عندما أتوجه لمشاهدة أي عرض مسرحي تكون عيني علي الجمهور.. أهمية تواجد الجمهور تأتي من كونه الضلع الثالث للعرض بعد النص والممثل.. شاهدت مسرحية (سلطان الغلابة ) بمسرح الغد في الأسبوع الماضي بطولة الفنان الكبير أحمد راتب والفنانة الرقيقة حنان سليمان التي أصبحت حريصة في السنوات الأخيرة علي التواجد علي خشبة المسرح.. أدهشني الجمهور الكبير الذي امتلأت به القاعة وأكد لي مدير عام المسرح المخرج حمدي أبو العلا ومخرج العرض محمد متولي أن ما رأيته يحدث يوميا وهذا في حد ذاته أكبر مشجع للفنان، فهناك شبه كبير بين العرض المسرحي ومباراة كرة القدم فلا يمكن للاعب أن يؤدي بقوة في مباراة بدون جمهور .. عندما تهتف الجماهير وتصفق للاعب يستعيد روحه ويتألق وينفعل .. هذا ما يحدث بالضبط في العرض المسرحي فالحشد الجماهيري يجعل الفنان يكاد يطير من الفرحة وهذا تقريبا ما فعله أحمد راتب في هذا العرض.. هو يؤدي شخصية معروف الاسكافي الذي أصبح سلطانا علي البلاد وهو يريد تحقيق العدل بين الرعية ويسعي إليه ولكن زوجته وأركان حكمه الذين ينهبون المملكة يقفون ضده ويتآمرون عليه ! أحمد راتب يبهرنا في العرض بحركته الواثقة وامتلاكه زمام الأمور واستطيع القول إنني لم أشاهده بهذا التألق منذ سنوات طويلة وحنان سليمان أراها في دور جديد يختلف عن معظم أدوارها السابقة بدرجة إجادة عالية وخفة ظل غير عادية بجانب شريف عواد وآدم وشريهان شاهين وأحمد الشريف ومحمد عابدين ومحمد صلاح وأحمد نبيل وللحقيقة فقد تألقوا جميعا وكانوا علي درجة متساوية من الإجادة وفي ظني ربما يعود هذا إلي المساحات المتساوية في الأدوار ويحسب هذا للمؤلف الدكتور مصطفي سليم الذي كتب الأشعار أيضا واستطاع توظيف احدي حكايات ألف ليلة وليلة بشكل رائع وبحرفية كاتب ناضج استفاد كثيرا من أعماله السابقة .. كما يؤكد محمد متولي انه مخرج من الدرجة الأولي فقد قدم عرضا سريعا في إيقاعه.. حافظ علي دراما العرض وعرف كيف يستفز الممثلين ليخرجوا أفضل ما عندهم.. ألحان باهر الحريري مع الفرقة الموسيقية شئ يفرح.. باختصار عرض متكامل بقيادة حمدي أبو العلا .. والشيء بالشيء يذكر أري أن التحية واجبة للسيد محمد علي رئيس البيت الفني للمسرح الذي ترك مساحة من الحرية لمديري الفرق فسعوا إلي الجودة شعارا لعروضهم الجديدة. وبالمناسبة أصبح مهما للغاية أن يتم تفعيل إدارة التسويق بالبيت الفني للمسرح وأيضا بالبيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية والتأكيد علي أهمية هذه الإدارة في جذب الجمهور إلي المسارح وكذلك إيجاد مورد إضافي للإنفاق علي العروض وأن يتم الاتفاق مع وزارة المالية في هذا الشأن لانه من غير المعقول أن يمثل الفنانون أمام مقاعد خالية تحت دعوة حق يراد بها باطل من أن الثقافة خدمة مجانية من الدولة للمواطن.. الأمر ليس كذلك وليس معني دعم الثقافة ان يضطر الممثلون إلي دفع مبالغ من جيوبهم لشباك التذاكر لكي يستمر العرض وتقديم الليالي المتفق عليها .. وهذه مشكلة مزمنة في مسرح الدولة لابد لها من حل واضح وهو التسويق وان يوضع لها لائحة واضحة ونسبة عمولة متفق عليها وان تتساوي كل العروض في هذا المعيار.