هذه هي الأخبار دائماً، الشجا فيها يبعث الشجا، كما يقول الشاعر في رثاء أخيه..حادثة تتلوها حادثة، وموت يعقبه موت، في سلسلة من الفواجع لا تنتهي . منذ أن علمت بوفاته، دمعتان لم أستطع كتمهما : دمعة القلب، ودمعة القلم..دمعَ القلب-وحقّ عليه الدمع-علي قلب صاف من الحقد والغل، لم تكدره صراعات الصحافة، ولم تُغره بزخرفها وزينتها، فملك أمره، وتمسّك بمبدأه حتي أتته راغمة في أبهي صورة، فاعتلي صهوتها، وتوازي قلمه مع كبار كتابها، بل سبق الكثيرين ممن يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهم في حقيقتهم أقزام. ملامحه مطبوعة علي الجدران، صولاته في طرقاتها وبين ناسها، ضحكاته ومداعباته، وكأني به أمامي يحمل مقاله طالباً مني قراءته وإبداء رأيي فيه . قضي هشام العجمي نحبه، ونحن ننتظر، في خطفة للموت لا وَزر لنا منها، ولن نجد من دونها ملتحدا، وهو حقّ، وحقّ لنا العَبرة والعِبرة..قضي هشام وليس هناك من يملأ فراغه..قضي ولم يقل لنا من سيكون فاكهة الأخبار غيره.. قضي بعد أن امتلأت"دفاتر أفكاره"عن آخرها بحب زملائه.. وعزاؤنا فيه أنه عاش كالجبال ومات واقفاً كالأشجار.