحصول علي علاوة لهذا العام. حتي في أيام الهزيمة والحزن و الانكسار بعد 76 خرج الشعب المصري كله، كي يتحمل مسئوليته مع زعيم ثورته، الذي أعلن مسئوليته عن الهزيمة ليقول له.. كلنا معك.. سنبني.. سنحارب لن يهزمنا عدو.. كان ذلك تأكيدا أن الأعداء فقط هم الذين يحاربون المصريين.. أما الحكومة التي اختارها الشعب.. والمجلس العسكري الذي رحب به الشعب يجب ان يقفوا صفا واحدا ضد أعداء مصر بالداخل والخارج.. ونحن نعرفهم جيدا. كفانا اضرابات واعتصامات واحتجاجات ومليونيات.. لنذهب بالملايين لأعمالنا، لمصانعنا لمدارسنا.. كل يذهب من حيث أتي، ولا يعود إلا وهو راض عن عمله. لا يفكر عن منحة الدولة، بل يصنعها بنفسه، وبعمله.. الدولة لا تمنحنا شيئا من جيبها.. ميزانية الدولة هي نتاج عملنا نحن.. لن نأكل إلا ما تصنعه أيدينا. أم أن المطلوب أن تمد الحكومة يدها للخارج تتسول قروضا تضعها في جيوبنا لتسكت بها الأفواه.. وترحم الجميع من الاضرابات والاعتصامات ووقف حال الجميع؟ اعملوا يرحمكم الله