الأربعاء الماضي الموافق العاشر من رمضان الذي توافق مع السادس من شهر أكتوبر عام 3791، وأصبح من العادات الحميدة استدعاء هذه الذكري الخالدة التي أصبحت بصمة دافعة في ذاكرة الوطن وأيضا ذاكرة العسكرية في العالم.. وكان للعبور وتحطيم خط بارليف صدي عالمي غير مسبوق وتحول الحدث إلي دروس في التكتيك العسكري بأكاديميات العالم العسكرية، وامتدت ذكري الاحياء لتشمل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان في كل عام، وتأتي ذكري الانتصار هذا العام لتتوافق مع ثورة 52 يناير 1102 السلمية التي انفجرت كالبركان في مواجهة العدو من الداخل الذي نهب ثروة مصر وحول الشعب إلي طوائف تنحت في الصخر من أجل أن يعيش حياة كريمة، وجاء ذلك بفعل شباب مصر.. ويجب أن نتأمل تاريخ الشعوب وثوراتها وحروبها ضد الظلم وضد المستعمر نكتشف أن المرحلة العمرية للشباب هي صانعة حركات التحول والتقدم، لذا أصبح من الثوابت الآن بل المسلمات بعد الكشف عن حجم الفساد خلال العقود الماضية نجد أن مصر فقدت عقودا من تقدمها وتنميتها جراء هذا النظام الفاسد، وهذا لا يعني أن هذه الفترة لم يتحقق فيها انجازات مهمة.. ولكن لا تتوافق مع حجم هذا الوطن، ولا يتوافق مع معايير التقدم والتنمية من منظور القياسات العلمية، وتم ذلك بفعل فاعل من قبل نظام افتقد الأمانة الوطنية، نظام تجاهل استثمار الروح الوطنية الرائعة التي تعمقت في نفوس المصريين منذ 7691 وحتي 3791.. ظل النظام بجميع وسائله الحزبية والإعلامية والقمعية في تغييب عقل المواطن المصري وعزله فكريا ووطنيا عن جسارة وشجاعة وعبقرية شباب مصر الباسل الذي حقق نصرا عزيزا وغاليا لمصر بطرده العدو الصهيوني من سيناء الحبيبة غيبوا الشعب عن البطولات الفزة والتضحية والفداء لشباب مصر ورجالها من القوات المسلحة، غيبوا الشعب عن البطولات المعجزة لأكثر من مائة ألف شهيد، استشهدوا من أجل أن يعيش شعب مصر حرا مستقلا.. تحية إعزاز وإجلال لأرواح الشهداء الأبرار في حربي الاستنزاف وأكتوبر، وتحية إعزاز وفخار للأبطال الأحياء.. المجهولين الذين يعيشون في غربة عميقة في وطنهم دون استثمار تجاربهم الوطنية في أداء واجبهم تجاه الوطن والدفاع عنه، ظل الإعلام المصري وحتي الآن يقدم الدراما السطحية المتكررة والسباق التجاري المستمر، وأيضا يقدم الممثلين ونجوم الكرة والمطربين »النموذج« وحتي كتابة هذه السطور فجر التاسع من شهر أغسطس لم أشاهد مسلسلا واحدا وطنيا.. لم أشاهد تمهيدا لاحياء ذكري النصر العظيم لم أشاهد أبطال النصر علي الشاشة الفضية التي تأصل فيها سرطان التجاهل والتغييب، ويأتي العاشر من رمضان كما يحدث كل عام وعرض بعض الأفلام الهابطة وعدة لقاءات لا تتوافق ولا تتناسب مع حجم وقيمة الانتصار، ويجب علي الإعلام والدولة أن تعي بأن الشعب تيقظ وأصبح في ثورة مستمرة وأصبح قادرا علي الرفض وعلي فضح السياسات المتخلفة والرخيصة والهدامة، والدرس المستفاد هنا أن حرب الاستنزاف التي توجت بانتصار أكتوبر 3791.. وحدت جميع فئات الشعب بالجبهة الداخلية ولم يحدث حادث سرقة واحد ولا حادث بلطجة والجميع نساء وشيوخا واطفالا أرواحهم وقلوبهم خلف القوات المسلحة علي جبهة القتال، ولكن ما حدث بعد 52 يناير وحتي الآن عدم سيطرة وانتشار السرقة بالاكراه والقتل والبلطجة والفوضي والانفلات، وهذا يكشف تدني الوعي الوطني وغيابا للثقافة الوطنية، وغياب حكومة وطنية قادرة علي القيادة والسيطرة، نصر أكتوبر سيظل ذكري خالدة يملؤها عزة وكرامة الوطن.