الرياضة أصبحت »مفسدة« سياسية خاصة بعد الثورة التي تسير في اتجاه التغيير والإصلاح السياسي بينما تترك الرياضة تسير في الاتجاه المعاكس.. حتي أدركنا حقيقة مؤكدة فحواها أن السياسة حلال عليها أن تخضع للشرعية الثورية وتقفز فوق القوانين التي رسخت الفساد قبل 52 يناير، أما الرياضة فحرام عليها أن تفعل ذلك ولا تقبل رموزها »المؤبدين« في القيادة الرياضية مجرد وضع بند في لائحة جديدة يمنع استمرار فن قضي 8 سنوات فوق مقعد إداري. كيف لا تفهم »نخبة الرياضة« وكتائبها الإعلامية أن هناك خللا في رؤيتها وإزدواجا في المعاير وهي تقاتل من أجل إسقاط نظام فاسد بقرارات وشرعية ثورية ثم في نفس الوقت تحرم ذلك علي الرياضة وتقاتل من أجل نجاح فلول الرياضة في إجهاض قرار ثوري من المجلس القومي للرياضة؟!.. ألا يثير ذلك العجب ثم يثير الشك في النوايا ومساعي خدمة المصالح.. فنري مثلا من يكتب يوميا عن غرائب اللائحة الجديدة أو المعدلة وهو يحجز برنامجا تليفزيونيا في قناة خاصة تقود الحملة ضد شرعية ثورية رياضية تتسق مع شرعية ثورية عامة يجاهد المصريون لكي يفرضوها علي مجتمع يستعصي علي فهم معني الثورة. لا يفهم هؤلاء أن الرياضة تحتاج أيضا إلي ثورة.. وإذا كان صعبا عليهم الفهم أو أنهم يفهمون لكنهم »يستعبطون« ظنا أن الشعب المصري لا يفهم بسرعة أو افتراضا منهم انه عديم الفهم أصلا، فإن عليهم أن يدركوا الآن أن »استعباطهم« أصبح مكشوفا.. ولو أن التغيير بعد ثورة 52 يناير يحتاج دعاوي قضائية ومراجعة دستورية وقانونية لكي يتم التطهير فإن علينا أن نعيد رموز النظام السابق إلي الحياة ونعيد مجلسي الشعب والشوري ونتوقف عن المطالبة بقانون الغدر والعزل السياسي ونستعيد مباحث أمن الدولة إلي حين ظهور شخصية تدير الثورة المضادة علنا وتعيد لنا كل مؤسسات الفساد السياسي، ونذهب جميعا إلي المحاكم وتستدعي الجمعية العمومية للدولة المصرية علي نسق الجمعيات العمومية للأندية لكي نشتري رأس الناس ونقرر ان مصر القديمة ومصر الجديدة باقيتان في صراع ممتد إلي أن يتم حسم الصراع بين الشرعية الثورية والشرعية القانونية، وكأن ثورة 52 يناير كانت مجرد »نزوة« تاب بعدها الثوار. »طظ« في ال 8 سنوات.. و»طظ« في المجلس القومي للرياضة.. بلاها لائحة.. نريد من الذين يدعون حب سيادة القانون أن يساعدونا فقط لو كانوا وطنيين في أن تواكب الرياضة السياسية.. أن يقترحوا لنا طريقة للتطهير السريع وسوف نقبلها، نريد أن يشعروا معنا أن هناك ثورة اندلعت في مصر.. اقترحوا أنتم طريقة لرحيلكم ولا داعي لادعاءات الطهارة والأيادي البيضاء علي الرياضة والاحتماء بجمعيات عمومية مشبوهة انعقدت الأيام الماضية ورتب لها الفلول بمواهبهم في سحب الناس كالقطعان.. المصيبة أن فلول النظام السابق قادت الجمعيات العمومية للأندية والاتحاد بنجاح منقطع النظير خاصة في اتحاد الكرة والأهلي.. والمصيبة أن هذه الجمعيات تمثل »النخبة« الرياضية بحكم توعية الأعضاء وهي جزء من نخبة قادت الثورة العامة لكنها قالت »لا« للثورة من خلال الأندية، بينما قالت الجماهير في المدرجات »لا« للفلول حتي أن »الالتراس« احتجوا جزءا من المعادلة الثورية.. لقد قدم فلول النظام السابق من خلال جمعيات الأندية والاتحادات نموذجا في كيفية إجهاض التغيير والثورة وأكدوا لأساتذتهم في السجون أو في الكهوف التي يختفون فيها أنهم أكثر »حرفية« في استخدام القانون والناس في إجهاض عملية القضاء علي الفساد. فلول الرياضة قدموا نموذجا لما يمكن أن تكون عليه الانتخابات التشريعية المنتظرة وكيف يستطيع النظام السابق أن يوجه الجماهير ويحرك الأغلبية الصامتة التي تتلاطمها الأمواج وتشق صفوفها مؤامرات الثورة المضادة وتضطر تحت وطأة الفقر أن تنساق وراء رأس المال المشبوه وتختار مصالحها الضيقة، وهي تدرك في نفس الوقت أن رموز النظام السابق رحلوا بالثورة وليس بالقانون. وتواجه الرياضة مشكلة لا تعاني منها السياسة وتتمثل في الإعلام.. لأن الإعلام الرياضي لظروفه وطبيعته الخاصة أضعف من أن يستوعب ما حدث في مصر.. فما حدث أكبر منه بكثير ولذلك فهو لا يستطيع التوجيه ولا يصل إلي منهج للتعامل مع حالة الرياضة علاوة علي أنه في أغلبه مرتبط بمصالح متينة مع الفلول الرياضيين.. إلي جانب أن الإعلام والإعلاميين بصفة عامة لم يتأثروا اقتصاديا بالثورة.. فهم تقريبا الشريحة الوحيدة التي حافظت علي معدلات دخولها المالية.. فمازلنا نسمع عن إعلامي يحصل علي 9 ملايين جنيه في السنة أي أنه يحصل علي أكثر بكثير مما يحصل عليه فرقة البرتغاليين في الأهلي بقيادة مانويل جوزيه، وأكثر أيضا من نجوم ملاعب ملء السمع والبصر مثل محمد أبوتريكة وشيكابالا.. ومن هؤلاء الإعلاميين المتخصصين منهم في الرياضة مثل أحمد شوبير ومدحت شلبي وغيرهم يحركون مشاعر الجمهور نحو الموجة الأعلي في المجتمع بملايين يحصلون عليها سنويا لا يقدمون مقابلا لها أي فكر إعلامي يعتمد علي »الموضوع« لا علي الإتاوة، ولا يتحرج من التلون بين اليسار واليمين وبين رجال الأعمال، ولا يحاسبه أحد حتي لو قال إنه »مزور« سابق في الانتخابات. المصريون يريدون الحد الأدني من حقوق المعرفة.. معرفة طبيعة الصراع بين الثورة والثورة المضادة.. والرياضيون منهم يريدون الحد الأدني من معرفة السبب في فصل الرياضة عن الشرعية الثورية.. ولا يهمها في هذا المقام أن يبقي حسن صقر وحسن حمدي وسمير زاهر وهاني أبوريدة أو لا يبقون.. هن يريدون أن يفهموا أولا قبل أن يتحركوا ونحن نحاول أن نأخذ بيدهم إلي هذا الفهم.