حتي يصدر القانون الذي يمنع التمييز بين المواطنين ويعاقب عليه، لابد من اجراءات سريعة تقول للناس ان العهد الذي كان بعض المواطنين يعاملون فيه كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية قد ولي، وأن الكفاءة وحدها هي المقياس وليست الواسطة ولا القرابة ولا المحسوبية! عندهم ألف حق أوائل كليات الحقوق وهم يطلبون حقوقهم الضائعة ويناشدون المسئولين ألا تصدر قرارات بتعيينات جديدة في النيابة العامة أو الهيئات القضائية إلا بعد تغيير القواعد التي سادت في السنوات الماضية وسمحت بتعيين أبناء العاملين في هذه الهيئات من الحاصلين علي مؤهلاتهم الجامعية بالعافية وبأقل التقديرات، وعلي حساب الاوائل والمتفوقين الذين تم استبعادهم لانهم من أسر فقيرة او متوسطة او لانهم سيمنعون سرقة الوظائف لأنجال العاملين!! عندهم ألف حق لان هذه التعيينات لو صدرت علي نفس القواعد فهي لا تعني إلا شيئا واحداً، وهو أن الثورة لم تصل بعد إلي حيث ينبغي أن تصل، وأن العدل مازال بعيداً، والمساواة بين المواطنين لا مكان لها في الواقع!. في ظل نظام كان يسعي لتوريث الحكم، كان طبيعي أن ينتشر مبدأ التوريث في حياتنا، وأن تنفتح الأبواب لتوريث الوظائف في كل المجالات. وبعد ان كان التعليم هو الوسيلة للرقي في المجتمع والتفوق هو الطريق للوظيفة والمكانة وقهر الفقر وتغيرت الأحوال وسدت الطرق أمام الشباب ليصعد بموهبته وكفاءته.. فالوظائف المميزة محجوزة للأبناء والاقارب، والطرق مفتوحة فقط أمام اصحاب النفوذ، وقانون التوريث الفاسد يضمن توظيف الابناء الذين حصلوا علي مؤهلاتهم ولو بدرجة »غبي« بينما الاوائل يعانون البطالة او يعملون في محطات البنزين أو يلجأون للهروب من الوطن أو من الحياة.. شعوراً بالظلم والهوان. في عهد الثورة لا ينبغي أن يكون هناك مكان للمحسوبية أو الواسطة أو توريث الوظائف.. ولا يمكن ان نعاقب الناس علي تفوقهم، أو نحرمهم من حقوقهم لان آباءهم لا يملكون وظائف يورثونها لهم أو نفوذاً يعطيهم ما لا يستحقون!! لقد أسقطنا التوريث في الحكم، فمتي نسقطه في باقي مؤسسات الدولة؟