منذ أكثر من خمس سنوات جاء علي لساني التصريح في أحد حوارات بعض الصحف بأن الوضع المتردي في مصر يحتاج إلي حكومة وطنية قادرة علي قيادة البلاد إلي مستقبل أكثر إشراقاً.. مستقبل تكمن فيه آمال الشعب وطموحاته بما يتوافق مع النظم المتقدمة في العالم، وهذا التصريح أغضب الكثيرين من الوزراء الذين ملأهم الغرور والتشبث بالسلطة دون إنجاز حقيقي يليق بمصر وقوامها الحضاري والإنساني، والآن بعد ثورة 52 يناير 1102 والارتباك المستمر في تشكيل الحكومة الذي فشل أكثر من مرة نتيجة لغياب رؤية واضحة وسياسات محددة.. وأصبح التغيير رهن ميدان التحرير الذي ضَّم ائتلافات متعددة ومنقسمة علي نفسها بالإضافة إلي تفكك الأحزاب باختلافاتها السياسية.. وظهور الأحزاب الدينية والفصائل الاسلامية المتعددة والتي تبارت بمنصات بالتحرير وتحولت الحركة السياسية إلي أبواق تملأ فضاء مصر، وإذا اعتبرنا هذا الحراك السياسي ظاهرة صحية وشكلا ديمقراطيا نجده حراكا ليس له اتجاه واضح يؤكد علي المصلحة العليا لمصر، بينما يغيب عن المنصات ما يسمي بمستقبل مصر لا رؤية، ولاسياسات، ولا إتفاق، ولا توحد حول أهداف كما بدأت الثورة، وامتد ذلك إلي الاعلام المصري الذي تزاحمت فيه البرامج المتكررة تحت اسماء براقة جاذبة، ولكن جميعها تنقب في الماضي بتفاصيل مملة.. وأنا لست ضد البحث عن سلبيات وفساد الماضي ليكون عبرة ودروسا للحاضر والمستقبل، ولكن أين المستقبل بعد الثورة أين رؤي العلماء والمفكرين لمستقبل مصر، كنت أتمني بأن يفسح المجال لبرامج عن المستقبل يتحدث فيها خبراء في شتي مجالات الحياة لمساندة وإنارة العقول للمسئولين عن مصر حكومة وشعبا، كنت أتمني أن يدرج برنامج مستقبل مصر العلمي، وبرنامج للتوعية السياسية للشعب وخاصة الأميين من العامة ومن المتعلمين للتعريف بمعني الديمقراطية والحرية وتقديم نماذج مجتمعية من العالم، فالإعلام المصري مازال في غياب عن الدور الحقيقي المنشود في هذه الفترة الحرجة، وعلي الجانب الآخر ما حدث خلال الأسابيع الماضية في الصعيد والعريش وأمام أكاديمية الشرطة أثناء المحاكمات، مضافا إليه ظاهرة الانفلات الأمني والبلطجة وعمليات السطو المسلح والسرقة في عز الظهر والخطف وترويع المواطنين، وانتشار الائتلافات في كل مكان بمؤسسات الدولة تحت شعار محاربة الفساد.. ولكن في الحقيقة هذا أربك قيام هذه المؤسسات بواجباتها تجاه المجتمع، واتخيل استمرار هذا الانفلات العام ليمتد حتي الانتخابات البرلمانية والرئاسية في غياب التوافق الموضوعي والوطني بين جميع أحزاب وفصائل المجتمع المختلفة، والأحداث علي أرض الواقع محزنة والخوف من تصاعد الفوضي والانفلات الأمني وخاصة بأن الأسلحة العشرة آلاف التي أعلن عنها بأنها سرقت من أقسام الشرطة مازالت في حيازة أفراد.. وشددت البيانات بالسجن المؤبد لمن يحمل سلاحاً غير مرخص.. بالرغم من ذلك لم يتم العثور علي حاملي هذه الأسلحة وهذا تحد للسلطة من قبل بلطجية مأجورين، ووصل الأمر الاعلان من قبل وزير الداخلية بأن من يتقدم بسلاحه سيعد ذلك مرحلة اجرائية للترخيص لحامل السلاح، هذا يعد ضعفا شديدا وتراجعا لهيبة الدولة وعدم القدرة علي اتخاذ إجراء حاسم وتنفيذ منضبط وحازم لأن أمن المواطنين واستقرار الوطن هو المصلحة العليا لا يجب التهاون فيها، لذا فالحكومة الوطنية العسكرية ضرورية في هذه المرحلة الحرجة.