تقترب جورجيا السوفيتية سابقا نحو الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في محاولة منها للتخلص من التهديد الروسي والاستفادة من القدرات العسكرية للحلف. وفي هذا البلد المجاور لروسيا، أطلق حلف الناتو مناورات عسكرية متعددة الجنسيات، تحت اسم »شريك يستحق الثقة 2018» تستمر حتي منتصف الشهر الجاري. وقال وزير الدفاع الجورجي »ليفان إيزوريا» إن المناورات والتدريبات سوف تساهم في دمج الجيش الجورجي بمعايير الناتو. وكان الحلف قد أعلن عن تأييده لانضمام جورجيا إليه خلال اجتماع في بروكسل دون تحديد موعد، وهو ما تعتبره موسكو انتهاكا خطيرا لمنطقة نفوذها. وقال رئيس الوزراء الروسي »ديمتري ميدفيديف» في الذكري العاشرة للحرب الروسية-الجورجية إن خطوة انضمام جورجيا للحلف تؤدي إلي »صراع مروع». وتساءل ميدفيديف مستنكرا »هل سيعطون العضوية إلي دولة بها نزاع إقليمي قائم؟»، حيث يعتبر ذلك عكس شروط الانضمام للحلف. وكان ميدفيديف هو الرئيس الروسي خلال حرب أغسطس 2008، التي اندلعت عندما حاولت القوات الجورجية دون جدوي استعادة السيطرة علي إقليم أوسيتيا الجنوبية الانفصالي الذي تدعمه موسكو. وبعد الحرب فقدت جورجيا السيطرة تماما علي كل من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، خلال حرب قصيرة استمرت 6 أيام، عززت روسيا خلالها جوها العسكري في كلا المنطقتين واعترفت بهما كدولتين مستقلتين، في خطوة لم يعترف بها دوليا. ومع استعداد الجيش الروسي للتقدم في العاصمة الجورجية، قبل ميدفيديف حينها الهدنة التي توسط فيها الاتحاد الأوروبي، بعد أن أدي الصراع إلي مقتل ما يقرب من 850 شخصًا ونزوح مئات الآلاف. وحذر خبراء من إنه في حال ظهور أسلحة »الناتو» قرب الحدود الروسية، فإن موسكو ستتخذ التدابير الضرورية لضمان أمنها وأمن حلفائها، كما ستتجه المحادثات الجارية حول تطبيع العلاقات بين تبيليسي وموسكو إلي مصير مجهول. وما يثير قلق الغرب، إن روسيا تمتلك 19 قاعدة عسكرية في أوسيتيا الجنوبية وحدها، وما زالت أنشطتها في المنطقة، علاوة علي ضمها لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014. ويسيطرالجيش الروسي وحلفاؤه حاليا علي ما يقرب من 20 % من أراضي جورجيا. وأعلن كل من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي رفضهما للوجود الروسي في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، معتبرينه »انتهاكا للقانون الدولي». وفي الذكري العاشرة للحرب الخاطفة، زار وزراء خارجية لاتفيا وليتوانيا وبولندا وعضو في الحكومة من أوكرانيا، تبيليسي وحثوا روسيا علي سحب قواتها من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. دائما ما تثير محاولات دول شرق أوروبا للانضمام إلي حلف الشمال الأطلسي غضب روسيا، مثل انضمام دول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، لاتفيا، إستونيا) للحلف وسعي أوكرانياوجورجيا المستمر استيفاء شروط العضوية. إذ إن توسع الحلف في نطاق المجال الحيوي الروسي، يقضي علي كل محاولة روسية لإيجاد تكامل اقتصادي وسياسي وأمني مع جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة. في حين تجد دول وسط وشرق أوروبا وجمهوريات البلطيق الانضمام للناتو فرصة ذهبية، حيث يضمن حمايتها من أي تهديد روسي، وضمان آخر لمساعدة اقتصاداتها المنهارة في عملية الإصلاح والتحول والحصول علي دعم الاتحاد الأوروبي. ومن جانبها، تسعي الولاياتالمتحدة من تأييدها لتوسيع الحلف إلي تحقيق وجود عسكري أمريكي في أوروبا الشرقية. وما يغفله البعض أن جورجيا حليف استراتيجي للولايات المتحدة، لذا تقدم لها واشنطن مساعدات بقيمة 100 مليون دولار كل عام، وهو ما يرتبط بدور تبليسي النشط في دعم نشاط الحلف في أفغانستان. وذلك بالإضافة إلي أهميتها الجغرافية السياسية مع وجود روسيا إلي الشمال، وتركيا إلي الغرب، وإيران ليست بعيدة إلي الجنوب، كما تقع علي مفترق طرق أوروبا والشرق الأوسط، وتعتبر طريقا للنفط من بحر قزوين.