استمرار الفساد لسنوات عديدة يؤدي إلي التعود عليه ويصبح من الأمور العادية هل انتشار الفساد، وكثرة أعداد المفسدين الذين حولوا حياة الشعب إلي جحيم.. هل هذه ظاهرة طارئة، أم للفساد تاريخ قديم عبر العصور. والسؤال الآن كيف نواجه هذه الظواهر المرضية، التي لو تركت وشأنها بلا علاج حقيقي، وحاسم، تصبح مصدر خطر علي الشعب، ومن المعروف أيضا أن الفساد لا يقتصر علي أمر واحد، فهو اشكال وألوان، فهناك الفساد الإداري، والفساد المالي والفساد السياسي والحزبي، والأشد قسوة وخطرا هو الفساد الأخلاقي، الذي يقود إلي شيوع النفاق والرياء والكذب وانتشار البلطجة وهو الأب الشرعي للانحراف، والمنحرفين.. وهو الذي يصيب مبدأ تكافؤ الفرص في مقتل ويؤدي إلي فقدان العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات، وإذا نزل بأمة، وتوطن فيها، فقل عليها السلام.. فهو كالسوس الذي ينخر في العظام ويحيلها إلي زجاج يتكسر أو كالهشيم تذروه الرياح.. وللأسف يدفع فاتورته الباهظة الفقراء، فيزداد الفقيرفقرا وجهلا ومرضا، وفي ظلاله تضيع حقوقهم،ولا صوت لهم في أي أمر يخص حياتهم، ويصبحون سلعة تباع وتشتري، ويسقطون فريسة سهلة لاطماع رجال المال وطلاب السلطة والجاه والنفوذ، الذين يحكمون سيطرتهم علي مقدرات الشعب، ويوجهون اقتصاد البلاد وفق مصالحهم. ولقد أظهرت نتائج دراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ان هناك عشرة ملايين فقير في ألف قرية مصرية، وللأسف لا يفزع المسئولون من انتشار الفقر بين الناس، وكثيرا ما قرأنا تصريحات لعدد كبير من الوزراء في النظام السابق ان وجود فقراء ليس مشكلة الحكومة، وان القضاء علي الفقر ليس مسئولية الحكومة، ويصبح السؤال: إذن مسئولية من؟ وإذا تخلت الدولة عن أحد مهامها الأساسية، وهو رعاية الفقراء،والحد من ظاهرة انتشار الفقر، ما هو دورها إذن، وماحاجة الشعب لهذه الحكومة العاجزة عن آداء مهامها، ومن الأفضل ان ترحل، وتترك الحكم ليأتي من هو أقدر منها علي القيام بهذه المهمة الإنسانية، وكشف تقرير المنظمة الدولية للشفافية ان حكومة د. عاطف عبيد شهدت تجاوزات صارخة، طبقا لبيانات الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث وصل حجم الكسب غير المشروع إلي 001 مليار جنيه وحجم غسيل الأموال المهربة إلي 005 مليون جنيه، أما حجم الرشاوي فقد وصل لأكثر من خمسة مليارات جنيه. وأرجع التقرير تزايد عدد الفقراء وتزايد معدلات الفساد إلي إهدار المال العام وإلي ضعف الأداء الحكومي، والتحايل علي القوانين والتشريعات الاقتصادية، إلي جانب تدهور الدور الرقابي الذي يناط بمجلس الشعب ممارسته، مع وجود علاقات مشبوهة، واستغلال المسئولين للخلل الإداري في التربح بصورة غير مشروعة، وما نشاهده اليوم من محاكمات مع رموز الفساد في النظام السابق، يؤكد صدق هذه التقارير الدولية، لأنها مستقاة من مصادر مسئولة.. وعندما ينتشر هذا الميكروب في دوائر القيادة والحكم، يتسرب ذلك إلي مستويات أقل، واستمرار الفساد لسنوات عديدة يؤدي إلي التعود عليه ويصبح أمرا من الأمور العادية.. الغريب أن أحد رموز الفساد الكبار الذي يحاكم الآن بتهم عدة منها افساد الحياة السياسية والمالية في مصر كثيرا ما ردد تحت قبة البرلمان ان الفساد في المحليات وصل إلي الأعناق.. ونسي الرجل نفسه، أين يقف من هذا الفساد.. وكم حقق له من ثروات. إن المفسدين معروفون بالاسم، بالصوت والصورة لكافة الأجهزة الرقابية، ولكن لا أحد يتحرك، فقد تُرك الفاسدون يعيثون في الأرض فسادا.. من منطلق بان ربنا أمر بالستر. إلا مياه الشرب تابعت لفترة طويلة، مياه الشرب، وتشعر وانت تشربه برائحة نفاذة غير مستحبة بل ومنفرة، ومنذ القدم يعرف الماء بانه سائل لا لون له ولا طعم ولا رائحة.. عكس ما نحسه في هذه الايام وتساءلت عن اسباب هذا التغير، هل تعود ان مياه النيل، ومحطات تنقية المياة، وضخها في البيوت، جاء نتيجة تلوث النهر، وما اصاب البيئة من تلوث وتدهور، ام ان سحب المياه من الضخامة بحيث لا يمكن محطات تنقية المياه من القيام بدورها في التنقية علي الوجه الاكمل.. قد نتقبل قهرا وجبرا تلوث البيئة وانتشار الزبالة في الشوارع، وأمام المنازل، والتي أصبحت من المشاهد المألوفة في حياتنا، ولم تعد تثير الغضب أو الدهشة ولكن المرفوض، وغير المقبول ان يمتد التلوث إلي مياه الشرب، فالماء هو سر الحياة وبدونه لا يوجد إنسان أو حيوان أو نبات علي وجه الأرض.. لقد جعل الله سبحانه وتعالي من الماء كل شئ حي.. وكل ما نستطيع ان نقوله للمسئولين عن صحة الشعب، إلا الماء، فهو أساس الحياة وسر بقائها، وليس أقل من أن يجد المواطن المغلوب علي أمره في كل شئ كوب ماء نظيفا يحفظ عليه حياته.. ويحميه من الأمراض، ويكفي ما يعانيه من صعوبات يومية، ومشقة، في طلب الرزق ينوء بحملها الجبال، كما أننا لسنا في حاجة إلي صعوبات جديدة. فلدينا ما يكفي ويزيد..