صدمني التقرير الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا بشأن البطالة ومعدلاتها المختلفة في المجتمع.. فلقد جاءت هذه المعدلات لتؤكد أننا علي اعتاب كارثة تهدد مسيرة التنمية في شتي المجالات وعلي جميع المستويات. فهناك رباط وثيق وعلاقة طردية بينها وبين التخلف.. فالقراءة المتأنية في جوانب التقرير تشير الي ان نحو 4.02٪ من الشباب في الفئة العمرية من 81 الي 92 سنة يعانون من البطالة للذكور 5.11٪ والإناث 5.64٪.. وان نسبة البطالة بين الذكور الحاصلين علي مؤهل جامعي لنفس الفئة العمرية بلغت 8.62٪ ولكنها انخفضت بين الحاصلين علي المؤهلات المتوسطة ما بين 3.91٪ و2.11٪ أما الاناث فقد بلغت نسبة البطالة في نفس الفئة العمرية حوالي 1.55 بالنسبة للحاصلات علي مؤهل جامعي و1.65٪ للحاصلات علي مؤهل متوسط. وان عدد الشباب في الفئة العمرية حوالي 91 مليون نسمة اي انهم يمثلون حوالي 3.42٪ من اجمالي السكان بتعداد العام الماضي.. وقد القت هذه النسب بظلالها علي الطلاب والطالبات المقيدين بالجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد الفئوية. واذا كانت مشكلة البطالة ظاهرة عالمية تواجهها الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء فنحن في مصر نعتبرها العدو اللدود للتقدم والتنمية وتكاد تكون محورا مهما للاستراتيجيات التنموية بعد ثورة 52 يناير لهذا فلها الاولوية في هذه المرحلة. فهي تحمل الكثير من الابعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية بسبب سياسات التعليم المقلوبة التي عجزت عن مواكبة المتغيرات وادت الي تخرج طابور لا نهاية له من الشباب العاطل في كل المجالات مما أصبح هؤلاء عبئا علي الاقتصاد وبرامج ومحاور التنمية بالاضافة الي أن البطالة لها خطورتها اذا تجاوزت الحدود المتفق عليها عالميا لان آثارها السلبية تطول كل شيء.. وفعلا وصلت اليها بصورة اصبحت مقلقة وانعكس ذلك علي السلوكيات والتصرفات وأصبح طابور البطالة قنبلة موقوتة بعد ضياع برامج تدريب وتأهيل الخريجين وان وجدت فانها لا تتناسب واحتياجات سوق العمل وسوء التخطيط المركزي، ثم تتمتع مصر بالعديد من الميزات النسبية في مختلف المجالات. ولقد اعترفت الحكومة بمسئولياتها عن هذه الكارثة فقررت التوجه الي صرف تعويض بطالة للشباب بداية من العام المقبل. الحلول العملية للبطالة لابد ان يشارك فيها مختلف الجهات والوزارات وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني ورجال الاعمال والمستثمرون لان المسئولية مشتركة ولا يمكن لطرف ان يتحملها بمفرده.. والحل ليس بالوعود الوردية والتصريحات الرنانة.. آن الآوان للاستفادة من تجارب النمور الآسيوية بانشاء المزيد من المشروعات التي توفر فرص العمل.. وزيادة الاستثمارات والمشروعات وهذا يحتاج لمناخ آمن سياسيا واقتصاديا.. مع إعادة النظر في النظام الضريبي واصلاح قواعد الاستثمار والزام القطاع الخاص بدوره لقيادة التنمية وربط سياسات التعليم والتدريب باحتياجات السوق واعادة النظر في نظم القبول بالجامعات والمعاهد والمدارس ضمانا لتصحيح مسار التدفق الطلابي والتوجيه للمجالات التي تعاني العجز.. والدعوة لتعبئة المدخرات الوطنية واسترداد الاموال المنهوبة وتوجيهها لمشروعات تنموية قومية ووضع مشروع مصري للتدريب التمويلي للخريجين واكتساب المهارات وتوفير القروض الميسرة للشباب للتوجه للانتاج الزراعي ومنح كل خريج 5 أفدنة وفترة سماح 5 سنوات للقروض ذات الفائدة البسيطة.. والاصلاح الحقيقي لتنظيم التعليم بعد تعدد اهمال الحكومات له.. فهذا هو طريق مواجهة كارثة البطالة التي تهدد السلام الاجتماعي والتنمية. [email protected]