شاهد المصريون جميعاً بل العالم كله السيارة البيضاءالأمريكية في الليلة السوداء، ليلة 82 يناير الماضي، وهي تدهس ابناء الشعب المصري الثائرين في مشهد ليس مستفزا فقط ولكنه مشهد رعب ربما لا يصدقه الا من يراه. هذا المشهد الصدمة، والذي ظل يثير تساؤل واستفزاز المصريين طوال 8 شهور، بينما السفارة الأمريكية لا تجد كلاما تواجه به هذه التساؤلات.. كما أن حكومة التسيير الرشيدة لم تخرج علينا بكلمة واحدة..والنيابة العامة التي أحالت قضايا قتل المتظاهرين، لم تصدر بياناً واحداً يقول إيه حكاية السيارة البيضاء.. وتجيب عن تساؤلات عديدة منها: هل تقدم أحد ببلاغ أو أكثر؟ هل جاء في التحقيقات مع أحد من المتهمين أو الشهود (سيرة) السيارة البيضاء والتي أكد الجميع أنها تخص السفارة الامريكية. أخيراً وبعد 8 شهور خرج مسئول بسفارة أمريكا يؤكد أن السيارة البيضاء التي دهست المواطنين يوم 82 يناير خلال أحداث الثورة المصرية لم تكن الوحيدة التي سرقت من جراج السفارة! بل كانت ضمن أكثر من 32 سيارة تمت سرقتها بعد انسحاب قوات الأمن من تلك المنطقة! وقال (هو نفس المسئول الأمريكي) إن عملية السرقة تمت بسبب وجود مفاتيح تلك السيارات داخلها وقال إنه تم ضبط سيارتين من السيارات المسروقة ولم نجد للبقية أثرا! كما نفي نفس المصدر ما أشيع عن وجود أي مسئول داخل السيارة التي دهست المواطنين! الخبر يثير الضحك قبل التساؤلات ومثيرايضا لحالة الاستفزاز المستمرة منذ يوم 82 يناير حتي الآن.. خاصة عندما تستعيد ذاكرتك مشهد القتلي تحت عجلات السيارة الأمريكاني. السفارة الامريكية فضلت ان تتحدث عن السيارة التي دهست مصريين بعد 8 شهور.. واكتشفت (وهي أمريكا العظمي) أن هناك 32 سيارة مسروقة.. فهل أبلغت الشرطة أو النيابة عن السرقة في وقتها؟ أم أن اكتشاف السرقة جاء بعد 8 شهور؟ ادعي الخبر أيضا ان لصوصا (طبعاً مصريين) وصلوا للسفارة الامريكية (المحصنة) ودخلوا الجراج (المنيع) وخرجوا بثلاث وعشرين سيارة موضوعة بالجراج تحت تصرف أي لص وبداخلها المفاتيح! ياسلام.. وان السفارة الأمريكية (الوديعة) ضبطت سيارتين فقط.. فهل قامت هي برحلة البحث والضبط، أم جهاز الشرطة المصرية؟ وأين يا تري ال 12 سيارة الباقية؟! ونفي المصدر الامريكاني وجود مسئول داخل السيارة التي دهست المواطنين فهل السيارة تدهس المصريين الثائرين بدون سائق؟ الأمريكان يتعاملون مع المصريين علي أنهم شعب ساذج يمكن أن يصدق أي شيء وكل شيء. أما الحكومة المصرية الانتقالية فمازالت تتعامل مع الشعب المصري بنفس الطريقة القديمة التي كان يتعامل بها النظام السابق.. لا تصريحات.. لاحقائق.. لا معلومات.. لا شفافية. فإذا صح تصريح المسئول الامريكاني (وأنا شخصيا لا أصدقه جملة وتفصيلا) فهي مصيبة. وإذا صح ان الحكومة الانتقالية تعلم عن السيارة البيضاء الكثير ولم تخبر الشعب المصري بالحقائق فهي مصيبة أكبر. وإذا اصرت الحكومة علي تجاهل ما تضمنه التصريح، فعليها أن تغادر مبني مجلس الوزراء لتأتي إلينا حكومة انتقالية أخري، تصارح المصريين بما يحدث حتي لو كان أمريكاني.